ما زالت تداعيات «التحديد الترابي» الجديد لمدينة فاس، في علاقتها مع الجماعات القروية المحيطة، مفتوحة. فقد كشفت وثائق حصلت عليها «المساء» عن «فصول» جديدة من هذا «النزاع» العمراني. فقد تم «إلحاق» ما يقرب من 500 هكتار من أراضي الجماعة القروية «أولاد الطيب» في المدار الحضري لفاس، في السنة الماضية، وتم منح رخص البناء في هذه الأراضي لعدد من الشركات العقارية من قِبَل المجلس الجماعي للمدينة، أشار تصميم حديث الإعداد من قبل الوكالة الحضرية للمدينة (أُعِدّ في شهر يونيو 2011) إلى أن مسألة «إلحاق» هذه المساحات الشاسعة من أراضي هذه الجماعة يعتبر مجرد «اقتراح»، ما يفيد، بالنسبة إلى الجماعة القروية، أن عملية «التصرف» في هذه الأراضي أمر «خارج عن القانون». وقد تعذّرَ على «المساء» الحصول على وجهة نظر المجلس الجماعي في هذا الموضوع، فيما فضّل أكثر من مسؤول في كل من مندوبية الإسكان والوكالة الحضرية لفاس عدم الخوض في تفاصيله، فقد رفض نائب مدير الوكالة الحضرية (المدير في عطلة) إعطاء أي تصريح ل»المساء» حول هذا الملف واكتفى بالقول إن «التقطيع هو من اختصاص الولاية». وأشار مسؤول في المفتشية الجهوية للإسكان، في اتصال ل«المساء» به، إلى أن «الموضوع ليس من اختصاصنا» ورفض الدخول في تفاصيل الملف. وطبقا للوثائق نفسها، فقد عمدت الوكالة الحضرية إلى إعداد مشروع لتوسيع المجال الحضري للمدينة، اقترحت أن تصل المساحة الإجمالية لهذه التوسعة إلى 14625 هكتارا. لكن هذا المشروع يُواجَه ب»معارضة» جل الجماعات القروية المحيطة، التي من المنتظَر أن «تأكل» مدينة فاس من أراضيها. وقد اضطر هذا الوضع إدارة الوكالة الحضرية إلى «تأجيل» اعتماد تصميم التهيئة الجديد. ويعود تصميم التهيئة، المنتهية صلاحيته إلى سنة 2007، ومنذ ذلك التاريخ، بقيت المدينة بدون خارطة عمرانية. وكان ملف «التقسيم الترابي» الجديد قد أشعل فتيل حرب كلامية بين حزبي الأصالة والمعاصرة، الذي يعتبر الجماعة القروية من أبرز قلاعه في الجهة، والاستقلال، الذي يُسيّر شؤون مدينة فاس. ووصلت هذه الحرب الكلامية إلى البرلمان وأدخل رئيس الجماعة، رشيد الفايق، الملف إلى القضاء الإداري. واعتمدت المحكمة الإدارية مرسوما صدر سنة 1998 لإجراء خبرة حول الملف من قِبَل مختصين. وتتمسك هذه الجماعة القروية بمرسوم 1998 وتعتبره آخر مرسوم للتقسيم الترابي المعتمد حتى الآن بين فاس وجماعة «أولاد الطيب». وتراهن هذه الجماعة القروية على «العائدات السنوية» التي يمكن أن تُدرّها هذه الأراضي إلى مشاريع تنموية. وتقدر المصادر قيمة هذه العائدات السنوية بحوالي 65 مليار سنتيم. وكانت أولى مراحل هذا النزاع حول الضريبة السنوية المفروضة على مرجان، في صيغته الثانية، قد «حسمت» في ضخ هذه العائدات في ميزانية الجماعة القروية ل«أولاد الطيب»، بعدما عمد المجلس الجماعي لفاس إلى تحويل مبلغ التفويت إلى حسابه.