تحبل العديد من المواقع الالكترونية وكذا بعض كتب الدين والفتاوى بالكثير من الأسئلة والفتاوى الغريبة حول كيفية معاشرة الجن للإنس وإمكانية التزاوج والتوالد بينهما وغير ذلك من الأمور، التي باتت تثير اهتمام الكثيرين. هذه نماذج من بعض هذه الأسئلة والفتاوى. • التناكح بين الإنس والجن هل يوجب الغسل أم لا ؟ - معلوم أن الجن أرواح مستغنية عن أجساد تقوم بها، ولكن الله أقدرهم على الكلام المسموع وعلى التشكل بصور ومظاهر متنوعة، كما أقدرهم على الدخول في أجساد الإنس، حيث تغلب روح الجني على روح الإنسي. والغالب أن الذكر منهم لا يلابس إلا الأنثى من البشر، والأنثى تلابس الذكر من البشر، ويجدون لذة وشهوة. وقد ذكر. التناكح بين الإنس والجن، حيث إن الجن يظهرون بصورة بشر ويكلمون الإنسي الذي يعشقونه ثم يعقدون له عقدا شرعيا على امرأة منهم، ويدلونه على كيفية الحصول عليها بندائها أو ضرب موضع معين بيده أو بعصا ونحوها، فتخرج له متمثلة في صورة امرأة من الإنس فيباشرها كما يباشر زوجته من البشر، ويجد لذلك لذة محسوسة، ويحصل منه الإنزال المعروف، ولا أدري هل يحصل التوالد أم لا، وهذا ما حكاه لنا من نثق به، ولكن ذلك نادر. وهكذا قد يخطفون الأنثى من البشر وتغيب عندهم ويفتقدها أهلها وتتزوج منهم ويباشرها كما يباشر الرجل امرأته وهكذا. وقد حكت بعض النساء أنها تبتلى بشخص من الجن يكلمها ويخلو بها ويجامعها قهرا كزوجها ولا يراه غيرها، حيث يختفي متى كان هناك أحد من أهل البيت. ولا شك أنه متى حصل الوطء المعروف من الرجل لامرأة من الجن أو وطئ رجل منهم المرأة من الإنس حصلت الجنابة ووجب الغسل لوجود سببين، هما الإيلاج الحقيقي والإنزال والله أعلم. (الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين) • هل يمكن أن يتشكل جني لامرأة في صورة رجل ويقع بينهما استمتاع؟ -يُمكن وقوع الاستمتاع عن طريق التلبس، ولأن الجن يتصوّرون بصور شتى . وقد جاء في تفسير قوله تعالى : «وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا» أن من ذلك الاستمتاع زواج بعضهم ببعض.والجن أعطاهم الله القدرة على التصوّر بصور شتى كما أسْلَفْت. قال الإمام السمعاني في تفسير قوله تعالى: «وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ» قال : وفي بعض المسانيد عن ابن عباس أن رجلا أتاه وقال إن امرأتي استيقظت وكأن في فرجها شُعلة نار . قال : ذاك مِن وطء الجن. قال: فمن أولادهم؟ قال: هؤلاء المخنثون. وعن جعفر بن محمد أن الشيطان يَقعد على ذَكَر الرَّجُل فإذا لم يُسَمّ الله أصاب امرأته معه وأنزل في فرجها كما يُنْزِل الرَّجُل. وروي قريبا من هذا عن مجاهد. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : صَرْع الجن للإنس قد يكون عن شَهوة وهَوى وعِشق، كما يتفق للإنس مع الجن، وقد يتناكح الإنس والجن ويُولد بينهما وَلد، وهذا كثير معروف، وقد ذَكَرَ العلماء ذلك وتَكَلّمُوا عليه. وكَرِهَ أكثر العلماء مُنَاكَحَة الْجِنّ. والله تعالى أعلم.
• رجل طلبت منه جنية أن يتزوج منها ووعدته بتحقيق الكثير من الأمنيات المادية العزيزة عليه. هل يقبل أم لا؟ - بغض النظر عن إمكانية الزواج أم لا وعن جوازه أم لا، فالذي أؤكد عليه أنه إن تم بالفعل وكان جائزا شرعا، فالرجل منصوح بشدة أن لا يقبل بهذا الزواج لأن الرجل الإنسي يتزوج بإنسية والجني يتزوج بجنية، ولأن الزواج إن تم وكان جائزا بالفعل فإن الخاسر الأول لا محالة هو الرجل: بدنيا ونفسيا وإيمانيا. إن الأصل في الجن أنهم يكذبون وإن الأصل فيهم أنهم يقدمون شبه خدمة للإنسي (أو خدمة حرام مغلفة بحلال) ويقدم هو لهم في المقابل خدمات.إنهم يخدمونه في شيء ويتسلطون عليه في أشياء بدنية ونفسية، وقد يساعدونه على طاعة واحدة مقابل إجباره على ارتكاب معاص عدة، فالحذر ثم الحذر أيها الرجل وإياك أن تلقي بنفسك إلى التهلكة.
