عبر اسم هشام الكروج، العداء الذي تغنى بهجمهور المغربي كثيرا, إلى كل أرجاء العالم، وتحدثت عن إنجازاته الكبيرة كل وسائل الإعلام الدولية. كان الشاب مثار إبهار في كل الميادين، كان النصر حليفه باستمرار، وأرغمتنا إنجازاته على أن نتسمر أمام التلفاز للتفرج عليه وحده، صفقنا له، ودعونا له في صلواتنا بالتوفيق.. كان الكروج فعلا رياضيا رائعا تربع على كرسي أم الألعاب، ومنح المغرب شرف التتويج في كل الملتقيات الدولية، ولم يكن هناك بطل أفضل منه، ففي كل سباق كانت كل الكاميرات تتعقبه وحده، وكان كل واصف رياضي يراهن على فوز الكروج، وكان كل المنظمين يتطلعون معه إلى رقم قياسي جديد.. لقد شكل فعلا على مدار السنين فخر المغاربة جميعا، ومعه أصبح من حق المغرب أن ينافس على الألقاب، مع استبعاد أن تكون مشاركته خجولة.. لم يكن الكروج يعرف عبارة (المهم هو المشاركة)، فقد كان همه الأول هو الفوز وتحطيم الأرقام القياسية.. وقد أحب الجميع رياضة ألعاب القوى إعجابا بالرجل، وفي كل مرة كنا نضغط فيها على جهاز التحكم عن بعد (التيليكوموند) للتنقل بين تلفزات العالم كان الكروج صورتنا الجميلة في بلدان العالم. ولد هشام الكروج في 14 شتنبر من سنة 1974، في مدينة بركان. كان الصغير يحسب سنواته في كنف والديه. وحين صار طفلا شدته كرة القدم كباقي الأطفال بحكم أنها الرياضة الأكثر شعبية.. زاول كرة القدم مع باقي أبناء الحي، وكانت حراسة المرمى تشده إليها كثيرا، إذ أصبح حارس مرمى فريقه في الحي، لكن مساره الرياضي مع كرة القدم سينتهي سريعا، إذ سرعان ما تعلق الشاب بألعاب القوى بحكم إعجابه الشديد بسعيد عويطة، البطل المغربي الذي سيفتح باب رياضة أم الألعاب على مصراعيه أمام كل الرياضيين. كان عمره 15 سنة حين انضم إلى المعهد الوطني لألعاب القوى.. تدرب بشكل جيد، وشارك في ملتقيات محلية، ويوما بعد آخر كان العداء يسابق العداد للحصول على رقم جيد يخول له المشاركة في ملتقيات كبيرة.. وهكذا تم اختياره في سنة 1992 من طرف جامعة ألعاب القوى ليمثل المغرب في بطولة العالم للشبان، كان ذلك في مدينة سيول الكورية، وكان نصيب الرجل من المشاركة ميدالية برونزية ستمهد له الطريق بعد ذلك للبحث عن ألقاب أخرى. فلم يمض كثير من الزمن حتى وجد الكروج نفسه في ملتقى فرنسي حقق خلاله رقما شخصيا جيدا.. كان نور الدين مورسلي، العداء الجزائري، هو من يتسيد رياضة ألعاب القوى خلفا لسعيد عويطة.. لكن إصرار الكروج كان قويا، فسنة بعد ذلك سيحصل الشاب الطموح على رتبته الأولى ويصعد إلى منصة التتويج، كان ذلك في سباق 1500 متر داخل القاعة.. ومن ملتقى إلى آخر، كان العداء العالمي يحقق أفضل النتائج ويوقع على حضور مغربي قوي في رياضة أم الألعاب.. فقد حقق، على مدار تاريخه الرياضي كعداء، العديد من الإنجازات في مجال ألعاب القوى، كما حقق العديد من الأرقام القياسية التي سجلت باسمه، وحصد الكثير من الميداليات، وهو الأمر الذي بذل الكروج من أجله مجهودا كبيرا.. فقد فاز ببطولة العالم أربع مرات في سباق 1500م، وفي الألعاب الأولمبية حصل على فضية سباق 1500م في «سيدني 2000», وذهبيتين على التوالي في سباقي 1500م و5000م في العاصمة اليونانية «أثينا 2004»، وفي بطولة العالم داخل القاعة حقق المركز الأول في كل من عام 1995 في برشلونة وعام 1997م في باريس، وذلك في سباق 1500م، والمركز الأول أيضا في 3000م في لشبونة 2001، وبالنسبة إلى بطولة العالم في الهواء الطلق حصل على المركز الثاني عام 1995 في غوتبورج، والمركز الأول في العديد من الأعوام: عام 1997 في أثينا، وعام 1999 في إشبيلية بإسبانيا، وعام 2001 في إدمونتون بكندا، وعام 2003 في باريس بفرنسا، وحصل على المركز الثاني في سباق 5000م في باريس عام 2003، وفي بطولة العالم للشباب حصل على المركز الثالث عام 1992م، كما حقق ألقاب أخرى كثيرة يصعب حصرها.. ولازال محتفظا برقمه القياسي العالمي في مسافة 1500 متر والذي حققه سنة 1998. الكروح.. لم يحالفه الحظ في التتويج بالذهب الأولمبي، إذ نتذكر جميعا كيف سقط العداء في نهاية «أولمبياد أطلنطا».. كيف بكى يومها بحرقة وبكينا معه بذات الحرقة جميعا.. لقد كان يحلم بتتويج تألق كبير بذهبية أولمبية.. وعانده الحظ مرة ثانية في «أولمبياد سيدني»، وهو الذي كان يختم كل موسم رياضي بالتتويج بجائزة أفضل رياضي، ولكن حظه الأولمبي كان عاثرا.. حتى وإن فاز ببطولة العالم لألعاب القوى ثلاث مرات متتالية في إنجاز غير مسبوق.. وفي أثينا، انتقم الكروج لنفسه من غبن الأولمبياد.. فقد تمكن العداء من الفوز بميداليتين ذهبيتين في مسافتي 1500م و5000 متر في أكبر تتويج يحققه بطل عالمي في ألعاب القوى.. كان فرح العداء لا مثيل له، وأسعدنا أن نحول إلى بريده برقيات التهاني.. وفي سنة 2006 أعلن الكروج اعتزاله بالدموع.. واستقر في الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 2009، ليتابع دراسته في مجال الإدارة والتسويق الرياضي في جامعة أوجين بولاية أوريغن. يهوى هشام الكروج كرة القدم وخاصة حراسة المرمى، وتستهويه رياضة التزلج «البياتلون» والرماية بالبندقية، ويمارس رياضة الكولف، وكان دائما من المولعين بالفكاهة، إذ كان يحتاج في فترات التداريب في إيفران إلى من يجيدون فن الدعابة والمرح، كان معه اسماعيل الصغير وبريوي وعداؤون آخرون.. وعلاوة على ذلك يهتم الكروج بالقراءة ويتابع كل الأخبار، ويسهر على القيام بالعمل الجمعوي، ويستمتع بكل الأنواع الموسيقية.. وتربطه علاقات طيبة بكل الفنانين. الكروج.. بطل كبير تعددت مواهبه، وعداء كبير مثقل بالألقاب..