نشرت المنظمة الحقوقية الدولية «هيومن رايتس ووتش»، أمس الثلاثاء، تقريرا مفصلا حول الصحافي رشيد نيني، الرئيس المؤسس لجريدة «المساء»، تطالب من خلاله بإطلاق سراح نيني، معتبرة أن سجنه «يتناقض مع تعهد السلطات المغربية بضمان حرية التعبير في دستور البلاد الجديد». وتضمن التقرير تصريحا لسارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، تقول فيه: «يوجد واحد من الصحفيين الأكثر شهرة في المغرب وراء القضبان بسبب ما كتبه عن مسؤولين حكوميين ومؤسسات الدولة، هذا خطأ، مهما كان الرأي في مقالاته». وأضافت ويتسن، في السياق ذاته، «إن سجن رشيد نيني يجعل من سد الفجوة القائمة بين دستور المغرب الإصلاحي الجديد وقوانينه التي تجرم حرية التعبير، أمرا ملحا»، مضيفة «إن استمرار سجنه يؤدي إلى الشك في التزام الحكومة بضمان الحريات العامة». ودعا تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إلى الإطلاق الفوري لسراح رشيد نيني، مضيفا «ينبغي على السلطات المغربية إلغاء إدانة الصحافي الذي يقضي عقوبة سنة واحدة في السجن بتهمة «إهانة» مسؤولين حكوميين وتحقير المحاكم». وأضاف التقرير ذاته أنه «ينبغي على المغرب، لمواءمة قانونه الجنائي مع ضمانات حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور الجديد والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادق عليه المغرب في عام 1979، أن يلغي فورا العقوبات بالسجن على الجرائم التي سُجن من أجلها نيني، ووضع حد لتجريم التشهير، خصوصا بالشخصيات العامة». وفي هذا الصدد، أوضح تقرير المنظمة الحقوقية الأكثر تأثيرا في العالم، إنه «لدى جميع البلدان مصلحة في توفير سبل قانونية للأشخاص الذين يرون أن وسيلة إعلامية ما قد أساءت كثيرا لسمعتهم أو انتهكت حقهم في الخصوصية. ومع ذلك، لتحقيق التوازن بين هذه المصلحة والمصلحة العامة في حرية الصحافة، ينبغي التعامل مع التشهير باعتباره قضية مدنية بدلا من أن يكون قضية جنائية، وأن تفرض المحاكم تعويضات نقدية أو اقتراح الاعتذار أو تصويبات، بدلا من فرض أحكام بالسجن والغرامات». واستعرض تقرير «هيومن رايتس ووتش» الظروف التي يعيش فيها رشيد نيني داخل سجن عكاشة بالدارالبيضاء وعدم السماح له بالحصول على أوراق وأقلام من أجل الكتابة، وذلك حسب إفادات دفاعه للمنظمة، إذ ذكر التقرير أنه «لا يزال نيني (41 عاما) محتجزا في السجن المركزي في الدارالبيضاء (سجن عكاشة). وقال محام في الدارالبيضاء، رضا أولمين، الذي زاره في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، لهيومن رايتس ووتش إنه لا يُسمح له بالحصول على الورق وأدوات الكتابة». وتضمن التقرير ذاته عرضا مفصلا لمراحل اعتقال والتحقيق ومحاكمة وسجن رشيد نيني، عارضا حكم المحكمة الابتدائية الكتابي (ملف جنحي عدد 3245/10/11، حكم عدد 4675) في حق نيني بعد أن «عدد تسعة مقالات كتبها نيني، وكلها نشرت في شهر مارس أو أبريل، ويقول الحكم إن نيني أكد أنه كتبها. وفي دفاعه، قال نيني للمحكمة إن بعض المعلومات الواردة في المقالات استقاها من مصادر موثوقة وأنه لا يستطيع الكشف عنها. وقال إن أجزاء أخرى من المقالات هي تحليله وآراؤه الخاصة بشأن الأحداث اليومية. ونفى نيني في المحكمة أن تكون كتاباته قد أظهرت ضغينة تجاه أي شخص أو احتقار مقررات المحاكم أو رغبة في التأثير عليها». وأوضح التقرير ذاته أن الحكم القضائي في حق نيني لم يحدد بالاسم الأشخاص الذين وجدت المحكمة نيني متهما بالإساءة إليهم أو اتهمهم زورا بارتكاب جرائم، مقدما نسخة باللغة الفرنسية عن مقال توبع من أجله نيني، والذي نُشر ثمانية أيام قبل أن تستدعي الشرطة نيني لأول مرة. وتعقيبا على المقال المذكور، أضاف تقرير «هيومن رايتس ووتش» أنه «كثيرا ما يستهدف عمود نيني اليومي «شوف تشوف» ما يعتبره أعمال قمع وظلم وفساد، والتي كان يُحمل مسؤوليتها للسلطات المغربية عموما أو مسؤولين أو مؤسسات محددة. وتحتوي المقالات المذكورة في الحكم، على سبيل المثال، على إحالات عديدة على أعمال التعذيب التي يقول إنها تُمارس ضد المشتبه بهم في مركز تمارة، وهو منشأة تعرضت لانتقادات متكررة من طرف منظمات حقوق الإنسان على أنها مكان للاستجوابات التعسفية، ولكن السلطات نفت وجودها مرارا وتكرارا». وتم ختم هذا التقرير المفصل بفقرة تستعرض الإدانات السابقة الصادرة في حق رشيد نيني إثر توجيه «تهم جنائية» بسبب كتاباته، كما استعرض في فقرة ثانية تحت عنوان «الدستور الجديد» الفصل 28 من الدستور، والذي يؤكد، حسب تقرير المنظمة، على حرية الصحافة، عكس الدستور القديم، كما ذكرت الفقرة ذاتها من التقرير ما ورد في ديباجة الدستور الجديد من تأكيد على أن المغرب ملتزم بمبدأ سمو الاتفاقيات والقوانين الدولية على التشريعات الوطنية. كما استعرضت فقرة بتقرير المنظمة الدولية، حملت عنوان «القانون الجنائي»، بيانا بالنصوص القانونية التي توبع بمقتضاها رشيد نيني، قبل أن يورد، في نهاية التقرير، فقرة بعنوان «القانون الدولي»، استعرض فيها ما تنص عليه المواثيق الدولية المنبثقة عن الأممالمتحدة بخصوص حرية الصحافة والمعنى التي تعطيه للتشهير، والتي طالبت الدول الأطراف بالنظر في إلغاء تجريم التشهير، معتبرة أن «الحبس عقوبة غير ملائمة على الإطلاق للتشهير».