في سابقة خطيرة للغاية، تعرض زملاؤنا في جريدة «أخبار اليوم»، أول أمس الأحد، لهجوم من قبل مجموعة من الأشخاص وصفوا أنفسهم ب«الشباب الملكي»، احتجاجا على ما أسموه «التغطيات غير المهنية» لخرجاتهم المناهضة لحركة 20 فبراير. ورفع هؤلاء الأشخاص، الذين كانوا مدججين بالعصي وربما بأشياء أخرى، أمام مقر الجريدة شعارات مناوئة للزملاء العاملين فيها أمام صمت رجال الأمن، قبل أن يقوموا بحرق نسخ من الجريدة وهم يرددون النشيد الوطني ويرفعون صور الملك محمد السادس وكأننا في الساحة الخضراء بليبيا قبل سقوط نظام القذافي ولسنا في المغرب الذي قطع أشواطا مهمة في حرية الرأي والتعبير، حيث «تظاهروا» في مشهد شبيه بتلك «التجمعات البلطجية» التي كانت تبثها القناة الليبية في الساحة. ونحن نقولها بدون تردد: هذا عمل بلطجي غير مقبول ويذكرنا بسلوكات مماثلة سبق أن تعرضت لها بعض المنابر في بلادنا، ومن ضمنها يومية «المساء» نفسها التي تعرضت لحملة تشهير واسعة وأحرقت نسخ منها في الشارع بمدينة فاس قبل أشهر، كما يعيد هذا السلوك البلطجي إلى الذاكرة ما حصل ضد أسبوعية «لوجورنال» قبل أعوام قليلة عندما نظمت جهات معينة وقفة احتجاجية أمام مقرها في الدارالبيضاء بسبب ما كتبته حول قضية الصور الكاريكاتورية الدانماركية. نتفهم أن ينزعج البعض مما تكتبه الصحف الوطنية في المغرب، لكن التعبير عن هذا الانزعاج ينبغي أن يكون بوسائل ديمقراطية كتحرير بيان حقيقة وليس تأبط هراوة وغزو مقرات الجرائد، بل ليس مقبولا على الإطلاق أن يرفق هذا الهجوم بتوظيف المقدسات الوطنية المشتركة بين أبناء الوطن الواحد. إن ما وقع يعد انزلاقا خطيرا ويجب على المتسببين فيه أو الجهات ا لتي أوحت به أن تكف عن اللعب بالنار. صحيح أن الصحافة يجب أن تكون مرآة للتعددية في البلاد وأن تعكس وجهات نظر مختلف المكونات في المجتمع دون تحيز إلى أي توجه، لكن التعبير عن القلق بهذه الطريقة غير الحضارية يعني أننا نوجد في منزلق خطير ويمكن أن نسقط في قانون الغاب. وكم هو مسيء إلى صورة البلد أن يتم استغلال براءة الأطفال في أعمال انتقامية ضد الصحافة والصحافيين، إذا كنا فعلا نريد تطوير إعلامنا بالشكل الذي يصبو إليه الجميع.