قال الشيخ قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، إن ما تنجزه المقاومة هو مطلب حقيقي للناس ويجتمعون حوله، وعندما نرى بعض النكد السياسي إنما نرى أنه ناتج عن رؤية لا تأخذ بعين الاعتبار الحق وهو تحرير الأرض والأسرى وإنما بالاستناد إلى معادلات سياسية أخرى لها علاقة بالابتعاد عن الصراع مع العدو الإسرائيلي والانسجام مع حالة الهيمنة الأمريكية التي تريد أن تفرض المذلة على الشعوب بشروطها الاستكبارية. - حدث تبادل الأسرى مع إسرائيل، ما دلالات تأثيره على لبنان وعلى الوطن العربي وعلى الصراع العربي الصهيوني؟ < تحرير الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء له دلالة كبيرة في هذه المرحلة بالذات وبعد عدوان يوليوز سنة 2006، لأن إسرائيل خاضت حربها وعدوانها ضد لبنان تحت عنوان رفض تحرير الأسرى، ودافع حزب الله والشعب اللبناني تحت عنوان الكرامة والتحرير وحق هؤلاء الأسرى في أن يكونوا أحرارا، ونجح حزب الله بعد سنتين في أن يحقق أهدافه وأن يفرج عن الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء. وهذا انكسار كبير لإسرائيل لأنها اضطرت للإذعان لمطالب حزب الله وأن تفرج عن الأسرى والمعتقلين، بالإضافة إلى ذلك من المعلوم أن الأسير سمير القنطار، عميد الأسرى، لم يكن ينتمي إلى حزب الله وإنما يجمعه مع حزب الله أنه مقاوم، وحزب الله لا ينظر لا إلى الاتجاه الفكري والثقافي ولا إلى التنظيم الذي يتبع إليه الأسير وإنما ينظر إلى عنوان المقاومة الذي هو عنوان جامع. وهذا أيضا ما تحقق من خلال جثامين الشهداء التي تنتسب إلى عشر دول عربية إضافة إلى دولة إسلامية في إفريقيا وكذلك إلى العديد من المنظمات السياسية والمقاتلة فلسطينية أولبنانية وهذا ما يؤكد أن قيمة تحرير الأسرى والجثامين هي قيمة هذا الجامع بين كل الأطياف تحت عنوان واحد هومقاومة الاحتلال الإسرائيلي. وهنا تؤكد هذه العملية أن القضية المركزية للعرب والمسلمين هي القضية الفلسطينية وأن إمكانات انتصارنا على إسرائيل ومنعها من تحقيق أهدافها هي إمكانات متوفرة وموجودة. - هل تعتبرون أن هذا الحدث قد خلف انعكاسات على الوضع الداخلي اللبناني خاصة وأن الجميع قد حضر حفل استقبال الأسرى وهل كان له دور في تليين مواقفهم وفتح صفحة جديدة معكم؟ < لم نسمع صوتا واحدا معترضا على تحرير الأسرى، فكل الأطياف السياسية من الموالاة والمعارضة كانت حاضرة في الاستقبال الرسمي في المطار أوفي الاستقبال الشعبي بملعب الراية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهذا يؤكد أن ما تنجزه المقاومة هو مطلب حقيقي للناس ويجتمعون حوله، وعندما نرى بعض النكد السياسي إنما نرى أنه ناتج عن رؤية لا تأخذ بعين الاعتبار الحق وهوتحرير الأرض والأسرى وإنما بالاستناد إلى معادلات سياسية أخرى لها علاقة بالابتعاد عن الصراع مع العدوالإسرائيلي والانسجام مع حالة الهيمنة الأمريكية التي تريد أن تفرض المذلة علينا عبر إلزامنا بشروطها الاستكبارية. وقد كان النقاش حول البيان الوزاري حادا بحكم هذه الأجواء، لكنه خرج في النهاية بنتيجة، وهي النتيجة التي تتضمن ما يرتبط بالمقاومة وحمايتها، لكن هل يعني هذا أن البعض سيغير قناعاته؟ أنا لا أعتقد أن الأمر بهذه السهولة، لكن ما يهمنا الآن هوأن حكومة الوحدة الوطنية تسعى لإيجاد أكبر قدر ممكن من القواسم المشتركة، ومن المفروض أن تكون المقاومة من القواسم المشتركة ثم يناقش بعد ذلك في الحوار الوطني كيف يتم التنسيق بين المقاومة والدولة بالطريقة التي يجمع عليها أطراف الحوار. - ما هي أهم معالم الاستراتيجية الدفاعية التي ستكون ضمن أهم بنود طاولة الحوار الوطني لحماية لبنان من مخاطر العدوان الإسرائيلي؟ < كلمة الاستراتيجية الدفاعية غير واضحة المعالم حتى الآن فالمقاومة مثلا تفهم من الاستراتيجية الدفاعية ما يؤدي إلى الاستفادة من أسباب القوة التي وفرتها المقاومة إلى أسباب القوة التي توفرها الدولة لتتجمع هاتان القوتان مع بعضهما لمواجهة إسرائيل، وهناك طرف آخر يرى أن الاستراتيجية الدفاعية من وجهة نظره تعني إلغاء أي شكل من أشكال المقاومة والاكتفاء بدور الدولة ولوكانت الدولة غير قادرة على مواجهة إسرائيل. وكي لا نغوص في تحليل التصورات واتخاذ الموقف منها، من الأفضل أن ننتظر لنناقش هذه الاستراتيجية الدفاعية عندها سيدلي كل طرف بوجهة نظره وسنرى ما هي القواسم المشتركة التي سنتفق عليها، لكن ما نفهمه نحن من الاستراتيجية الدفاعية أن يكون لبنان قويا وقادرا على أن يمنع إسرائيل من أن تحتل أرضه أوأن تعبث بأمنه ساعة تشاء، وهذا يتطلب وجود قوة عند الدولة اللبناينة قد تتمثل بقوة الجيش والمقاومة وآليات معينة للتنسيق بينهما أو قد تتمثل في تفاصيل أخرى، ونحن نعتبر أن ما يهمنا هو أن يبقى لبنان قويا في مواجهة إسرائيل، أما كيف؟ فهذه تفاصيل نناقشها عند انطلاق الحوار. - لماذا لم تقم أمريكا بتسليح الجيش اللبناني وتطوير قدراته ؟ < في اعتقادنا أن أمريكا لا تقبل بتسليح الجيش اللبناني تسليحا قويا لأنها تريد من الجيش أن يلعب دور قوى الأمن الداخلي في لبنان وليس دور الحامي للحدود في مواجهة إسرائيل، ولذا وردتنا معلومات عن الإمكانات التي تقدمها أمريكا والتي يشتريها الجيش اللبناني بأموال الحكومة، تؤكد أنه توجد أسلحة مستثناة وممنوعة عن الجيش اللبناني منها الطيران الحربي وصواريخ أرض-أرض وصواريخ أرض-جو، أي كل ما يمكن أن يشكل دفاعا في مواجهة إسرائيل، ومعلوم لديكم أن الأسلحة الأخرى هي أسلحة مساعدة ولا يمكن أن تدفع العدو وحدها، إضافة إلى ذلك فإن إمكانات الدولة اللبنانية إمكانات مالية ضعيفة وهي تعاني من عجز 45 مليار دولار وتدفع فوائده سنويا بسبب طريقة الأداء الاقتصادي التي أوصلتنا إلى هذه المديونية العالية مع ضعف الإمكانات المحلية، إذن نحن أمام معضلة حقيقية قسم منها داخلي له علاقة بإمكانات لبنان وقسم خارجي