رأى بعض المراقبين الأمريكيين في اختيار المرشح الجمهوري ماكين امرأة، سارة بالين، لكي تكون نائبته في سباقه نحو المكتب البيضاوي في البيت الأبيض أكبر كابوس يمكن أن يزعج غريمه الديموقراطي باراك أوباما، لأنهم يرون أن هذه الأخيرة سوف تجذب إلى صفها كل الناخبين الذين كانوا يريدون التصويت على هيلاري وأصابهم الإحباط إثر تغلب أوباما عليها. في نفس الوقت رأى آخرون أن اختيار ماكين لملكة الجمال السابقة، وحاكمة ولاية ألاسكا ضعيفة الكثافة السكانية، هو أكبر خطأ ارتكبه، لدرجة أن البعض شكك في قواه العقلية. «لا تزال بالين في ولايتها الأولى كحاكمة لولاية تفوق فيها أعداد حيوانات الإيال تعداد البشر، كما أنها بحاجة لاكتساب بعض الوزن لتصبح ملاكمة من الوزن «الخفيف.. نعم، إن ماضيها مثير للإعجاب، كصائدة للأسماك، ووالدة لخمسة أطفال، إلا أن ذلك لا يؤهلها لتولي ثاني أعلى منصب في الولاياتالمتحدة.» هكذا سخر بول بيغالا المحلل الاستراتيجي الديموقراطي من المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة لأنه اختار سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا، 44 سنة، وأم لخمسة أطفال، نائبة له. وأضاف المحلل السياسي نفسه «اختيار ماكين، البالغ من العمر 72 عاما، والذي خاض أربع جولات مع مرض السرطان، لمرشح غير مؤهل على الإطلاق لتولي المنصب، خطوة غير مسؤولة بشكل يثير الدهشة، فعمر المرشح الجمهوري، إلى جانب حالته الصحية، كانا مثار تساؤلات خلال الحملة، وسيضاف إليها أيضاً أحكامه». كان المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، جون ماكين، قد قدم رسمياً في الثلاثين من غشت الماضي حاكمة ولاية ألاسكا، سارة بالين، التي اختارها للترشح إلى جانبه لمنصب نائب الرئيس، وذلك أمام حشد ضم 15 ألفاً من أنصاره، وصفها خلاله بأنها «أفضل شخصية قادرة على مساعدتي لإنجاز التغيير في واشنطن.» أما بالين، التي شكل اختيارها مفاجأة للكثير من المراقبين نظراًَ لقلة خبرتها في السياسة، فقد وصفت نفسها بأنها إحدى «المحاربات ضد الفساد» غير أنها تسببت في أول إطلالة لها بردود فعل متباينة، وذلك بعد إشارتها إلى المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون ودورها في التمثيل السياسي للمرأة. سارة معجبة بهيلاري ما حصل هو أن بالين، في أول إطلالة لها، توجهت بالشكر إلى جيرالدين فيرارا، أول سيدة ترشحت لمنصب نائب الرئيس في التاريخ الأمريكي عام 1984، وذلك بسبب شجاعتها في خوض غمار السياسة، ثم تابعت بتحية هيلاري كلينتون، من الحزب الديموقراطي، التي قالت إنها تركت «18 مليون شرخ» في الحواجز التي تعترض دور المرأة في الحياة السياسية، وهو الشيء الذي قسم الجمهوريين الذين صفّق بعضهم، بينما استنكف بعضهم الآخر عن ذلك. وما كان من ماكين حينها سوى أن سعى إلى تحويل نقطة الانتقادات التي أثارها البعض ضد بالين، باعتبار كونها شخصية جديدة على الساحة السياسية، إلى نقطة قوة، من خلال إظهارها على أنها تمثل «الروح