ما زالت الصدمة تخيم على أهالي قطاع غزة بعد الجريمة البشعة التي ارتكبت فجر الأربعاء الماضي في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، عندما أقدم مواطن على قتل ابنته بإطلاق الرصاص على رأسها، ليصبح التساؤل الأبرز في القطاع لماذا قتلت «سوسن»؟!. في الدقائق الأولى من فجر يوم الأربعاء الماضي، وفي عزبة «ملين» بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، بعد يوم عمل شاق في المنزل أنهت سوسن (25 عاماً) جميع أعمال البيت وأعدت الشاي لأفراد عائلتها وجلست لترتاح قليلا، فما كان من والدها إلا أن بدأ بتوبيخها بتهمة التقصير في أعمال المنزل، ولم يكتف بذلك بل قام بنقلها إلى إحدى غرف المنزل وأغلق الباب حتى يمنع أي محاولة من قبل والدتها وإخوانها للدفاع عنها، وبدأ بضربها بشكل عنيف جداً مستخدما العديد من الآلات الحادة، حيث تلقت ضربات حادة جدا في عينها وأذنها. لم يستمع والدها إلى توسلاتها ورجائها له بالتوقف عن الضرب ومطالبتها له بتحسين معاملته لها واستمر بضربها بعنف أكبر، فيئست ولم تعد ترى أملاً أو جدوى في الاستمرار في الحياة تحت هذه الظروف، فقالت له والدماء تسيل من جسدها المتهالك والنازف من شدة الضرب: «اقتلني وريحني من هذا العذاب الذي أعيشه»، فما كان منه إلا أن توجه إلى غرفته واصطحب سلاحه «مسدس» وبدأ بضربها بشدة وأطلق رصاصة قاتلة على رأسها، لتبقى روحها الطاهرة تتساءل: «والدي لِمَ قتلتني وحرمتني حقي في الحياة وفرحتي بالعيد». فجعت الأم بمنظر ابنتها وهي ملقاة على الأرض ومضرجة في دمائها وبدأت بالصراخ على الجيران لكي يتدخلوا ويساعدوا في نقلها إلى المستشفى، فباغتها زوجها بضربة من سلاحه محدثا شرخا كبيراً برأسها ووقعت إلى جانب ابنتها التي كانت تنازع الموت وتنزف ما تبقى من دمها. وصول الشرطة أوضحت مصادر العائلة أن أخ الضحية وعددا من جيرانهم ساعدوا في نقلها إلى مستشفى كمال عدوان في حين قام والدها بعد ارتكاب جريمته بتصرفات غير مفهومة، حيث قام بالاستحمام وتغيير ملابسه وتهديد من تبقى في المنزل إلى حين حضور الشرطة التي حاصرت المنزل وطالبته بالاستسلام، حيث رفض تسليم نفسه وقام باحتجاز باقي أبنائه كرهائن محاولا الهروب من الشرطة إلى أن تم اقتحام المنزل من فوق الأسوار وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه. واصلت الشرطة التحقيقات حتى ساعات الصباح إلى أن عثرت على أداة الجريمة «المسدس» وتابعت وزارة الداخلية والصحة الإجراءات الأمنية والصحية للضحية وأصدرت النيابة العامة قرارا بتشريح جثة الضحية حيث أوضح الأطباء أن الفتاة قتلت نتيجة طلق ناري في رأسها من مسافة قريبة وتم تحويلها من مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة إلى قسم العناية المكثفة في مستشفى الشفاء الذي أعلن وفاتها بعد وقت قصير من وصولها. سوابق جنائية مصادر محلية في المنطقة التي وقعت بها الجريمة أوضحت أن والد الفتاه أحمد (45) عاماً يعاني من اضطرابات عقلية ونفسية وهرب من سجن السرايا المركزي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية عام 2008 حيث كان معتقلا على خلفية ارتكابه جريمة قتل سابقة في مخيم الشاطئ بغزة، بإطلاق النار من نقطة الصفر على مواطن عام 2007، وله سوابق جنائية الأخرى. من جهته، أشار أحد أفراد العائلة إلى أن الفتاة لم ترتكب أي جرم أو ذنب سوى أن والدها يعاني من اضطرابات عقلية ويمتلك سلاحا «مسدس»، وهارب من القضاء على خلفية جريمة قتل سابقة ولم تبادر الأجهزة الأمنية إلى إعادته إلى السجن إلى أن ارتكب جريمته الجديدة بدون أي سبب يذكر، مشيرا إلى أنه كان يرتكب يوميا أفعالا مشينه في حق زوجته وأبنائه وبناته، خاصة سوسن التي قام قبل يومين فقط من جريمته بتقييدها بأسلاك حديدية لساعات لأسباب بسيطة جدا. مناشدة واستنكار ناشدت العائلة النيابة العامة والأجهزة الأمنية بمحاكمة القاتل وإنزال أقصى العقوبات عليه، محذرة من التساهل في قضيته وإطلاق سراحه مما سيشكل تهديدا كبيرا على باقي أفراد عائلته، مؤكدين أن من تجرأ على ارتكاب هذه الجريمة لا يمكن أن يصبح طليقا بعد ذلك. واستنكرت العائلة بشدة الإشاعات التي يتداولها من وصفتهم «أصحاب النفوس الضعيفة والذين يفتقدون إلى أي وازع ديني أو أخلاقي» حول دوافع عملية القتل، مؤكدةً أن الجميع في العائلة والحي الذي تقطنه يشهد للضحية بحسن الأخلاق والالتزام الديني والاجتماعي.