مباشرة بعد إعلان رئيس الحكومة الجديد عبد الإله بنكيران أنه يريد تشكيل حكومة من الوجوه الشابة، بدأ قادة بعض الأحزاب السياسية يتحركون في اتجاه الضغط كنوع من المناورة السياسية من أجل نيل حظوظ أكبر داخل الحكومة المقبلة. وقد بدأت الأحزاب السياسية، المرشحة لأنْ يدخل معها رئيس الحكومة الجديد في مفاوضات من أجل تكوين حكومته، تهدد بالنزول إلى المعارضة لأنها تريد الحصول على حقائب وزارية لقياداتها الحزبية التي استهلكت -بمعنى: إما نحن وإما سنتحول إلى المعارضة- في نوع من الابتزاز السياسي الذي يتناقض مع مناخ المرحلة الحالية في بلادنا، لأنه ببساطة يريد تكرار الماضي ويخالف الديمقراطية التي من المفترض أن تكون هذه الأحزاب أول من يحترمها. لقد قال الشعب المغربي كلمته في الانتخابات الأخيرة، ودخول الأحزاب السياسية بوجوه جديدة، و«غير محروقة» كما يقال، هو فرصة لها هي نفسها من أجل تجديد صورتها لدى الرأي العام وضمان عدم تكرار أخطاء الماضي، أما التشبث باستوزار «الزعامات» التي ملّ منها المواطنون المغاربة فسيكون نوعا من العبث، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بمسؤولين سبق أن أظهروا نوعا من الفشل في القطاعات التي أسندت إليهم في حكومات سابقة. هناك حزب جديد لم يتول التدبير الحكومي من قبل ولم يتحمل المسؤولية خارج البلديات، وهناك دستور جديد سيتم العمل في إطاره، وهناك مناخ سياسي جديد فيه استعداد للتغيير، والمطلوب هو أن تكون الأحزاب السياسية في مستوى المرحلة وأن تكون الحكومة المقبلة عنوانا للتغيير الحقيقي بدل أن تكون وسيلة للبحث عن مطامح شخصية، وهو ما يطرح التساؤل دائما عن طبيعة هذه النخب التي حبانا الله بها والتي لا تستطيع أبدا تغليب الصالح العام على همّ الذات والعائلة والمقربين.