الجديدة» فقال: «هي الشخص المناسب الذي تحتاجه البلاد لمحاربة أساليب السياسة القديمة السائدة.» كما أن ماكين اختار بالين للترشح إلى جانبه بعد ساعات قليلة من خطاب خصمه الديمقراطي، باراك أوباما، الذي قبل ترشيح الحزب له. وكما جاء اختيار أوباما لجو بايدن كي يترشح إلى جانبه لمنصب نائب الرئيس بهدف الاستجابة لبعض نقاط النقص، كذلك كان خيار ماكين مدفوعاً بعوامل مماثلة، فقد اختار امرأة لمحاولة نيل تأييد الناخبات، إلى جانب أن سن بالين لا يتجاوز 44 عاماً، وهي أصغر من تولى حكم ولاية أمريكية، وبذلك يكون قد وفّر لحملته عنصر الشباب، وهو الذي يحتفل ببلوغه 72 عاماً. مسألة كفاءة وفي مقابلة صحفية أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز»، دافع المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، عن اختياره سارة بالين للترشح إلى جانبه لمنصب نائب الرئيس، فقال إن لديها خبرة كبيرة في المجال الإداري وفي قطاع الطاقة، الذي اعتبر أنه «يمثل جزءاً من الأمن القومي،» دون أن ينسى الإشارة إلى زيارتها للقوات الأمريكية بالكويت. عندما سأل المذيع ماكين عن وصفه لأوباما بأنه «غير جاهز للرئاسة بشكل خطير،» وما إذا كان ذلك يفيد أيضا القول بأن بالين «غير جاهزة للرئاسة بصورة أخطر» بالمقارنة معه، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية. فرد ماكين بالقول إن مرشحته لمنصب نائب الرئيس: «تفهم بشكل جيد طبيعة التحديات التي تواجهنا.» وأجرى بعد ذلك مقارنة بينها وبين أوباما، صبت، من وجهة نظره، لصالحها، فقال: «أعتقد أنها لها أحكاماً سليمة، وهي لا تعتقد، على غرار السيناتور أوباما، بأن إيران هي مجرد مصدر إزعاج هامشي». سيدة الغاز والنفط هى حاكمة لواحدة من أبعد الولايات عن واشنطن وهي ولاية الاسكا، التي لها في المجمع الانتخابي 3 اصوات فقط، فيما كاليفورنيا مثلا لها 54 صوتا. وقبل ذلك كانت عمدة مدينة واسيلا التي يبلغ عدد سكانها سبعة آلاف شخص. في هذه المدينة الصغيرة، ولدت سارة بولين (11 2 1964)، وتربت، ودخلت المدرسة الابتدائية، وعادت اليها بعد أن تخرجت من الجامعة، وتزوجت فيها، ولا تزال تعيش فيها مع زوجها وأبنائها الخمسة. فضلت سارة منزلا صغيرا يطل على بحيرة هادئة على منزل حاكم الولاية في العاصمة جونيو المزدحمة. قسمت وقتها بين المنزلين، وتعيش في العاصمة خاصة عندما ينعقد كونغرس الولاية بمجلسيه الشيوخ والنواب. وعندما تكون في واسيلا، يشاهدها الناس وهي تركض في الشارع، أو تأخذ أولادها وبناتها الى المدارس أو في الشتاء، تتزحلق على الجليد، أما في الصيف فتدعو الجيران والاصدقاء الى «كوك آت» (أو شواء على الطريقة الأميركية). وكانت بالين، وهي أول امرأة تتولى حكم ألاسكا، قد شغلت في السابق مناصب مسؤولة تواصل بالسياسة المحلية، لذلك يرى فيها العديد من الجمهوريين «وافدة جديدة» على الشأن السياسي الوطني والدولي، وقد بدأت عملها عام 1996 في المجلس البلدي لبلدة «وسيلا» قبل أن تتولى إدارة رئاسة «لجنة الحفاظ على الغاز والنفط» التي تدير ثروة الولاية من هاتين المادتين. غير أنها لم تنج من ملفات مثيرة للجدل فتحت من حولها، وفي مقدمتها دعوى ما تزال قيد التحقيق، تفيد بأنها عملت على طرد مدير إدارة السلامة العامة بعدما رفض فصل زوج شقيقتها السابق من وظيفته في الإدارة. ابنتها حامل دون زواج اضطر أحد مساعدي السيناتور جون ماكين أن يخرج إلى الصحافة الأسبوع الماضي ليؤكد أنّ ابنة المرشحة التي اختارها ماكين لتكون نائبة له في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، سارة بالين، حامل وستحتفظ بوليدها. وأضاف أن الابنة بريستول بالين التي تبلغ من العمر 17 عاما ستتزوج والد الرضيع. وقد يكون أهم ما أعلن عنه الرجل أن ماكين كان على علم بحمل بريستول بالين قبل أن يختار والدتها لتخوض معه المعركة الانتخابية مرشحة لمنصب نائب الرئيس. وقال «لقد عرف السيناتور ماكين وشعر أنه لا مجال لمنعها من أن تكون نائبة للرئيس» مضيفا أنّ «العائلات تمرّ في بعض الأحيان بصعوبات وهي محظوظة لكونها تحظى بعائلة تدعمها.» مساعد ماكين قال إن فريق ماكين الانتخابي قرّر الكشف عن النبأ بسبب تزايد الشائعات على شبكة الانترنت من كون ابن سارة بالين البالغ من العمر الآن أربعة شهور، هو في الواقع ابن بريستول. وأصدر تود وسارة بالين، والدا بريستول، بيانا قالا فيه إنهما «فخوران بقرار بريستول الاحتفاظ بالوليد، وأكثر من ذلك فخوران بأن يصبحا جدين.» علما أن بالين من أكبر المناهضين للإجهاض. ما لاتعرفه عن «بالين» كتبت مجلة «بيبول» الشهيرة التي أجرت حوارا مع سارة بالين، عن الأشياء الخمسة التي لا يعرفها الأمريكيون عن سارة بالين وهي، أولا، أصغر أولادها الخمسة مصاب بمتلازمة داون (متلازمة كروموسوم 21 الثلاثي). ثانيا، لديها ولد يدعى تراك (19 عاماً) يخدم في الجيش الأمريكي ويتوقع إيفاده إلى العراق هذا الخريف. وقالت في هذا الشأن: «إنه يتطلع لذلك، نحن فخورون به». ثالثا، زوجها تود (44 عاماً) الذي ترتبط به منذ 20 عاماً تعود نصف جذوره لأهالي الإسكيمو الأصليين. وتقول إن تود يساعد في إدارة أعمال للأسرة في قطاع صيد الأسماك بالإضافة إلى عمله بدوام كامل في شركة لإنتاج النفط. وتقول بالين إنها وقعت في حبه من النظرة الأولى خلال دراستها الجامعية. رابعا، سارة بالين خريجة جامعة إيداهو هي ملكة جمال سابقة، إذا اختيرت بين عشرات المتنافسات ملكة جمال لمدينة واسيلا وتقول إنها شاركت في المسابقة للحصول على أموال لمواصلة دراستها الجامعية. وتؤكد في حوار مع مجلة «فوغ» إنها تفضل لعب كرة السلة والصيد البري على مسابقات ارتداء لباس السباحة وفساتين السهرة.. أحب الحياة في الهواء الطلق..كما قالت لمجلة «بيبول.» خامسا، تتميز سارة بذوقها الخاص عندما يتعلق الأمر بمظهرها الخارجي، فحاكمة ولاية ألاسكا تفضل اللباس المريح مثل لباس الصيد إلا أن مركزها كحاكمة يفرض عليها ارتداء لباس رسمي ونظارة فاخرة تحمل توقيع «كاز كاواساكي» وحذاء للمصمم فرانكو سارتو.