أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن الزيادة في التعويضات التي سيستفيد منها الأئمة والخطباء، وعن تخصيص غلاف مالي لهذا الغرض، على أن يبدأ صرف تلك التعويضات ابتداء من شهر يناير المقبل بأثر رجعي. وحسنا فعلت الوزارة عندما تذكرت هذه الفئة، لكن ليتها سكتت عن مقدار هذه التعويضات، لأن ما قامت به جعل المثل القائل «سكت دهرا ونطق كفرا» ينطبق عليها. منذ سنوات طويلة وشريحة الأئمة والخطباء يقاومون الإهمال واللامبالاة من قبل الوزارة المسؤولة عن تدبير الملف الديني في المملكة، فقد قامت وزارة أحمد التوفيق بوضع مخطط لإعادة هيكلة الحقل الديني قبل سبع سنوات، لكنها لم تفهم الهيكلة سوى على أنها تعني الاعتناء بجدران المساجد والقباب وأماكن وضع الأحذية، بينما تناست الفئة الساهرة على تنزيل هذا المخطط على أرض الواقع، وهي فئة الأئمة والخطباء والمؤذنين الذين لم تتذكرهم سوى بوضع «دليل الخطيب والواعظ» الذي يتضمن التهديد بالعقوبات، أما العمل على تحسين أوضاعهم فهذا ما لم تفعله الوزارة التي تتوفر على وعاء عقاري ضخم يتم تفويت بعضه أو كراء بعضه الآخر بأسعار زهيدة، بدل أن تضع سياسة عقلانية للتدبير يستفيد منها هؤلاء الأئمة والخطباء والمؤذنون الذين لا يجدون من يحمل لواء الدفاع عن قضيتهم، ويظلون معرضين لأسوأ العقوبات على أيدي مسؤولي الوزارة لأقل الأسباب، مثل التوقيف أو الطرد من المنبر نهائيا. ما زالت الوزارة تكرس، هي نفسها، الصورة المنطبعة عن هذه الفئة والتي كان عليها أن تغيرها في مرحلة ما بعد ما سمي بالإصلاح الديني، فهي ترى أن أفراد هذه الفئة ليسوا مواطنين لديهم حاجيات وأسر وعائلات، وأنهم يمكن أن يعيشوا على تعويضات بسيطة تمنحهم إياها نزولا عند ضغط الشارع لا رأفة بهم، ولذلك يحق التساؤل حول ما إن كانت الوزارة تعترف بالداخلين في هذه الفئة كمواطنين أولا، قبل أن تبادر إلى توزيع تعويضات هزيلة تجعلهم يبدون كطالبي صدقة أمام باب الوزارة.