له علاقة بمنع أمريكا للبنان من التسليح الحقيقي والفعال للدفاع عن أراضيه في مواجهة إسرائيل. ولعل قناعة الأمريكيين بانسجام عقيدة الجيش مع عقيدة المقاومة تشكل عاملا مساعدا في عدم تطوير إمكاناته لمواجهة الاحتلال، على الرغم من أن الجيش بإمكاناته المتواضعة وقف في مواجهة عدوان تموز وقدم شهداء بمقدار ما تسمح له ظروفه وإمكاناته. من هنا نحن دائما نقول للحكومة اللبنانية السابقة ونقول للشعب اللبناني: هل يعقل أن يتخلى لبنان عن قوته المقاومة مقابل سراب الوعود الأمريكية ومقابل عدم وجود قوة أخرى تساعد على التصدي لغطرسة الاحتلال من خلال تركيبة الدولة والجيش اللبناني؟ هل نقف عاجزين أمام ضربات إسرائيل واجتياحاتها المتكررة، والكل يعلم أن لبنان كان مسرحا لاجتياحات، حيث اجتاحت إسرائيل لبنان بشكل واسع نسبيا سنة 1978 ثم قامت بالاجتياح الكبير سنة 1982 ثم انسحبت من قسم من لبنان وبقيت محتلة لمساحة 10 في المائة من لبنان بالبقاع والجنوب سنة 1985 ولم تخرج سنة 2000 إلا بعد عمليات جهادية قامت بها المقاومة بشكل مكثف ومتكرر وفي سنة 2006 قامت بمحاولة لاحتلال قسم من لبنان وضرب المقاومة. - يتحدث قادة حزب الله عن جهوزية المقاومة وقوتها، هل أنتم في نفس الوضع التسليحي لما قبل عدوان يوليوز 2006؟ < من عادتنا ألا نكشف بالتفاصيل عما نمتلكه من أسلحة على هذا المستوى، لكن يمكنني أن أؤكد لك أن جهوزيتنا أكبر مما كان عليه الوضع قبل عدوان تموز سواء من حيث الكم أوالكيف أو القدرات التدريبية لمقاومينا. - لوأردنا الحديث بدقة أكثر؟ < جهوزيتنا عالية وتسليحنا صار أقوى والعدو الإسرائيلي حتما يعي جيدا ما نقوله، وأبرز دليل على ذلك ما تنشره صحافته ومعاهد الدراسات الاستراتيجية فيه. - بعض خصومكم يصفون المقاومة باسم الميليشيا، وعلى أساس هذا الوصف يطالبون بنزع سلاحها كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ < المقاومة تعبير عن عمل عسكري في مواجهة الاحتلال حصرا لإخراجه من الأرض المحتلة ولمواجهته عندما يعتدي على أرضنا، وليست هناك للمقاومة أي وظيفة أخرى أي أن هذا السلاح الذي بيدها لا علاقة له بالداخل ولا يمكن أن يكون في يوم من الأيام مكان الدولة حتى على المستوى الأمني الداخلي، هذه مسؤولية الدولة بكل معالمها وفي كل بلدان العالم كانت تقوم المقاومة لتسد فراغ الجيش الذي لا يستطيع أن يدافع عن البلد وهذا أمر مشروع. أما الميليشيات وهي الصيغة التي أطلقت على تنظيمات تسلحت في لبنان خلال أحداث 1975 وما بعدها، فهي تنظيمات مسلحة تهتم بحضورها العسكري في الداخل وتحاول أن تجعل موازين القوى لمصلحتها بقوة السلاح وتكون لها مناطق سيطرة تمنع الدولة من أن تأخذ منها شيئا أوتتعاطى معها وهذا لا ينطبق علينا لا من قريب أوبعيد. الدولة اللبنانية هي التي تأخذ بدلات الماء والكهرباء من مناطقنا وتأخذ ضرائب التسجيلات العقارية التي تدفع للدولة ومعتقلو الحق العام في أعمال