سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الغالي : يجب تشكيل حكومة لتصريف الأعمال بعد غياب الوزراء والبرلمانيين لتفادي ضياع مصالح المواطنين قال إن الرؤساء لا يطبقون القانون الداخلي للبرلمان لتفادي المواجهة مع البرلمانيين المتغيبين
اعتبر محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، في استجواب مع «المساء» أن ظاهرة غياب البرلمانيين والوزراء تفاقمت في الوقت الراهن بشكل كبير، وأكد أنه يجب تشكيل حكومة لتصريف الأعمال في الوقت الراهن، لتفادي ترك مصالح المواطنين معطلة، واعتبر أن رؤساء البرلمان يتفادون تطبيق القانون في حق البرلمانيين، مؤكدا أن رؤساء الأحزاب السياسية يتحملون مسؤولية جسيمة في منح التزكية للبرلمانيين الذين تركوا صورة سيئة عن البرلمان، وشدد على أن أفضل طريقة في ردع البرلمانيين هو فرض اقتطاعات شهرية من أجورهم. - لماذا في نظركم ترتفع حالات ظاهرة غياب البرلمانيين والوزراء عن الجلسات المخصصة لكل من مجلسي النواب والمستشارين؟ في الحقيقة هذه الظاهرة تفاقمت في الآونة الأخيرة، لكون عدد كبير من البرلمانيين والوزراء منشغلين بالترتيب للانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في ال 25 من الشهر المقبل، وأغلبية النواب والوزراء يطمحون إلى العودة إلى شغل مناصب في المؤسسة التشريعية والحكومية، وهو ما يؤثر على السير العادي لشؤون المواطنين، لأنه فعندما يتوجه مسؤول في مؤسسة برلمانية إلى منطقة يطمح إلى الترشح فيها، يفرض على أعضاء ديوانه والمقربين منه مساعدته في الترتيبات والحملات الانتخابية، وتوجد حاليا عدد من مصالح المؤسسات التشريعية والحكومية فارغة بصفة شبه نهائية من الموظفين، ولتفادي الخلل الحاصل يجب تشكيل حكومة لتصريف الأعمال قبل الانتخابات وحتى أسابيع بعدها، لمراعاة مصالح المواطنين. - كيف تفسر عدم تفعيل القوانين الهادفة لمنع الوزراء والبرلمانيين من التغيب عن أطوار الجلسات واللجان البرلمانية؟ نفسر هذا المعطى بعدم تطبيق المقتضيات القانونية، وهذا يمس بمبدأ الاستمرارية في العمل البرلماني والتشريعي، و يتطلب تدخل الجهات المسؤولة في البلاد، لأن ظاهرة الغياب لا تمس فقط المؤسسة التشريعية ، بل حتى الجماعات المحلية هي الأخرى، التي ينشغل رؤساؤها بالإعداد للانتخابات، ويتركون مصالح المواطنين، لأن رؤساء الجماعات القروية يعتقدون أنهم بعيدون عن مركز القرار، وبالتالي يتخلون عن إدارتهم للجماعات، ويكون المواطن في النهاية هو الضحية. - كيف يؤثر غياب البرلمانيين على المستوى التشريعي ؟ لاحظنا في الأسابيع الأخيرة كيف صوت 46 برلمانيا فقط، على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، وهذه مهزلة داخل مؤسسة تشريعية يبلغ عدد أعضائها 325 برلمانيا، فالغياب يؤثر على المستوى التشريعي رغم أن القانون الأساسي يفرض على البرلمانيين الحضور إلى أطوار الجلسات، ويجب أن نعلم أن هذا المعطى السلبي يترك انطباعا لدى المواطنين عن المؤسسة التشريعية، ويساهم غياب البرلمانيين عن الحضور في ضعف المشاركة الانتخابية، مما يقود أصحاب الثروة إلى الحصول على مقاعد برلمانية، على الرغم من ضعف أدائه التشريعي، وبذلك يتكرر نفس السيناريو في عودة البرلمانيين غير المنضبطين من جديد إلى المؤسسة التشريعية . - هل ستضع القوانين المقبلة حدا لظاهرة غياب الوزراء والبرلمانيين في ظل الدستور الجديد الذي أقره المغاربة في فاتح يوليوز الماضي؟ في اعتقادي إذا لم يكن هناك احترام مطلق لمبدأ أحكام القانون، سيستمر غياب الوزراء والبرلمانيين عن المؤسسات التشريعية، ويجب على مؤسسة البرلمان القيام باقتطاعات في الأجور، وأن تنشر خريطة تتعلق بحضور وأداء البرلمانيين عن كل دائرة انتخابية في العمالات والأقاليم، كما يجب مساعدة الصحافيين في الحصول على فترات غياب ممثلي الأمة، وحصيلة أدائهم، وهذه العملية في حد ذاتها نوع من المحاسبة والمساءلة، لأن ظاهرة الغياب تعكس صورة المؤسسة البرلمانية، والمواطن يتكون لديه اعتقاد بأن المرشح الذي صوت عليه، يعتبر أن البرلمان ما هو إلا قنطرة للوصول إلى مصالح وأغراض معينة، واعتقد أن تطبيق فصول الدستور الجديد تفرض على كل المسؤولين كل من موقعه، فرض ضرورة حضور البرلمانيين والوزراء إلى المؤسسة التشريعية، ويجب أن نعلم أن الدستور أعطى أهمية كبيرة للبرلمان والحكومة في تشريع القوانين التي تهم المواطن بصفة مباشرة. - إذا في نظرك من يتحمل المسؤولية المباشرة في تنامي هذا الغياب؟ إدارة البرلمان تتحمل مسؤولية جسيمة في ضبط حضور البرلمانيين، ويجب أن نعلم أن النظام الداخلي للمؤسسات التشريعية يفرض جزاءات مثل اقتطاع من أجور النواب البرلمانيين، ورؤساء البرلمان بغرفتيه يتفادون تطبيق هذه المقتضيات، لأن رئيس البرلمان يتفادى الدخول في صراعات مع البرلمانيين، وخصوصا إذا كانوا ينتمون إلى نفس فريق الحزب الذي ينتمي إليه، وهذا في حد ذاته إهمال للقانون وتشجيع برلمانيين على الغياب، وبالتالي فالمستقبل يتطلب من إدارة البرلمان تحمل مسؤوليتها في هذا الاتجاه، لأنه لا معنى لتصويت المواطنين على مرشح بالمؤسسة التشريعية، وفي الأخير يتغيب عن الجلسات واللجان الدائمة. - ما هو في نظرك الإجراء الذي سيمكن من ردع البرلمانيين ودفعهم إلى حضور جلسات البرلمان؟ كما قلت لك سابقا، في حالة تطبيق اقتطاع من أجور ممثلي الأمة، ونشر كل المعطيات المتعلقة بهم عبر وسائل الإعلام وحصيلة أدائهم والأسئلة التي وجهوها إلى الوزراء، حتى يطلع عليها المواطنون، سيكون لهذه الإجراءات وقع إيجابي على مستوى أداء المؤسسة التشريعية، لأن ظاهرة غياب البرلمانيين وخصوصا أثناء التصويت على بعض القوانين، تعكس صورة سيئة عن مؤسسة تدافع عن مصالح المواطنين، ومن المفروض فيها أن تشتغل في الأوقات التي يحددها القانون، لأن هذه هي الديمقراطية التي يبحث عنها المواطنون، والتشريع في حد ذاته هو السبيل إلى تبسيط المساطر القانونية. - ما هي مسؤولية زعماء الأحزاب السياسية في هذه الظاهرة التي تمس صورة العمل التشريعي في البلاد وتترك انطباعا سيئا لدى المواطن عن المؤسسة؟ يجب على الأحزاب السياسية ألا تمنح التزكيات للمرشحين الذين لا يواظبون على الحضور في أطوار الجلسات البرلمانية، لأننا نرى في الوقت الراهن أن عددا من البرلمانيين يرغبون في الترشح لولاية أخرى على الرغم من الصورة السيئة التي تركوها لدى المواطنين عن المؤسسة التشريعية، لأن الأحزاب تعرف المرشح المنضبط من المرشح غير المنضبط، ويجب على الأحزاب السياسية أن تضغط على البرلمان لتفعيل نظام الاقتطاعات من رواتب البرلمانيين كإجراء عقابي وردعي لدفعهم إلى حضور جلسات البرلمان، لأن البلاد غير محتاجة في الوقت الراهن إلى مثل هؤلاء لتمثيل المواطنين في البرلمان، وفي حالة تزكية نفس الوجوه من قبل الأحزاب السياسية للترشح للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 25 من شهر نونبر المقبل، سيتكرر نفس السيناريو في تغيب البرلمانيين عن واجبهم المهني، انطلاقا من المسؤوليات التي يمنحها لهم القانون في البلاد، وطموح المواطنين إلى حل مشاكلهم في القرى النائية والمداشر.