من الصعب جدا التنبؤ بمسار تطور مرض الفصام، لكن يمكن مقاربة الموضوع بما يسمح للمريض ولأسرته بمعرفة أفضل لما يقع، وتفهم الخطوات التي يقوم بها الطبيب المعالج. وأهم الحقائق التي ينطلق منها ذلك ما يلي: - الفصام مرض مزمن، يحتاج في الأصل إلى علاج طويل أو دائم، شأنه في ذلك شأن الأمراض العضوية المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري. – بقدر ما يكون العلاج مبكرا ومستمرا، بقدر ما نتحكم في تطور المرض، وبقدر ما يمكن مساعدة صاحبه على الاندماج في المجتمع، وربما يتمكن من ممارسة عمل منتج. - يتميز المرض بالانتكاسات وعودة النوبات فترة بعد فترة. وهو مما يزعج الوسط الذي يعيش فيه المريض، ويربكه. - لا يستطيع أحد أن يتكهن بمصير المرض ولا بمسار تطوره، إلا بعد عدة سنوات من المتابعة والاستقصاء . - إيقاف العلاج قرار خطير يجب ألا يتخذه المريض ولا أسرته، إلا باستشارة الطبيب المعالج وبتوجيه منه. – قد تظهر على المصاب بالفصام أعراض أمراض مصاحبة مثله مثل أي إنسان آخر. فقد يصاب بالاكتئاب أو القلق أو اضطرابات عضوية معينة. وفى هذه الحالة يجب الإسراع بمعالجة الحالة مبكراً وبطريقة فعالة . هناك طيف واسع من المسارات التي ينتهي إليها المرض، لكن نلخصها أساسا في أربعة مسارات، هي: 1 – استقرار الحالة على العموم، وفيها تكون الاستجابة للعلاج مقبولة، مع حدوث نوبات حادة يمكن احتواؤها بسهولة نسبية. قد يعود المريض مع العلاج إلى التحكم النسبي في أعراضه، ولكنه لا يستطيع العمل أو التفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي. 2 - التدهور البطيء أو السريع، وذلك بالخصوص إذا لم يعالج المرض في بدء الأمر، أو لم يلتزم المصاب بالعلاج المناسب، أو تعرض لأزمات أو مشاكل كبيرة في حياته. ولأن الفصام مرض ذو طبيعة انتكاسية، فإن تحمل المريض للضغوط البيئية أو النفسية التي يتعرض لها ينخفض مع كل انتكاسة، مما يزيد التدهور بصورة مستمرة. وفي عدد من الحالات التي تعرف انتكاسات متتالية أو إذا رفض المريض تناول علاجه بسبب عدم وعيه بالمرض يلجأ إلى الأدوية طويلة التأثير. وهي حقن يحقنها المريض مرة كل شهر مثلا، فتغطي الشهر كله. وقد يزداد التدهور مما يستلزم إدخال المريض للمستشفى بصورة متكررة. 3 – التحسن النسبي. وهو يستلزم شروطا عدة أهمها ثلاثة. الأول العلاج المبكر الذي يؤثر تأثيرا فعالا في مصير المرضى ودرجه توافقهم الاجتماعي. الشرط الثاني التناول المنتظم للأدوية والعلاجات، الشرط الثالث الرعاية الاجتماعية في الأسرة. وبتوفر هذه الشروط يتيسر الاندماج الاجتماعي ويتمكن المريض من أن يعيش في حالة طبيعية وأن يزاول نشاطا اجتماعيا أو مهنيا بصورة مقبولة. وقد يتزوج أو يعيش في أسرته بصورة مقبولة. وعلى الرغم من ذلك التطور الإيجابي إلا أنه لا يمكن الجزم بأن المريض قد شفي تماما، ولا أنه استعاد من جديد كل إمكانياته وقدراته ومهاراته التي كان يتوفر عليها قبل المرض. وفي كثير من الأحيان يتعرض للانتكاسة بمجرد توقيف العلاج. 4 – التحسن الجيد، وهذا مسار قليل جدا، إذ لا يتعلق الأمر إلا بما لا يزيد على 10 % من المرضى. ومع مرور الوقت، وبسبب انتشار الوعي الصحي واكتشاف المزيد من الأدوية المتطورة المضادة للذهان، فإن مسار التحسن يتعزز أكثر فأكثر، ومسار التدهور يقل مع مرور الوقت. كما أن التحسن يزداد بشكل عام مع تقدم السن. وعلى مستوى آخر فإن أسر مرضى الفصام هم أيضا تصلهم آثار المرض. وتدل الإحصائيات على أن أكثر من يعاني من مشاكل واضطرابات نفسية أو من معاناة اقتصادية وضائقة مالية بسبب أن واحدا أو أكثر من أبنائهم لا يستطيعون الاعتماد على الذات، وتتحمل أسرهم أعباء حياتهم.