«أيها الرفاق، إنها آمال أمة وأماني وطن، مقدمة على رغباتنا وأهوائنا، إنه ليس مجدا شخصيا نبحث عنه». الشاعر اليوناني العظيم هوميروس «الإلياذة» مناسبة هذا المقال هي الاجتماع الذي عقدناه مع السيد الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، في إطار حركة الشباب المغربي من أجل التمثيلية السياسية الآن، والذي أكدت فيه، باسم منظمة شباب الشعب الموازية لحزب الشعب (حزب التجديد والإنصاف سابقا) التي أمثلها داخل الحركة، مطالبتنا بلائحة وطنية للشباب مناصفة بين الذكور والإناث في الانتخابات التشريعية المقبلة، وأشرت كذلك إلى أنه، في ظل ما يسمى بالعتبة الانتخابية، فإن اعتماد لائحة للشباب -الذي يبقى، في نظري، إجراء مرحليا لرفع الضيم عن الشباب المغربي- يبدو، رغم أهميته، قاصرا عن إعادة الثقة إلى الشباب، كل الشباب، في العمل السياسي وتحقيق المصالحة مع الشباب المغربي الذي عانى لعقود من تهميش بنيوي في مختلف الحقول وعلى مختلف المستويات، لأن اعتماد العتبة الانتخابية في اللائحة الوطنية يعطي، بكل بساطة، امتيازا لأطراف دون أخرى ولا يحقق تمثيلية حقيقية للشباب من مختلف التوجهات السياسية في المؤسسات المنتخبة. طبعا، السيد الوزير، وإن كنت أقدر ما عبر عنه أثناء اللقاء من دعم لمطالب حركة الشباب المغربي من أجل التمثيلية السياسية الآن، تحدث في رده عن كل شيء إلا عن العتبة، وهو ما يفهم منه ضمنيا توجه وزارة الداخلية نحو الإبقاء على العتبة في اللائحة الوطنية، في تجاهل تام للأصوات الديمقراطية الرافضة وإن كانت تمثل أزيد من نصف مكونات المشهد السياسي المغربي، وفي تماه مفضوح مع الأحزاب المهيمنة على البرلمان والحكومة التي تسعى إلى قطع الطريق على الأحزاب الصغرى بهدف إبقاء الأمور على حالها حتى تطمئن على مواقعها دون أدنى اعتبار لحساسية المرحلة التي يمر منها المغرب. لست هنا بصدد الرد على الخطابات الديماغوجية التي توظفها الأحزاب التقليدية في فرضها لآلية العتبة، فهي مردود عليها أصلا، ذلك أن الاستجداء بشماعة البلقنة لم يعد يقنع أحدا بالنظر إلى أنه منذ اعتماد هذه الآلية لم يحظ المشهد السياسي بظهور أي أقطاب حزبية قوية، ولم يسبق أن أفرزت الانتخابات التشريعية أية أغلبية منسجمة. إننا، بدعوتنا وزير الداخلية إلى ضرورة إلغاء العتبة، لا نبتغي الدفاع عن مصالح سياسية ضيقة وإنما نبتغي حمل أوسع فئات الشباب المغربي على المشاركة السياسية، ولاسيما إذا عرفنا أن الانتخابات التشريعية المغربية المقبلة ستكون مفترق طرق مصيري في تاريخ المغرب، إذ إن الدولة المغربية مطالبة بالإجابة الفورية، وبطريقة ديمقراطية وجذرية، عن تطلعات الشعب المغربي وقواه الشبابية، لذلك فإبقاء العتبة معناه إقصاء كل شباب 20 فبراير وشباب الأحزاب الصغيرة والجديدة واحتكار التمثيل السياسي. وهذا الإقصاء يشكل، بطبيعة الحال، تهديدا حقيقيا للمسار الديمقراطي الذي بشر به المغاربة من خلال تصويتهم على الدستور الجديد، فقد شدد الملك محمد السادس، في خطاباته الأخيرة، على أهمية إشراك الشباب وتعزيز انخراطه في مختلف الإصلاحات الديمقراطية، إلا أن خطابات كل الفاعلين السياسيين تبقى، إلى حد الآن، بعيدة عن فهم التحديات الكبرى التي يجتازها مسارنا الديمقراطي، إذ إن إقصاء الشباب المغربي من قبل الأحزاب الكبرى سيعطي الشارع المغربي، المنتفض أصلا، مبررات استمرار الاحتجاج، من جهة، وسيكرس، من جهة أخرى، الاحتكار السياسي لأحزاب تقليدية في مقابل وجود فئات شبابية عريضة خارج العملية السياسية، وبذلك تكون الدولة والأحزاب السياسية الكبرى في البلاد مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إبقاء جو الاحتقان السياسي في الشارع عبر سدها لكل نوافذ المشاركة السياسية للحركة الشبابية المغربية. ويبقى رهاننا كبيرا على الوعي السياسي العميق والكبير للشبيبات الحزبية المغربية التي تناضل داخل أحزابها من أجل دمقرطتها وعقلنة تسييرها، من جهة، بهدف إعطاء الشباب المغربي الأمل في معانقة جديدة للشأن السياسي، من جهة أخرى؛ لكن الشبيبات السياسية مطالبة اليوم برفض العتبة لأنها تنتمي إلى القاموس السياسي الإقصائي الذي كانت هي ضحيته الأولى داخل أحزابها، فالشبيبات الحزبية مطالبة بالدفاع عن حق الشباب، كل الشباب، في المشاركة السياسية وفي التمثيلية داخل كل المؤسسات المنتخبة، دفاعا مبدئيا يستحضر المصلحة العليا لبلادنا وينسجم انسجاما مطلقا مع التوجهات الجديدة للسياسة المغربية بعد دستور 2011. يحيى الوزكاني - رئيس شبيبة حزب الشعب