«في هذه الألفية الثانية، التي دخلت خلالها الأغنية واحدة من أعقد المراحل، زادتْها العولمة تِيهاً وسط أنماط غنائية مستجدّة، يطرح سؤال كيفية ضمان استمرار الفن الهادف وفرضه نفسَه». وفي سعيٍ إلى تكريس أصوات غنائية جديدة تخلُف رواد الغناء المغربي، من محمد فويتح إلى عبد الهادي بلخياط، فعبد الوهاب الدكالي ونعيمة سميح ولطيفة رأفت أو مجموعات نقشت حضورها بذهب في ريبرطوار الأغنية المغربية، انفتح «أنيس المبدعين»، الذي يُعدّه ويقدّمه حميد النقراشي على إذاعة طنجة، في حلقة صبيحة الجمعة، 16 دجنبر الجاري، على شباب تراودهم أحلام تقديم أعمالهم في جميل الأشكال وتعقُّب أصوات الرواد، أملاً في مضاهاة نجاحاتهم وتألّقهم.. وقد استضاف «أنيس المبدعين»، لهذه الغاية العوّاد الشاب يونس فخار، الذي قال، بعد أن افتتح السهرة بتقاسيم على العود: «ما زلتُ أتابع دراستي.. انضممْتُ إلى «كورال البوغاز» وأحييتُ رفقتَه حفلات وسهرات لمدة سنتين.. أنا فنان مزاجيّ.. في الطفولة، كان يعجبني رشيد غلام، نظرا إلى تلقيَّ تربية محافظة، فتعلقتُ بما كان يؤديه هذا الفنان.. وفي المراهقة، انفتحتُ على أغاني الحب مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وعبد الوهاب، كما أن لديّ عشقا خاصا للفنانتين لطيفة رأفت ونعيمة سميح، بحّتها الجميلة.. درست إلى أن حصلت على دبلوم في العود.. ساعدني أشخاص في مسيرتي.. حققتُ بعض أهدافي.. ولا أنسى فضل «فرقة «ابن بطوطة» عليّ.. بدأت بأغان عن الصحراء المغربية.. مع إيمان قرقبو (الفائزة بنسخة «أستوديو دوزيم»2008-).. أشتغل حاليا على الأغنية المغربية العصرية.. وسينزل ألبوم من كلماتي، ألحاني وتوزيعي وغناء».. كما أدّى أيوب الحوني مقطعا من أغنية قال إنها ثاني أعماله الخاصة، قبل أن يقول: «صوّرْنا الكليب بطريقة جديدة.. وهي تُبَث حاليا في قناة خليجية، وكانت من إنتاج إحدى الشركات الراعية للمسابقة التي كنتُ قد فزت فيها بجائزة.. صور لي شخص الكليب على حسابه الخاص، على أساس أن يتبنّاني، لكنّ ذلك لم يحدث»، مضيفا أن «الإنتاج يتطلب إمكانيات، فمن أجل أن تظهر في مظهر لائق، يجب أن تنتج أعمالا في المستوى، ما يعني استثمارات».. أما ياسين الهوامي، مغني الراب، فقال إنه «في أغنية الراب، يجب أن تحس بما تقول.. أكتب وأغني ما أراه وأسمعه وأحسّه.. لدي سبعة ألبومات، لكنني توقفت في 2009، بعد ألبوم «الحق».. إلى ففي أغنية الراب ليس هناك من يستطيع أن يدعمك.. كنتُ أقوم بكل شيء لوحدي».. وعقّب النقراشي، بعد مقطع أداه مغني الراب المذكور ليقول إنه أمر جيّد أن تكون لدينا أغانٍ تنتقد، ولكنْ وفق ضوابط واحترام الخصوصية.. وتدخلت صفاء العامري قائلة: «أنا طالبة في الباكلوريا.. أحببتُ الشعر، بما فيه الخليجي واللبناني.. ومن خلال «النت»، تعرفتُ على مُلحّنين مغاربة، منهم يونس فخار.. يعجبني الشعر عامة، لكنني توجّهتُ إلى الشعر الشرقي، وخصوصا أشعار نزار قباني. ليستْ لي دراية كبيرة بالشعر المغربي.. أي فنان أو شاعر يجب أن يعطيّ الأولوية لبلاده ويكتب بلغة تقريرية قريبة من فهم المتلقي، وشخصيا، أحاول تقديم أعمالي بدارجة مغربية.. صحيح أنه سبقني كثيرون، لكنني أتطلع إلى نوع مختلف».. وقال يوسف، أحد عناصر الثنائي جمال الدين ويوسف رضوان (الراب): «بدأت مسيرتي في 2002 وأتيحت لي فرصة للمشاركة في أحد البرامج في إطار رياضي في قناة «إم بي سي».. في آخر الحلقة قدّمتُ مقطعا قصيرا.. لم يعجبني ما تكلمتُ عنه».. قبل أن يقاطعه النقراشي قائلا إنه تُوجَّه للراب انتقادات على أساس أنه نمط غنائيّ سوقيّ.. متسائلا عن رهانات الثنائي مستقبلا من أجل تقديم نوع غنائيّ يحترم الذوق ويسعى إلى تقديم فن راق ومؤثر، فأجاب يوسف بقوله: «لم تسمح لنا أسرتنا المحافظة بأن ننطلق من الكلام المتداوَل في الشارع.. نحن لا نريد للأطفال أن ينساقوا وراء نوع سيّء من كلام «الراب»، مما قد يسمعونه في الشارع ويتأثروا به سلبيا.. نحن نريد عكس هذا.. قدّمنا أغنية تمزج بين الأصالة والمعاصرة من التراث المغربي ولكنْ على أساس أن يسمعها حتى المتلقون الشباب.. بدأنا بهذه الأغنية التي نتمنى أن يستمع إليها المغاربة ويتعرفوا علينا من خلالها.. نُهيئ ل»إن شاء الله»، التي ستكون، لا محالة، أكثر تأثيرا».. قبل أن يتابع جمال الدين قائلا إن «هناك شركات تستغلّ ظروف اشتغالنا من أجل جنْي أرباح على حساب ما نبذله من جهد».. من جهته، قال الفنان أنور حمدان إنه «لا بد من توفير شروط لإنجاح هذا الفن الشبابي.. هناك أمل في بعث الروح في الشعر والغناء المغربيين.. لقد استمعتُ واكتشفت هذه الليلة أصواتا جميلة.. إنما لا بد من المطالعة والتكوين المستمر من خلال الاحتكاك برواد الكلمة والأداء.. ونتمنى من وزارة الثقافة القادمة الاهتمام بالشباب من أجل حثهم على المساهمة في إغناء الميدان ودعم الأجواق كي تحمل لواء الأجواق الرائدة»...