محمد أحداد أكد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تصريح ل»المساء» على هامش ندوة دولية حول التراث الثقافي في الريف أنه «سيتم إحداث متحف الريف لترصيد البحث العلمي والثقافي حول تاريخ وحضارة المنطقة»، معتبرا أن «الإقدام على مثل هذه الخطوة يُشكّل مرحلة جديدة في مسلسل تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في منطقة الريف»، مبرزا أن «التوصل إلى صيغة إنشاء هذا المتحف مر بالكثير من المراحل تمثلت، بالأساس، في إنجاز دراسة تقنية حول المقر الذي من المزمَع أن يشغله وكذا منح المجلس البلدي للمدينة المقر، وبعد ذلك توفير الإمكانيات المادية الأولية من طرف الاتحاد الأوربي»، ملمحا في نفس السياق، إلى أن «كل المتدخلين في هذا المشروع لا بد لهم أن يفكروا في صيغة للمضمون الداخلي لهذا المتحف، حتى لا يصير مقرا جامدا من خلال التركيز على انفتاحه على كل أقاليم المنطقة وليس الاقتصار على مدينة الحسيمة لوحدها». وحول الحيثيات التي أمْلت على المجلس الوطني لحقوق الإنسان تنظيم هذه الندوة الدولية، التي تنتهي أشغالها اليوم، أشار اليزمي إلى أن «الندوة تندرج في سياق تقديم الدراسات العلمية الرصينة والدقيقة للتاريخ القديم والحديث للمنطقة ورصد عاداتها وتقاليدها الموغلة في القدم». وجوابا عن سؤال «المساء» عما إذا كان يمكن اعتبار هذا المتحف خطوة أولى نحو تفعيل باقي توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، أوضح اليزمي أن «هناك 12 تنسيقية تشتغل على مستوى 4 مناطق بمعية كل الشركاء لتنفيذ باقي التوصيات، علاوة على أن الإصلاح الدستوري الذي دخل المغرب غماره، أدرج كل التوصيات المؤسساتية، لاسيما المتعلقة منها بإصلاح القضاء والتكريس الدستوري للحقوق كما هي متعارَف عليها دوليا»، مؤكدا، في الأخير، أن «المجلس يعمل على الإدماج النهائي لبعض ضحايا سنوات الرصاص». إلى ذلك، وجه الملك محمد السادس رسالة للمشاركين في الندوة الدولية حول التراث الثقافي في الريف، أكد فيها أن «مظاهر التراث الثقافي المادي من معالم أثرية ومباني مواقع ذات أبعاد تاريخية وروحية وإبداعات المهارات المحلية بالإضافة إلى تجليات التراث غير المادي، كالموسيقى والغناء والعادات والتقاليد وغيرها، كلها مقومات ستشكل الأساس المتين لإقامة متحف خاص بهذه المنطقة». وأبرزت رسالة الملك، أيضا، «إننا لَنتطلع لأنْ يكون هذا المتحف في مستوى العطاء التاريخي المتميز لنساء ورجال الريف، الأُباة». يذكر أن الندوة التي نُظِّمت بدعم من مجلس الجالية المغربية في الخارج، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، شهدت مشاركة أزيد من 40 باحثا من المغرب، إسبانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا وألمانيا، مختصين في التاريخ والتراث الثقافي المادي وغير المادي في الريف وفي مجال التحافة. كما شارك في هذه التظاهرة العلمية ممثلو العديد من المؤسسات العمومية. ويشار إلى أنه بعد مصادقة البرلمان على قانون الأرشيف وإحداث مؤسسة «أرشيف المغرب»، كمؤسسة عمومية يسيرها المؤرخ جامع بيضا، يشكل متحف الريف، الذي تعد هذه الندوة أولى الخطوات الكبرى على طريق إخراجه إلى الوجود، أحد أكبر محاور برنامج مواكبة تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في مجالات التاريخ، الأرشيف والذاكرة.