شنيعة كالسرقة والغش والمخدرات وما شابه يعتقلون في سجون الدولة الخاضعة لقوى الأمن كل هذه الأمور بيد الدولة، من هنا فحزب الله هو حزب مقاومة وليس ميليشيا. وأضرب لك مثلا معروفا للجميع هو أننا اختلفنا مع حكومة السنيورة لأنها حاولت أن تحكم بطريقة غير قانونية عندما خرجت الطائفة الشيعية بكاملها من تركيبة الحكومة وبقيت الحكومة مسيطرة على السراي الحكومي واعتصمنا كمعارضة ومن بينها حزب الله وسط بيروت لمدة سنة ونصف اعتصاما سلميا، ولم نستخدم سلاحا لتغيير معادلة الحكومة. - ما حقيقة ما جرى يوم 7 ماي بالضبط خاصة في بيروت؟ < في الخامس من أيار (مايو) الماضي اتخذت حكومة السنيورة قرارا ضد شبكة اتصالات داخلية موجودة عند حزب الله وهي مرتبطة بالعمل المقاوم الخاص بتواصل المقاومين مع بعضهم بشبكة سلكية تحميهم من التجسس، هذا القرار الذي اتخذته الحكومة أعلن عقابا واعتقالا وتخريبا للشبكة وكل الإجراءات التي تحمل المسؤولية الجرمية لكل متورط في هذه الشبكة وهذا يعني أن الحكومة أعلنت حربا على المقاومة وشبكة الاتصالات جزء من المقاومة ونحن قلنا لهم هذا ومع ذلك قررنا أن نتظاهر ونقوم بعصيان مدني سلمي كي لا نتورط باستخدام السلاح. وفي يوم السابع من أيار فوجئنا بأن تيار المستقبل قد جمع مئات من العناصر في شقق مسلحة وقد أتى بهم من منطقة الشمال ومنطقة البقاع أي من خارج بيروت وكان الهدف من هذه العناصر المسلحة هو افتعال اشتباك وتوتر أمني مع المقاومة حتى يقال بأن في بيروت جماعتان متقاتلتان يتساويان مع بعضهما، وهذا له انعكاس على طريقة تصرف حزب الله في المستقبل ثم يأتي الجيش اللبناني ليفصل بيننا ونصبح مثل خطوط التماس التي تتنازع الأحياء والمناطق وهذا يبعدنا عن هدفنا الحقيقي. علمنا بهذه الخطة الموجودة عندهم والمتزامنة مع قرار شبكة الاتصال ومع ذلك صبرنا وإذ بنا نفاجأ بأن مجموعات منهم تنزل بسلاحها في منطقة النويري في بيروت وتحاول أن تقتحم شوارع محسوبة على حزب الله والمعارضة، ففهمنا أن الخطة بدأت وكنا أمام خيارين: إما أن نتقاتل لأيام عديدة ونبقى في إطار التراشق وتسجيل نقطة لنا ونقطة لهم ونقترب من شارع ويقتربون من شارع، وإما أن نقوم بعملية حسم سريعة ترفع الموضوع الأمني من الاستخدام والاستغلال فاخترنا الأمر الثاني وبالتالي خلال ساعات كانت المشكلة منتهية لأننا تصرفنا بحزم، هذا التصرف كان من نتيجته أن انهار الطرف الآخر سريعا ولم يسقط إلا ثلاثة أوأربعة شهداء من الطرفين في هذه المعارك التي حصلت ببيروت وبالتالي كان لابد من هذه العملية الجراحية ومباشرة بعد أن انتهينا سلمنا الجيش اللبناني مسألة ترتيب أمن المنطقة وسحبنا كل المسلحين. - هل هذه النتيجة هي التي كانت سببا في الوصول إلى اتفاق الدوحة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وما تلا ذلك من تهدئة وانفراج للأوضاع؟ < بالتأكيد، ودليلنا على أن عملنا كان دفاعا عن المقاومة فقط أنه رغم ما حصل من منع للفتنة ذهبنا إلى اتفاق الدوحة ولم نطلب أي شروط سياسية إضافية غير ما كنا نطلبه سابقا من حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات، أي أننا لم نستخدم سلاحنا لتعديل موازين القوى من أجل تعديل الشروط السياسية إنما اكتفينا بعمل يحمي المقاومة وبقينا في موقعنا السياسي على ما نحن عليه. - هل نحن أمام حالة تهدئة متوافق عليها وحزب الله جزء من ذلك؟ أم إن الأمر يتعلق بانكسار المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة واقتناعه بأن مخططاته في تراجع وأنها على حافة الفشل؟ < لو راقبنا بدقة الأماكن التي تحصل فيها التهدئة لوجدنا السبب الرئيس في ذلك هو وصول المشروع الامريكي إلى لحظة المأزق وعدم القدرة على تحقيق الإنجازات، وأضرب مثالا على ذلك، في لبنان عملت أمريكا بعد عدوان تموز (يوليوز 2006) لمدة سنتين من أجل أن تمنع تشكيل حكومة وحدة وطنية ودعمت حكومة السنيورة وأرادت أن تجرد حزب الله من أي مكسب سياسي ومن أي حماية يمكن أن تكون للمقاومة، وضخت مواقف سلبية كثيرة ضد المقاومة وسلاحها، لكن لم تصل إلى نتيجة فحكومة السنيورة بقيت طيلة تلك المدة حكومة غير شرعية مشلولة ومعطلة ولمدة سنة ونصف لم تستطع أن تقدم شيئا واتخذت قرارا غبيا أدى إلى أحداث السابع من أيار ولم يعد بالإمكان القيام بأي شيء لانتخاب رئيس للجمهورية حيث بقيت سدة الرئاسة فارغة لمدة ستة أشهر لأنه لا يوجد توافق مع المعارضة. هنا وقفت أمريكا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستمر التداعي أوتخفف من الخسائر فتقبل بما جرى في اتفاق الدوحة، ولذا تم القبول في اتفاق الدوحة بكل ما طالبت به المعارضة حرفيا دون تنازل، ما يعني بأن من يعطيك بعد رفض لسنة ونصف إنما يعطيك مرغما لأن البديل أسوأ. فإذن نستطيع القول بأن ما حصل في اتفاق الدوحة ليس ناشئا عن قرار وخطة أمريكية إنما نتج عن تطور طبيعي أوصل الأمريكيين إلى المأزق، فكان لابد من هذا الاتفاق لمنع التدهور، هذا ما حصل في لبنان. أما ما يحصل في غزة فهو عجز إسرائيلي، مع كل ما فعله لإسقاط حكومة حماس التي حملتها صناديق الاقتراع، وبالتفاف جماهير غزة حول حكومتها الشرعية فهو أمام أمرين إما الإبادة وهذا أمر يستحيل أن يقبل به أحد وإما قبول بالهدنة التي وصلنا إليها، فهم وصلوا هناك إلى هذه النتيجة بعد المأزق وإلا خلال سنة تصرف الصهاينة بطريقة بشعة جدا وارتكبوا مجازر واعتدوا اعتداءات كثيرة ولكن لم يصلوا إلى نتيجة، فلم يتمكنوا من إسقاط حكومة حماس. من هنا فإن من يراقب ما يحصل في هذه المنطقة يرى أن الفشل الأمريكي والإسرائيلي وفشل أعوانهما أوصل إلى طرق مسدودة ما يؤدي الى التهدئة كحل مؤقت ليروا ما هي النتائج فيما بعد. - ما موقفكم من المفاوضات الجارية بين سوريا وإسرائيل بطريقة غير مباشرة؟ خاصة وأنكم تتبنون موقفا يدعوإلى مقاطعة الصهاينة ويرفض مسلسل التسوية ؟ < لسوريا ظروفها الخاصة وهي تستطيع أن تدافع عن موقفها وتبرر ما قامت به، ما يهمنا نحن أن نبقى كجهات متحالفة متماسكين في مواجهة الخطر الإسرائيلي وكذا نزعات الاحتلال والهيمنة الأمريكية وتبقى لكل طرف خصوصيات وظروف تملي عليه بعض التصرفات ونحن لا نريد أن نتدخل في شؤون غيرنا ولا أن نعلق بطريقة تؤذي نمط العلاقة القائمة. لسوريا ظروفها ونحن نقدر هذه الظروف والمهم أن نبقى كحلف متماسك في مواجهة المشروع التوسعي الاسرائيلي وتجربتنا تؤكد خصوصيتنا واستقلاليتنا عن كل الاطراف الخارجية. - لدى حزب الله قدرات كبيرة على ربط علاقات ونسج تحالفات حتى مع من يظهر أنهم بعيدون عنكم في الخلفيات الإيديولوجية والمذهبية ما هي الرسالة التي يمكن للمتتبع والمراقب أن يستخلصها من دلالات هذه التحالفات وتنوعها ؟ < فضلا عن أن المجتمع اللبناني تعددي بطبيعته خاصة على الصعيد المذهبي، مما يفرض على أي متأمل موضوعي أن يأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار واحترام هذه الخصوصية اللبنانية، فإن مبدأ التحالف من مظاهر العمل السياسي داخل الوطن الواحد الذي يبقى إطارا يحتضن الجميع. أما إذا أخذنا الحزب الشيوعي اللبناني كمثال فهو يؤمن بمقاومة الاحتلال والتصدي للهيمنة الأمريكية وطرد إسرائيل من بلدنا ونحن نؤمن بنفس هذه الفكرة، إذن يمكن أن تصلح هذه الفكرة كجامع مشترك بيننا، لن نقنع بعضنا البعض بخلفياتنا الإيديولوجية والدينية. لذا نحن أمام خيارين: إما أن نجعل أولويتنا أن نكون نحن أو هم، وإما نجعل أولويتنا أن نكون معا موجودين في مواجهة إسرائيل. ونحن اخترنا الأولوية الثانية لأننا إذا تنافسنا: من هو الذي على حق هل هم أم نحن سندخل في نقاش عقيم قد يؤدي إلى فتنة داخلية وسنوجه الأولويات الاتجاه الخاطئ، وإذا كنا معا مقاومة في مواجهة الاحتلال فإنهم لن يصبحوا متدينين ولن نصبح شيوعيين بمعنى لن يؤثروا علينا ولن نؤثر عليهم، بل العكس، ربما الانتصارات التي تتحقق والإنجازات تساعد على فتح نقاش عملي عند البعض يغير وجهة نظره وهذا له فائدة في المستقبل. وهذه نقطة مهمة ليس في لبنان بل في كل أقطار الوطن العربي وفي العالم الإسلامي، إذ إن هناك حركات أخطأت حين جعلت أعداءها هم من يخالفونها في التفكير في الداخل، لكن العدو ليس هذا فالعدو هو من يحاول أن يسيطر على البلد وهو الذي يحاول أن يغير نمط الثقافة بكامله، العدو هو الذي يحاول أن يقمع الحريات، وهكذا علينا أن نحدد الأولويات، نحن كحزب الله من البداية قلنا إنه لدينا أولوية اسمها قتال إسرائيل وكل ما يمكن تسخيره لخدمة هذه الأولوية نقوم به وهذا ما فعلناه. بين البعد الوطني والقناعات القومية - كيف توفقون بين البعد الوطني القائل بالدفاع عن لبنان وقناعتكم القومية والدينية القائلة بضرورة تحرير كامل للتراب الفلسطيني من المشروع الصهيوني ؟ < حزب الله حزب إسلامي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أبعاد، وأطروحاته الثقافية ورؤيته السياسية مرتبطة بهذا النهج الإسلامي ما يميز حزب الله عن كثير من الحركات الإسلامية أنه استطاع أن يوجد نوعا من التماهي بين اتجاهه الإسلامي وخصوصيات بلده، بحيث لم يجعل الاتجاه الإسلامي حالة معترضة على بلده ولم يقبل بأن تكون وطنية البلد رافضة للإسلام، وهذا أمر دقيق استطاع حزب الله أن يجسده بدقة ونحن دائما نقول إنه لا يوجد تعارض بين أن أكون إسلاميا وعروبيا ووطنيا في نفس الآن، فالإسلام هو المبدأ والمنهج وهو الخط، والعروبة هي تعبير عن اجتماع الناطقين بلغة واحدة لوجود مصالح واحدة مشتركة بينهم فعندما تكون هذه المصالح هي مواجهة الاستكبار ومواجهة أمريكا والتصدي للاحتلال الإسرائيلي كقضية عربية عامة هذه الأمور تنسجم مع الإسلام ولا مشكل فيها، وعندما أكون في بلد واحد مع فرقاء آخرين يعيشون في نفس البلد لكن يختلفون معي في البعد العقائدي، خاصة في بلد متنوع ومتعدد بطبيعته مثل لبنان، يمكنني أن أجد قواسم مشتركة معهم للمحافظة على بلدي ولتحريرها من الاحتلال وسأكون بذلك وطنيا اجتمعت مع الآخرين في وطني على قضايا محددة تشكل عامل اشتراك، بمعنى آخر أشترك مع اللبناني الآخر بأنه يريد تحرير أرضه وأريد تحرير أرضي، فإذن أشترك معه في المقاومة وأختلف معه في الرؤية العقائدية، أنا أحمل التزاما إسلاميا وهو يحمل التزاما وخلفية إيديولوجية أخرى. لسنا في وضع أن نحسم الاختيارات على المستوى العقائدي لأن كل واحد منا سيتمسك بوجهة نظره، وأمام العدو لا يعقل أن نتلهى بأشياء قابلة للتأجيل لأننا إذا حسمنا معركتنا مع العدو ستكون لنا فرصة أن نتناقش ونصل إلى قواسم مشتركة أخرى. من هنا جمعنا كحزب الله بين إسلاميتنا وعروبتنا ووطنيتنا بطريقة لا تؤدي إلى التنازل عن المنهج وإنما رعاية الأولويات والالتفات إلى الظروف التي نعيش فيها. من هنا فنحن كحزب الله أعلنا مرارا أننا ندافع عن أرضنا ونقاتل من أجل أرضنا، لكن هذا لا يعني أننا بعيدون عن حمل قضية فلسطين ودعمها بما يتناسب مع ظروفنا ويتناسب مع ما تتطلبه هذه القضية، لكن الكل يعلم أن العنوان الأساسي في القضية الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم وبالتالي فكل من يكون مع الفلسطينيين سيكون في حالة الدعم ولن يكون بديلا عنهم، وهذا منسجم مع رؤيتنا ومع عملنا. إذن من يعيب علينا أن عملنا وطني أقول له إذا كانت منطلقاتك إسلامية ما هو العيب في الدفاع عن الأرض والرسول (ص) الذي يقول من قتل دون أرضه فهو شهيد، وما هي المشكلة في أن نعمل على جمع كل أبناء بلدنا في لبنان ليكونوا موقفا واحدا مع المقاومة بدل أن يكونوا متفرقين عليها طالما أن الاتجاه العام صحيح وكلنا نريد أن تتحرر القدس، لكن النقاش ليس نقاشا نظريا وإنما هو في الآليات العملية: هل يمكن أن نحرر نحن من البلدان العربية نيابة عن الفلسطينيين أوأن رأس حربة مشروع التحرير هم الفلسطينيون؟ هذا ما نقوله ونحن حاضرون للدعم وندعم بالطريقة المناسبة.