ينتظر المواطن المغربي الأصل البلجيكي الجنسية، سعيد الغربي، المتحدر من مدينة طنجة، صدور حكم لصالحه من طرف إحدى محاكم العاصمة البلجيكية يوم 15 شتنبر المقبل، في قضية تعرضه لاعتداء من طرف 10 أفراد شرطة بمنطقة أندرليخت الفلامانية ببروكسيل، لدواع عنصرية. تعود وقائع هذه القصة المثيرة، إلى منتصف شهر يناير 2011، عندما قام المواطن ذو الجنسية المزدوجة، بركن سيارته خلف سيارة للشرطة اتضح أن عناصرها فلامانيون، إذ اتجه إليه شرطي بالغ من العمر 24 عاما مرفوقا بشرطية في ال 22 من العمر، واتهماه بصدم سيارتهما، غير أن الغربي عندما ترجل من سيارته اتضح له أن الأمر مجرد افتراء، إلا أن الشرطيين أصرا على إخضاعه للبحث، واستدعيا عناصر أخرى للتعزيز، لكن العناصر الفرونكفونية التي قدمت إلى عين المكان اتضح لها أن الغربي لم يقترف ذنبا وأن سجله نظيف، فأمرت بإطلاق سراحه على الفور، الأمر الذي أثار غضب الشرطيين الفلامانيين، لينطلق مسلسل الإهانة والتعذيب. في البداية قام شرطي برمي البطاقة الشخصية للغربي على الأرض واصفا إياه ب«العربي القذر!» قبل أن تخاطبه الشرطية الشابة بألفاظ نابية مثل «انزل لتلتقطها يا كلب!»، وبمجرد انحناء المواطن المغربي الأصل لحمل بطاقته تفاجأ بالشرطي يوجه إليه ركلة إلى الوجه تسببت له في كسر 9 أسنان، وأغرقته في بركة من الدم، قبل أن تقوم الشرطية برمي قنبلة غاز مسيل للدموع على وجهه. بعد الجزء الأول من مسلسل التعذيب، تم تكبيل المواطن المغربي ونقل إلى مخفر الشرطة حيث انطلق الجزء الثاني الأكثر فظاعة، إذ يحكي الغربي ل»المساء» قائلا: «قام شرطي بإهانتي وضربي وكسر أصبع يدي اليسرى، ثم قاموا بتكبيلي بزوجين من الأصفاد، وعصبوا عيني.. لقد عاملوني وكأنني معتقل بغوانتانمو!». وحسب رواية المواطن المغربي الأصل، فإن أفراد الشرطة –وكلهم فلامانيون- قاموا بتعليقه وانهالوا عليه بالضرب المبرح، حتى امتلأ سائر جسده بكدمات سوداء وزرقاء والدماء تنزف منه، ويضيف أن بعض أفراد الشرطة شغلوا موسيقى راب صاخبة للتغطية على صرخات آلامه واستغاثاته، ثم رموه بقنبلة غاز مسيل للدموع، وصلت رائحتها إلى مكتب قائد المخفر، الذي صدم لهول ما رآه، وانهال على أفراد الشرطة بالتأنيب وأمر بنقل الغربي مباشرة إلى المستشفى. وعلى حد قول الغربي، فإن أفراد الشرطة رفضوا نقله إلى مستشفى قريب لا يبعد عن المخفر إلا ب100 متر، وفضلوا نقله إلى مستشفى آخر تابع لهم يبعد ب10 كيلومترات، وهناك، يقول الغربي تجاهل الطبيب أوجاعه وشكواه، بل إن شرطيا انهال عليه بالصفع على مرأى من الطبيب، ثم أعيد إلى المخفر وطلب منه نسيان ما تعرض له! وأمام رفضه توقيع المحضر، ما كان من أفراد الشرطة إلا أن زوروا توقيعه –حسب قوله- قبل إطلاق سراحه. بعد خروجه من المخفر اتجه الغربي مباشرة إلى إحدى المصحات، وهناك صدم الأطباء لحالته، واستدعت إدارة المستشفى على وجه السرعة مختصين في العظام والدماغ والأسنان إلى جانب طبيب نفسي، حيث أكدت تقاريرهم تعرضه للتعذيب، واستدعوا زوجته التي قامت بإبلاغ وسائل الإعلام، الأمر الذي خلق ضجة كبرى ببلجيكا بعدما غطت حالته 4 قنوات تلفزيونية ومجموعة من الجرائد الكبرى، لتتدخل وزيرة الشباب البلجيكية، رفقة مسؤولين آخرين، وحاولوا –حسب قوله- إقناعه بحل المشكلة وديا وعرضوا عليه أموالا طائلة، غير أنه رفض ذلك مطالبا بتحقيق العدالة ومحاكمة الجناة قصد رد الاعتبار إليه. وبالفعل، فبفضل التقارير الطبية وبعد إثبات تزوير توقيعه على المحضر، وشهادة 360 مواطنا فلامانيا عاينوا ما تعرض له في الشارع العام، تمت متابعة 10 أفراد من الشرطة من بينهم شرطيتان، وتم إيقافهم نهائيا عن مزاولة مهامهم الأمنية، كما صدر قرار التحقيق معهم ل 10 أشهر في حالة اعتقال، وطالبت هيئة دفاع المواطن الضحية بالسجن 10 سنوات على الأقل للمتهمين ورد الاعتبار بالاعتذار وتعويض قدره 600 ألف أورو، خاصة وأن الغربي لا زال يعاني من التداعيات الجسدية والنفسية لما تعرض له، إذ يقول إنه قضى جل عطلته بمدينة طنجة بإحدى المصحات نتيجة آلام في الرأس وحالات الإغماء المتكررة التي تصيبه. وحظيت حالة الغربي باهتمام إعلامي كبير ببلجيكا، إذ إنه أول مواطن من أصل غير بلجيكي يواجه عناصر الشرطة الفلامانيين بعد تعرضه لاعتداء عنصري، حيث إن منطقة أندرليخت الفلامانية ببروكسيل، رغم كونها بؤرة العنصرية ببلجيكا، إلا أن الحديث عن هذا الأمر بها ظل من الطابوهات. وكشف الغربي في تصريحاته ل«المساء»، أن نجم المنتخب المغربي مبارك بوصوفة، اللاعب السابق لأندرليخت، والقاطن بنفس المنطقة، تعرض بدوره للإهانة عندما تم إيقافه دون سبب وطلبت منه عناصر الشرطة إظهار بطاقته الشخصية فأجاب أنها داخل سيارته المركونة قريبا من المقهى التي كان يجلس فيها، فقام شرطي بإسقاطه عنوة على الأرض وإهانته، وهي القصة التي انتهت بتدخل مجموعة من المسؤولين لتجنب فضيحة إعلامية، الأمر الذي دفع بوصوفة للانتقال إلى روسيا وقبول أول العروض التي تلقاها.