تظل العادة السرية أو اللذة الذاتية أو الاستمناء -أستعمل هذا المصطلح هنا تجاوزا عند الذكر والأنثى- من أقدم الأنشطة التي مارسها الكائن البشري منذ رسوه على كوكب الأرض.. وهذا عند الجنسين، ذكورا وإناثا على حد سواء وفي كل الحضارات والثقافات. فقبل ميلاد المسيح بثلاثة قرون، ما تزال بعض الكتابات الفرعونية المنحوتة فوق الأهرامات تشهد أن الإله «آتونط هو من «خلق» الإله «إنياد» عن طريق الاستمناء! وعند الإغريق، كان الاستمناء يعتبر وسيلة مشروعة للتعويض عن غياب الشريك الجنسي ولم يُنظَر إليه قط كعادة سيئة، بل إن الإغريق أبدعوا فيها بأن أوجدوا أعضاء جنسية اصطناعية كانت تُستعمَل في هذه الممارسة... وعند الصينيين القدامى، اعتُبِر الاستمناء إهدارا للطاقة الحيوية وإضعافا للقوة البدنية، خصوصا عند الرجال. وبعد الميلاد، في العصور الوسطى في أوربا، كانت العقيدة السائدة حينها تقول إنها عادة خطيرة تُعرّض صاحبها لأمراض فتاكة، وذهبت الكنيسة إلى تحريمها وتجريمها، واستمرت هذه الأفكار حتى القرن السابق، حيث نجد من تبنّاها من الأطباء، كالسويسري تيسوت، الذي كتب في مؤلفه «العادة السرية» أن «الاستمناء مرض يجب علاجه». وأعاد زملاء له ومُربّون آخرون صياغة نفس المعتقدات في السنين التالية، وهكذا كتب سيلفيان ستال عام 1933، في كتاب «ما يجب على المراهق أن يعرفه»: «وإذا تكررت هذه الصدمات -يقصد الاستمناء- لمدة من الزمن، فإن الجهاز العصبي للمراهق سيُدمَّر بطريقة لا رجعة فيها ولا أمل في الشفاء منها، وبالتالي يفقد القدرة على الفهم وتنقص لديه مهارات الذاكرة، وتتدهور صحته شيئا فشيئا: ترتخي العضلات، ينطفئ بريق العيون ويتثاقل الهضم ويزداد خفقان القلب ويتقوس الظهر.. وكلها إرهاصات سابقة للموت البطيء والحتمي... وفي حالات أخرى أخفّ، يحدث الجنون أو اختلالات نفسية خطيرة»! ثم يضيف في فصل آخر: «ولعلاج المراهقين من هذا الإدمان الخطير ومنعهم من التعاطي للاستمناء، نربط أذرعهم بسترة خاصة تمنعهم من الحركة أو نُكبّل أيديَّهم وراء ظهورهم أو مع أركان الأسِرّة»... وكتب الدكتور جورج سلبرد، في «حياة رجل شاب» عام 1946: «لا يفهم المراهقون أن هذه الأعضاء التي تسمى بكل دقة «المخجلة» يجب أن تحترم وتترك في راحة تامة.. ففي أجسام مُنهَكة بالاستمناء، تستقر بسرعة أعراض مرض السل الذي يودي بحياة فتيان في زهرة العمر».. ثم يضيف: «إن هذا العمل ضد الطبيعة السليمة وجريمة منكرة في حق شاب في العشرين من عمره، فكثرة الانتصاب يؤدي، مع الوقت، إلى فقدان القدرة الجنسية وإلى العجز الدائم... ويتسبب في الانتحار». يقول جون فيولي في كتاب «تربية الإحساس و الطهر» عام 1925: وعواقب هذا المرض -يقصد العادة السرية- خطيرة جدا... إذا أحب الشاب هذه العلة سيفقد الرغبة في الجنس مع كائن آخر»... ثم ختم قائلا: «أحس بالشفقة على هؤلاء»... إلى يومنا هذا، ما يزال كثير من المتعلمين يعُدّون العادة السرية نشاطا جنسيا منحطّا لا يمارسه إلا المنحرفون أو الذين لم يتلقوا تربية سليمة، وتلاحظون أن هذه الأفكار ما تزال تروج وتنتشر بنفس المفردات التي تعمّدتُ ترجمتها حرفيا من كتب أُلِّفتْ قديمة منذ ما يقارب القرن من الزمن، وهي لا تستند إلى دراسات علمية أو تجارب عملية، بل لا تعدو كونها رواسب من عصر الظلمات، ركّبت في الشباب والمراهقين عقدا كثيرة، منها الإحساس بالذنب والخجل والانزواء، وأحيانا، الاكتئاب... يؤكد اليوم الطب النفسي أن العادة السرية عنصر أساسي في النمو النفسي وفي التطور الجنسي للفرد ويعتبر مرحلة طبيعية للوصول للجنس الناضج. وقد أثبتت دراسات كثيرة لا تدع مجالا للشك أن العادة السرية ترافق الفرد منذ طفولته حتى شيخوخته، وهي منتشرة وسط العزاب والمتزوجين على حد سواء، وإن كانت عند العزاب أكثر. في دراسة حديثة، قارنت نسبة الممارسين للذة الذاتية بين سنوات 1966 و1981 و1996، لوحظ أنه في الثلاثين سنة الأخيرة، انخفضت سن بداية هذا النشاط وارتفع عدد الممارسين وسط الإناث.. وخلصت الدراسة، أيضا، إلى أن عدد المرات التي تلجأ فيها الإناث إلى هذه اللذة قد تضاعف في العقود الثلاثة الأخيرة. يمارس الذكور عادتهم السرية بالإثارة المباشرة للقضيب، مستعملين أيديهم في تدليك مستمر حتى القذف، مستعينين بمواد كاللعاب أو الزيوت أو مواد مرطّبة لتنزلق الأصابع بسهولة وحتى لا تحدث التهابات أو تقرّحات. أما عند الأنثى فللذة الذاتية طقس مختلف جدا عما هو عليه عند الذكر، فهي تتميز بتنوع الطرق والوسائل وكذا بتخصيص وقت أطول، ولا تكتفي بالمداعبات على الأعضاء الجنسية الخارجية ولكن تمتد يداها إلى بقية الجسد، خصوصا الثديين والحلمتين. ويبقى البظر حجر الزاوية الذي توصل مداعبته إلى الرعشة الجنسية، إضافة إلى الشفرين الصغيرين والعانة وفتحة المهبل، وهي وسيلة آمنة للتحليق في الفضاء الشبقي لثلث المتزوجات اللائي لا يجدن هذه المتعة مع الأزواج، وهي أيضا، متنفَّس للعازبات، تقيهِم من السقوط في أحضان الرذيلة والخطايا. ويستعمل أطباء الجنس العادة السرية في علاج حالات كثيرة من الاضطرابات الجنسية بنجاح ونجاعة، سأحاول، في فرص قادمة، أن أكشف لكم أسرار هذه العلاجات. في فيلمه الرائع «آني هول»، الحاصل على 3 جوائز أوسكار عام 1977، يقول وودي آلان، وهو يشرح لماذا يتقن ممارسة الجنس: «لقد تدربت جيدا لوحدي!» ويقول، أيضا، لشريكته في الفيلم: «لا تنتقدي الاستمناء، فهو أفضل طريقة لممارسة الجنس مع شخص نحبه!»...