كان حسن الشامي وزيرا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني ورئيسا للاتحاد العام لمقاولات المغرب في العهد الجديد، وظل طيلة أربعة عقود قريبا من مراكز القرار التي تُخطط فيها السياسة الاقتصادية للبلاد، مما جعله في أكثر من مناسبة موضوع سجال وجدال منذ عملية المغربة التي بلغت أوجها في سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم مرورا بالتحولات الاقتصادية التي عرفتها التسعينيات. - كيف تنظر إلى خلفك على رأس الاتحاد العام لمقاولات المغرب؟ < لكل منا أسلوبه الخاص في التسيير، وإن وجب الاعتراف بأن تسيير نقابة أرباب العمل ليس مهمة سهلة، ثم إن كلا منا اضطلع بالمهام المنوطة به في ظروف مختلفة عن الآخر. - ماذا تعني بالظروف المختلفة؟ < أعني بذلك الظروف الخاصة التي رافقت كلا الرئيسين في ولايتيهما المتتابعتين. يجب أن أقر بأنني كنت محظوظا بالعمل مع وزير أول جد متفتح، مثل إدريس جطو. هل يوجد مولاي حفيظ العلمي في نفس الوضعية التي كنت فيها؟ سؤال لا أحاول الإجابة عنه لأن مقارنة من هذا القبيل ليست من اختصاصي. ويجب ألا ننسى أن مفهوم الاتفاقية البرنامج كان، في أوقات معينة، غريبا عن سياستنا الاقتصادية، واليوم أصبح هذا النوع من الاتفاقيات من ألفبائيات أي سياسة، كيفما كان القطاع الذي تهتم به، حتى إن إبرام اتفاقية برنامج بين القطاع الخاص والدولة أضحى عماد العلاقات بين هذين الطرفين، وقد وجد فيها أرباب العمل والسلطات العمومية مصلحتهما معا. - تحدثت عن إدريس جطو، الوزير الأول في تلك الفترة. كيف كانت علاقاتك به؟ < يجر إدريس جطو وراءه ماضيَ مناضل كبير في الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمختلف هيئاته، مما سهل تقاربه مع فيدرالية أرباب العمل. إنه مسير محنك ذو دراية بعالم الأعمال ووعي بالإصلاحات الواجبة مباشرتها لتقوية الاقتصاد الوطني. وكانت تجمعنا أيضا صداقة قوية لم يخفت وميضها رغم أن ولايتينا تخللتهما فترات حوار ولحظات صراع، ومع مرور الوقت صارت دائرة الحوار تتسع في مقابل ضيق هامش المواجهة. - شهدت ولايتاك على رأس الاتحاد العام لمقاولات المغرب إدخال عدة إصلاحات، تتقدمها مدونة الشغل. في أي ظروف تفاوضتم على هذه المدونة؟ < في البداية، فتحت الحكومة حوارا بين المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب. حوار وجد امتداده في مشروع القانون المتعلق بمدونة الشغل. ومعلوم أن نصا قانونيا تفاوض بشأنه الفرقاء الاجتماعيون يصبح توافقا يلتزم الجميع باحترام بنوده. هل كان ما اتفق عليه مرضيا؟ طبعا لكونه أتى بالجديد في عدة قطاعات، خاصة في ما يرتبط بالعلاقة بين المشغِّل والمشغَّل، رغم أنه مايزال دون المستوى المأمول. فقد سجلنا عليه، قبل المصادقة عليه بلحظات قليلة، ست أو سبع ملاحظات، أذكر منها، على سبيل المثال، مستوى التعويضات عن التسريح من العمل. - ما هي الجوانب التي ترضي فيها مدونة الشغل أرباب العمل؟ < الصراعات الاجتماعية في تراجع مستمر منذ دخول المدونة حيز التنفيذ، مما جعل المناخ الاجتماعي ملائما للتفاوض بشأن قضايا كانت فيما مضى طابوهات. - تلمح إلى الحد الأدنى للأجور الذي حاولت إصلاحه خلال ولايتيك. ماذا تغير منذ ذلك الحين؟ < أؤمن بشيء واحد: لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي دون نمو اجتماعي، دون أخذ مصالح العمال بعين الاعتبار، ودون الرفع من الأجور، بل إنني طالبت أيضا بإقرار حد أدنى للأجور على الصعيد الجهوي، واعتمدت في ذلك على الفرق الحاصل بين تكلفة المعيشة في مدينة صغيرة مقارنة بالمدن الكبرى، مثل الدارالبيضاء. غير أنه يجب أن أشير إلى أن تعامل الصحافة والرأي العام مع الزيادة «السميك» لم يكن متوازنا لأن الكثير من أرباب العمل لا ينتظرون قرارا رسميا لرفع الحد الأدنى للأجور، ولنأخذ كمثال على ذلك العديد من القطاعات الصناعية وكذلك البناء والأشغال العمومية، بينما يظل النسيج القطاع الوحيد الذي يرفض اتخاذ إجراء من هذا القبيل، وأعتقد أن مستقبل المغرب لا يكمن في العمل بالساعات. وبالعودة إلى الفكرة التي انطلقنا منها، ألخص ما سلف بالقول إنه، في جميع الأحوال، عندما ننخرط في تسيير مشترك مع الإدارة، يجب أن نكون على استعداد لتقديم تنازلات.