«فضل» أحمد الميداوي، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، الصمت المطبق والجمود التام عندما راسله مكتب مجلس النواب قصد فسح المجالس للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في المجلس للقيام بمهمة استطلاعية من أجل الوقوف على المنهجية المتبعة من قبل المجلس الأعلى للحسابات في إنجاز مهامه الافتحاصية ومعرفة إمكاناته التنظيمية لتفعيل قانون التصريح بالممتلكات. الميداوي، رئيس المجلس المفترض أن تكون جدرانه من زجاج شفاف بحكم إيجاده لوظيفة واحدة ووحيدة وهي ضمان التسيير الشفاف والنزيه للمؤسسات العمومية وحماية أموال الشعب، عاد ليتقمص شخصيته الوظيفية السابقة عندما كان وزيرا للداخلية ويواجه ممثلي الشعب بصمت مريب، إذ لم يجب عن مراسلة مجلس النواب ولم يصدر عنه أي رد أو تحديد لموعد، مما يعني رفضه التام لأي مراقبة تشمل المجلس الذي من المفروض أن يكرس ثقافة المراقبة والمحاسبة. إن رفض الميدواي لطلب بسيط مثل الذي تقدمت به لجنة العدل والتشريع هو بالتأكيد موقف شاذ وشارد وبداية سيئة لتنزيل الدستور الجديد والخطابات الملكية التي ربطت المسؤولية بالمحاسبة، فلا أحد فوق القانون، بما في ذلك مجلس الحسابات ورئيسه، وليس من حق أي أحد أن يرفض طلبات الشعب ممثلا في نوابه الذين ضمن لهم الدستور الجديد حق مراقبة أداء المؤسسات العمومية، بما في ذلك أجهزة المراقبة نفسها. تقارير المجلس الأعلى للحسابات تثير سنويا زوابع وتخلف خلاصات عمل لجانه الافتحاصية داخل جميع الإدارات رجات وصدمات، لكن يبدو أن هذه التقارير لا قيمة لها الآن مادام صاحبها يرفض أن تشمله المراقبة والمحاسبة.