أعرب راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسي، عن أسفه العميق لحالة التشرذم والتجزيء التي تعرفها الأمة الإسلامية عامة، والمنطقة العربية على الخصوص، وقال إن تحكم الأنظمة المستبدة في إرادة شعوب العديد من الدول، وإهمالها قضايا الأمة الاستراتيجية، وخدمة أجندة جهات أجنبية، حال دون رص الصفوف واستجماع الهمم من أجل عالم عربي موحد. ووصف زعيم حزب النهضة جبهة البوليساريو بأنها ورم عرقل الاتجاه نحو خلق ائتلاف موحد يجمع شعوب المنطقة، وأضاف، في معرض رده، أول أمس، على تساؤلات المشاركين في الملتقى السابع لشبيبة حزب العدالة والتنمية، أن قضية الصحراء هي نتيجة وليست سببا، وزاد موضحا «نحن مجزؤون ومنقسمون. لو اتجهنا نحو الوحدة لعرف هذا الورم نهايته وزواله، هذا هو أحد الدروس الكبرى التي يجب استخلاصها من الثورة، يجب أن نعود إلى جذور المسائل». وقال الغنوشي إن وجود البوليساريو عطل وحدة دول المغرب العربي عشرات السنين، وساهم في تفشي مظاهر التفرقة والشتات التي تعاني منها ساكنتها، مؤكدا أن المصالح الحيوية لشعوب هذه الدول تقتضي التصدي لظهور دويلات صغيرة لن يساهم وجودها إلا في تأزيم الوضع ونصب متاريس في وجه الصحوة العربية. ودعا المتحدث، الذي يعد أحد أبرز رموز الفكر الإسلامي في العالم العربي، مختلف الحساسيات والتيارات السياسية إلى استعادة الإجماع والبحث عن المشترك والاعتراف بالاختلاف والسعي نحو الوفاق لما فيه مصلحة الشعوب، وأضاف «لا يمكننا أن نتحرر إلا بصفوف مجتمعة، والتقدم المنشود لن تبلغه دول المنطقة إلا عبر تحقيق الوحدة. لا بد أن نتقن فن إدارة الحوار والتعايش. لقد تفرقت أمتنا بفعل تباين الإيديولوجيات الكثيرة وتباعدها، ولا يمكن أن تجمع شتاتها إلا بعزيمة شعوبها واستعانتها بالله واستعدادها للتضحية بالغالي والنفيس من أجل وحدة الصف، والأكيد أن الإسلام هو وقود أي محرك في هذا الاتجاه». وبخصوص مستقبل تونس بعد الثورة على نظام بنعلي المخلوع، أوضح راشد الغنوشي أن الشعب التونسي حريص على تحقيق مطالب الثورة، لكنه حذر في الوقت نفسه من جهات وصفها بقوى الهدم، التي قال إنها لا زالت موجودة في الإدارة والإعلام وفي دواليب العديد من مؤسسات الدولة، وتحاول عرقلة مسار هذه الثورة، مشيرا إلى أن المعركة الآن في تونس ليست بين الإسلاميين والعلمانيين المتطرفين، بل مع تلك القوى التي تعيق إقامة دولة الحق والعدل، وأضاف في الختام «إننا سنقف إلى جانب كل من يحارب الطغاة والجبابرة، فالتحالف والفرز بالنسبة إلينا يقوم على أساس الموقف من الظلم، ونحن نزن الناس بمواقفهم وليس بشكلهم أو طريقة لباسهم».