• هل يؤخذ بقول من أجاز زواج الإنسي بجنية أم بمن حرم ذلك؟ - أرى والله أعلم بأن القول بعدم الجواز أولى. إن هذا الزواج إن حصل بالفعل (وهو مستبعد جدا) بين إنسي وجنية فلن يتحقق منه خير لأنه قد تترتب عنه مفاسد كثيرة لقدرة الجنية على التشكل بصورة أخرى. وكيف يثق الإنسي بأن التي تخالطه هي زوجته حقا (ربما كانت غيرها)، ولأن الزواج لابد فيه من ولي وشاهدي عدل وصداق كشرط لصحة النكاح، ولأنه لابد من خلو المرأة من الموانع (ربما تعذر تحقق كل ذلك لاختلاف طبيعة الجن عن الإنس)، ولأن النكاح شرع للألفة والسكون والاستئناس والمودة وذلك كله مفقود في الجن، ولأنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله تعالى قال: «فانكحوا ما طاب لكم من النساء» (النساء : 3). والنساء اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على التحريم، ولا ننسى أن الأصل في الأبضاع أو الفروج هو الحرمة حتى يرد دليل على الحل والإباحة، ولأن الذي يتصل من الإنس بالجن يخاف عليه أن يكون ممسوسا يحتاج إلى علاج أو إلى من يرقيه لا لمن يبارك له زواجه، إلى غير ذلك من الأمور والسيئات والسلبيات والمخاطر. ومنه روي المنع وعدم الجواز وحرمة التزاوج بين الجن والإنس... روي ذلك عن الحسن البصري وقتادة والحكم بن عيينة وإسحق بن راهوية رضي الله عنهم أجمعين.
• إذا حصل بين الإنس والجن زواج هل يكون شرعياً؟ وهل يستطيعون أن ينجبوا أطفالاً؟ وإلى أي الفئتين ينتسب الأطفال إذا كان هناك أطفال؟ - أما زواج الجن بالإنس فالمتعة حاصلة، فقد يتمتع الإنسي بالجني، والجني بالإنسي، لكن الزواج بالمفهوم الشرعي هل هو حلال؟ لا، والأحاديث التي فيها التصريح بوقوع الزواج من الإنسي للجني، كلها ضعيفة لم تثبت في سنة، بل استنبط غير واحد من الفقهاء من قول الله عز وجل: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً» أن في ذلك دلالة على أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج امرأة من غير جنسه. وورد عن أبي داود في سننه من حديث عائشة (برقم 5107) قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل رُئي فيكم المغربون؟» قلت: وما المغربون؟ قال: «الذي يشترك فيهم الجن»، وهذا حديث لم يثبت. وكذا أخرج أبو الشيخ في «العظمة» وابن عدي في «الكامل» وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحد أبوي بلقيس كان جنياً»، وهذا أيضاً ضعيف جداً. وهنا قصة لم تصح ولم تثبت من الإمام مالك أنه سئل: «هل يجوز للرجل أن يتزوج الجنية؟»، فسكت ولم يجب، ثم في مجلس خاص سئل: «لِمَ لَمْ تجب؟»، فقال: «يجوز، لكن أخشى أن تأتي المسلمة حاملاً من الزنا، ويقال لها: ماذا فعلت؟ فتقول: تزوجني جني» فهي غير صحيحة عن مالك، ومدارها على رجل يكنى أبو عثمان واسمه سعيد بن داود الزنبري، وهو ضعيف جداً، ولم ترد القصة عن غيره. وقد ذكر الألوسي في تفسيره عند ذكر بلقيس، حكايات كثيرة جداً، وقال هي أشبه شيء بالخرافات(...) وقد اتصل بي شيخنا مرة، وقد علم أني أجمع كلام شيخ الإسلام عن الجن وله كلام بديع، فقال لي الشيخ مرشداً: هل وقفت على كلام الألوسي في تناكح الإنسي من الجني؟ فقلت له: لا، قال: فاسمع، وألقى علي كلام الألوسي وهو جميل جداً، وهو قوله: «ثم ليت شعري إذا حملت الجنية من الإنسي هل تبقى على لطافتها فلا ترى، والحمل على كثافته فيرى، أو يكون الحمل لطيفاً مثلها فلا يريان، فإذا تم أمره تكثف وظهر كسائر بني آدم؟ أو تكون كشكل نساء بني آدم، ما دام الحمل في بطنها؟ وهو فيها يتغذى وينمو بما يصل إليها من غذائها... فالحمل والزواج غير وارد، أما الاستمتاع والتمتع فهذا حاصل». الجن مخلوقات ليست كثيفة قد تحل البدن، وإن حلت البدن قد يحصل استمتاع، لكن لا يجوز أن نقول: النكاح شرعي بين الإنسي والجني ولا يجوز أن نقول عن أحد أبويه جنياً(...) والفقهاء يقولون في باب الغسل : لو قالت : إنَّ جنياً يجامعها كالرجل؛ وجب عليها الغسل، وأما أنَّ الرجل يجامع الأنثى من الجن، فقد قيل ذلك، لكن لم أره في كلام أهل العلم، وإنما أساطير تقال، والله أعلم. (الشيخ مشهور حسن)
• هل يحدث التزاوج بين الإنس والجن؟ - إن التزاوج بين بني الإنسان وبين الجان يحدث وشاهدنا قوله تعالى: «وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ» (الأنعام:128).لكن إذا تزوج جني من إنسية، أي أن الرجل من الجان والمرأة من الإنس، فلا يكون هناك حمل وولد.وأما إذا كان العكس، أي أن الرجل إنسي والمرأة من الجن فإنه يكون ولدا وهو جني. (الشيخ الدكتور محمد موسى نصر)