رفض الصحافيون الجزائريون قانون الإعلام الجديد الذي صوت عليه المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) يوم الأربعاء الماضي، واعتصموا أمام المبنى صباحا، قبل إعلان بداية التصويت على القانون، حسب ما أورد تقرير ل»الجزيرة». ويتزامن هذا الحدث مع تجديد المَطالب بإصلاح قانون الصحافة المغربي، بما يلغي العقوبات السالبة للحريات وجعل هذا القانون المُعدَّل المرجعَ الوحيد للتعامل مع الصحافي. وقد طرح القانون جدلا كبيرا بين الإعلاميين والنواب، حيث عارضته -في ما يبدو- أغلبية الصحافيين معارضة شديدة، لكنه لقيّ ترحيبا محتشما من قِبَل البعض الآخر. وقد صوت البرلمان الجزائري بالأغلبية المطلقة على القانون، وخرج عضو التحالف الرئاسي، «حركة مجتمع السلم»، عن إجماع شريكيه، جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي، وصوّت ضد المشروع، بينما امتنع حزب العمال (اشتراكي معارض) والجبهة الوطنية الجزائرية (وطنيّ معارض) عن التصويت، في الوقت الذي انسحب نواب حركة النهضة (إسلامي معارض). ولا يسمح القانون المُصادَق عليه للصحافي بالوصول إلى مصدر المعلومة عندما يتعلق الأمر بسر الدفاع الوطني وأمن الدولة أو يمُسّ بما سمي «السياسة الخارجية للدولة أو المصالح الاقتصادية الإستراتيجية». وكان النائب عن «حركة النهضة»، محمد حديبي، قد طالب بعدم إدراج سرية التحقيق القضائي ضمن الممنوعات، لكن المقترح لم يؤخذ بعين الاعتبار، بحجة «حساسية وخطورة» تلك المجالات. وألغيت من نص مشروع القانون الجديد مواد تتعلق بمعاقبة من تثبت في حقهم تهمة نشر أو بث أي معلومة أو وثيقة تتضمن سر الدفاع الوطني والتحريض عبر وسائل إعلام على ارتكاب الجنايات والجنح ضد أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستُبدِلت بالتشديد على ضرورة ممارسة المهنة في إطار قانون الإعلام والقوانين والتنظيمات السارية. وإذا كانت عقوبة الحبس ضد الصحافيين قد ألغيت، فإن الصحافة ما زالت عملاً مُجرَّماً قانوناً يُعرّض الصحافي لغرامات جزائية ثقيلة تتراوح بين ثلاثين ألفا (300 أورو) و500 ألف دينار (5000 يورو) يتحملها شخصياً، مع العلم أن متوسط راتب الصحافي في الجزائر يبلغ نحو عشرين ألف دينار (200 أورو)، من دون أن يطرأ عليه تغيير منذ أكثر من عقد. وطالب الصحافيون المعتصمون أمام مبنى البرلمان رئيسَ الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أن يتدخل ل«قراءة» ثانية لقانون الإعلام تسمح -وفق ما ذكروا- بإشراك كل الصحافيين والفاعلين في القطاع في صياغة منظومة قانونية متكاملة هدفها الرئيسي تطوير الممارسة الإعلامية وتنظيم القطاع على نحو يضمن للصحافي كامل حقوقه، المهنية والاجتماعية. ويرى وزير الإعلام السابق، عبد العزيز رحابي، أن نواب الشعب صوّتوا ضد حرية التعبير، وأعاب إقرار مادة تغريم الصحافيين، واصفا ذلك بالكارثة التي ستؤدي إلى مشاكلَ بالجملة للصحافي، سواء مع القضاء أو مع المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها.