بلغ الخصام أوجه بين سليم وزوجته يامنة، بعد أن رفضت الزوجة جميع المقترحات والحلول التي تقدم بها الزوج قصد إقناعها بالمكوث معه داخل كوخه بالضيعة الفلاحية التي سيشرع في مباشرة أشغال الحصاد بداخلها، وبعد جدال ونقاش حاد بين الطرفين انتهى بتشبث كل طرف بموقفه واستسلمت بعده الزوجة للنوم، فيما بقي الزوج شارد الذهن يفكر في طريقة للتخلص من زوجته خاصة بعد أن بدأ يرى فيها مثالا للزوجة العاصية. مع إشراقة يوم جديد وبعد استيقاظ الزوجة في الساعات الأولى من الصباح، بدأت تخامر الزوج فكرة التخلص من زوجته بقتلها والفرار إلى وجهة مجهولة، وبسرعة امتدت يد سليم إلى مدية كان يحتفظ بها لنفسه تحسبا لأي طارئ، ثم هوى بها بدم بارد على رأس زوجته التي لفظت على إثرها أنفاسها الأخيرة بعد صيحة مدوية، ليغادر بعدها الزوج مكان الحادث تاركا الضحية تسبح في بركة من الدماء، وبخطوات ثابتة مر سليم من أمام حارس الضيعة في اتجاه البوابة الرئيسية للضيعة، في محاولة منه لعدم إثارة انتباه الحارس واكتشاف جريمته البشعة، لكن حدس الحارس قاده إلى الشك في أمر الخروج المبكر وغير المعتاد لسليم من الضيعة، كما لاحظ عليه ارتباكا واضحا في ملامحه، وهو ما جعله يحس بأنه ربما خلف هذا الارتباك خطب ما. التبليغ عن الجريمة لم تمر إلا لحظات قصيرة حتى ربط الحارس الاتصال بعناصر الدرك الملكي التابعة للمركز الترابي ببلدية سبت الكردان، حوالي 12 كيلومترا جنوبتارودانت، وعلى التو حضرت إلى عين المكان دورية للدرك توجهت عناصرها مباشرة إلى صوب «البراكة»، حيث تم العثور على جثة الهالكة وبجوارها أداة الجريمة. تم أخذ صور فوتوغرافية من جوانب مختلفة لجثة الضحية وحجز أداة الجريمة مع إنجاز محضر المعاينة، فيما تم الاتصال بسيارة نقل الأموات التي نقلت جثة الضحية إلى المستشفى الإقليمي المختار السوسي بتارودانت قصد تشريحها ومعرفة أسباب الوفاة . اعترافات الجاني بتوجيهات من حارس الضيعة، تم اقتفاء طريق الجاني الذي تم العثور عليه في ظرف قياسي هائما في محيط الحقول المجاورة، تم اعتقال الزوج القاتل واقتياده إلى مقر الدرك الملكي، وبمكتب الرقيب الأول المكلف بملف القضية، تم الاستماع إلى أقواله في محضر تمهيدي اعترف من خلاله تلقائيا بضلوعه في جريمة قتل زوجته. وعن أسباب إقدامه على ارتكاب جريمته، صرح الظنين بأنه لم يستسغ عدم قبول زوجته المكوث معه بداخل «البراكة» المتواجدة بالضيعة، إلى غاية إتمام أشغاله المرتبطة بحصاد محصول الحبوب بالضيعة الفلاحية، مضيفا أنه حاول جاهدا إقناع زوجته طيلة الليل وبكل الطرق الممكنة المكوث معه طيلة أيام الحصاد، حتى يتمكن من أداء مهامه في أجواء مريحة وكذا مساعدته في الأعمال المرتبطة بحصاد الغلة، خاصة وأن أبناءهما الثلاثة أصبحوا قادرين على تحمل المسؤولية وسيبقون بمنزلهم السكني بالمدينة إلى غاية إتمام أشغال الحصاد، غير أن زوجته واجهت جل مقترحاته بالرفض القاطع، وهو ما جعله يصاب بالاكتئاب والأرق طيلة ساعات الليل، إلى غاية بزوغ يوم جديد حيث حاول مجددا إقناع زوجته برغبته الجامحة بمكوثها معه لكن بدون جدوى، الأمر الذي جعله يفقد أعصابه ليقرر في لحظة غضب توجيه ضربة بواسطة مدية إلى رأس زوجته كانت كافية لإزهاق روحها. وبعد الانتهاء من إعداد محاضر الاستماع القانونية، وانتهاء فترة الحراسة النظرية، أحيل المتهم على أنظار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف باكادير بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.