في خطوة تصعيدية ضد الحكومة، هدد الفريق النيابي للعدالة والتنمية بالاعتصام داخل المؤسسة التشريعية في حال عدم استجابة عباس الفاسي، رئيس الحكومة، لاستدعائه من قبل الفريق إلى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب لتوضيح خلفيات قرار سحب مشروع القانون المالي لسنة 2012. وقال لحسن الداودي، رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، إن فريقه سينظم اعتصاما داخل المجلس في حال عدم استجابة رئيس الحكومة لاستدعائه أمام لجنة المالية لمناقشة ما سماه «ارتباك الحكومة في تدبير ملف تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2012 أمام مجلس النواب»، بعد توصل هذا المجلس بمشروع القانون المذكور وسحبه عقب نصف ساعة فقط، وبعد برمجة جلسة عمومية عشية أول أمس الخميس لعرضه على أنظار نواب الأمة. واعتبر الداودي، في تصريح ل«المساء»، أن عدم استجابة الفاسي لطلب الاستدعاء سيشكل برهانا آخر على استهتاره بالمؤسسة التشريعية، خاصة في ظل وجود سوابق في ذلك آخرها عدم تلبيته طلب فريقه تقديم توضيحات بخصوص الجدل الذي أثاره عزم الحكومة على فرض ضريبة على الثروة. وذهب الداودي إلى أن الحكومة تتعامل مع مؤسسة مجلس النواب بمنطق الملحقة، حيث تحيل مشاريعها عليه وتسحبها متى شاءت، وهو ما يتنافى والمقتضيات الدستورية، داعيا إياها إلى احترام المؤسسة التشريعية وتحمل مسؤوليتها في حسن تدبير متطلبات الاستحقاقات الانتخابية. إلى ذلك، استنكر فريق العدالة والتنمية، خلال اجتماع استثنائي عقده أول أمس الخميس مكتب الفريق، ما أسماه ب«الارتباك الحكومي في تدبير ملفات المرحلة»، وعلى رأسها تقديم الحكومة لمشروع قانون المالية، بعد أن سارعت إلى سحبه من مجلس النواب بعد إيداعه بدقائق معدودة يوم الأربعاء الماضي، معتبرا، في بلاغ توصلت الجريدة بنسخة منه، تصرفا كهذا «من قبيل العبث والتخبط الذي باتت تعيشه الحكومة الحالية». من جهة أخرى، لم تجد حكومة عباس الفاسي من مبررات غير ضغط أجندة الانتخابات وتراكم القوانين المحالة على الدورة الاستثنائية للبرلمان. وأوضح وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، خلال اللقاء الصحافي الذي عقده بعد المجلس الحكومي أول أمس الخميس، أن تأجيل دراسة مشروع قانون المالية لسنة 2012، كما كان مقررا يوم الخميس في إطار الدورة الاستثنائية لمجلسي النواب والمستشارين، لا يعود إلى صراع حزبي. وقال ردا على سؤال ل»المساء» حول وجود صراع بين أحزاب الأغلبية وأنه هو الذي كان وراء قرار السحب المفاجئ لمشروع قانون المالية: «لا أشاطر هذا الرأي لأنه ليس هناك ما يبرره أو يسنده»، مؤكدا أن الحكومة «تستشعر عبء المسؤولية الملقاة على عاتقها وتدبر الشأن العام بما يلزم من الالتزام والثقة والمسؤولية والعمل المشترك». وبالنسبة إلى وزير الاتصال، فإن الأمر «يتعلق فقط بتدبير الأجندة السياسية وبتدبير جدول أعمال مجلسي النواب والمستشارين في إطار الدورة الاستثنائية للبرلمان التي تستغرق مدة قصيرة جدا، «إذ يجب أن تنتهي في أقصى الحالات ليلة الدورة العادية، أي ليلة 14 أكتوبر القادم». وكشف الناصري أن المجلس الحكومي قرر اتخاذ مهلة بضعة أيام لتكثيف المشاورات من أجل التدبير الأمثل للأجندة السياسية، مشيرا إلى أن مشروع قانون المالية، الذي يكتسي أولوية بالنسبة إلى الحكومة وإلى مستقبل البلاد، يتم تدبيره من خلال المشاورات اللازمة التي من المفروض تدبيرها في ضوء الانتخابات المقرر إجراؤها يوم 25 نونبر المقبل، معتبرا، في رده على الانتقادات الموجهة إلى حكومة عباس الفاسي، أن هذه الأخيرة «واعية تمام الوعي بكل عناصر المرحلة الراهنة، خاصة وأننا نتعامل مع برنامج زمني جد مكثف». وفي السياق ذاته، أوضح محمد اليازغي، وزير الدولة، أن رئيس الحكومة ارتأى، أمام تراكم القوانين المعروضة حاليا على البرلمان، أن يؤجل مناقشة مشروع القانون المالي إلى السنة القادمة ولم يتم سحبه؛ مشيرا، في اتصال أجرته معه «المساء»، إلى أن قرار السحب يقتضي إصدار الحكومة لمرسوم في هذا الصدد. وأوضح اليازغي أن الأمانة العامة للحكومة استرجعت الوثائق المتعلقة بالمشروع في انتظار تحديد المسطرة بين رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين، وكذا الصيغة التي تراعي وضعية حكومة في نهاية مشوارها وتهيئ الظروف لحكومة قادمة. وأوضح اليازغي أن الحكومة ناقشت، خلال اجتماع المجلس الحكومي أول أمس، قرار تأجيل المناقشة، على أن تعقد اجتماعا آخر لمناقشة موضوع القانون المالي، مستبعدا إمكانية إلغاء عرضه خلال الدورة الاستثنائية للبرلمان. ومن ناحية أخرى، ما زال أحزاب الأغلبية الحكومية تحت وقع مفاجأة سحب مشروع قانون المالية؛ وقال محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي بالغرفة الثانية، معلقا على ما حدث: «ما فهمتْ والو وما عنديش جواب»، قبل أن يستدرك قائلا: «ما وقع سيدعم المشككين وسيظهر أن هناك نوعا من الارتباك لدى الأغلبية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوضوح»؛ مشيرا، في اتصال أجرته معه «المساء»، إلى أن وقع المفاجأة مبعثه أن قرار السحب جاء بعد اجتماع الأغلبية واستقرار رأيها، بعد نقاش طويل، على عرض المشروع على الدورة الاستثنائية وإصدار مرسوم تعديلي للدورة.