جددت فرنساوالولاياتالمتحدة تمسكهما بضرورة تنحي الزعيم الليبي معمر القذافي عن السلطة في وقت أعلن فيه سيف الإسلام القذافي عن وجود مفاوضات لنظام والده مع الحكومة الفرنسية التي دعت، من جانبها، إلى عقد مفاوضات مباشرة بين حكومة طرابلس والمعارضة. وقال وزير الدفاع الفرنسي، جيرار لونجيه، إن الوقت قد حان كي يتفاوض المعارضون الليبيون مع حكومة القذافي، مشيرا إلى «تزايد نفاد الصبر إزاء وتيرة التقدم في الصراع». وأضاف لونجيه لمحطة «بي.إف.إم» التلفزيونية الفرنسية أنه يجب على المعارضين عدم انتظار هزيمة القذافي، مؤكدا في الوقت ذاته أن «هدف باريس ما زال هو ضرورة تخلي الزعيم الليبي عن السلطة في نهاية الأمر». وتابع الوزير الفرنسي قائلا: «لقد طلبنا أن يتحدث كلا الطرفين في ليبيا مع الآخر»، معتبرا أن «موقف المجلس الوطني الانتقالي المعارض بعيد جدا عن المواقف الأخرى، وهناك حاجة الآن إلى الجلوس حول الطاولة». وعما إذا كان من الممكن إجراء محادثات إذا لم يتنح القذافي، قال لونجيه إن الزعيم الليبي «سيكون في غرفة أخرى في قصره وله لقب مختلف»، في إشارة إلى القبول ببقاء القذافي في ليبيا مع تخليه عن السلطة. وبدورها، عبرت الولاياتالمتحدة عن تمسكها بتنحي القذافي عن السلطة، غير أنها أكدت أن «الشعب الليبي هو الذي سيقرر كيف يحدث هذا الانتقال». وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان لها، أن «الولاياتالمتحدة ستواصل الجهود في إطار ائتلاف حلف شمال الأطلسي لحماية المدنيين من الهجمات» التي تشنها قوات القذافي، معربة عن اعتقادها بأن «التحالف يساعد في تعزيز الضغط على الزعيم الليبي». وحسب المراقبين، فإن هاتين الرسالتين من عضوين بارزين في التحالف الغربي المعارض للقذافي تشيران إلى الضغط الذي يواجهه التحالف بعد قرابة أربعة أشهر من الغارات الجوية التي كلفت مليارات الدولارات ولم تسفر عن النتيجة السريعة التي توقعها مؤيدوها، وهي تنحي القذافي عن السلطة التي قضى فيها نحو 42 عاما. ويرفض المعارضون حتى الآن إجراء محادثات مادام القذافي في السلطة، وهو موقف لم تعارضه القوى الكبرى في حلف شمال الأطلسي. في هذه الأثناء، قال سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، في مقابلة نشرت يوم أمس الاثنين في صحيفة «الخبر» الجزائرية، إن إدارة والده تجري محادثات مع الحكومة الفرنسية. وأضاف سيف الإسلام أن مبعوثا للقذافي التقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأكد أن الأخير أبلغه بأنهم هم الذين أنشؤوا المجلس الوطني الانتقالي وأنه بدون دعمهم وأموالهم وأسلحتهم لم يكن هذا المجلس ليوجد أصلا، على حد قوله. ونقلت الصحيفة عن سيف الإسلام قوله إن فرنسا أبلغتهم بأنه «عند التوصل إلى اتفاق مع طرابلس فستقوم باريس بإجبار المجلس الوطني الانتقالي الليبي على وقف إطلاق النار»، حسبما قاله. ووصف نجل الزعيم الليبي مقر المعارضة في بنغازي ب«المقاطعة الفرنسية» وسكانها ب«الخوارج»، مشيرا إلى وجود قوات خاصة فرنسية في الجبل الغربي مهمتها توجيه الطائرات الفرنسية. ويتشبث القذافي بالسلطة بشكل ينم عن التحدي في مواجهة هجمات المعارضين، الذين اقتربوا مؤخرا من معقله في طرابلس بفضل غارات مكثفة لحلف شمال الأطلسي ومساعدات مالية وعسكرية من دول أعضاء في التحالف الدولي. يذكر أن هذه التطورات تأتي في وقت لا تلوح فيه في الأفق نهاية وشيكة للصراع في ليبيا، مما أدى إلى ظهور تشققات داخل الائتلاف الدولي لأن دولا كثيرة تشعر بإحباط لعدم تحقيق تقدم حاسم في وقت تتعرض فيه هذه الدول لأعباء على وضعها المالي. ويرجح المراقبون أن تظهر التوترات بشأن كيفية المضي قدما في ليبيا بعد يوم الجمعة المقبل عندما تجتمع مجموعة الاتصال، التي تضم الدول المتحالفة ضد القذافي، في اجتماعها العادي المقبل المقرر عقده في مدينة إسطنبول التركية. يذكر أن قوات المعارضة قد حققت مكاسب متواضعة خلال الأسبوع الماضي، ولكن وتيرة القتال، أول أمس الأحد، أكدت أنها ستكون عملية طويلة بعد أن شنت قوات القذافي قصفا مدفعيا عنيفا في محاولة لإجبار المتمردين على التقهقر بعد أن استولوا على قرية القوالش التي تبعد بنحو مائة كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة طرابلس. وتعد قرية القوالش نقطة استراتيجية مهمة في زحف المعارضة نحو العاصمة، لأنها إذا نجحت في تجاوزها فستصل إلى الطريق السريع المؤدي إلى طرابلس. وعلى بعد مئات الكيلومترات إلى الشمال الشرقي من القوالش، توجد قوة أخرى للمعارضين تحاول أيضا التقدم إلى العاصمة رغم أنها تواجه مقاومة عنيفة، لكنها تمكنت من شق طريقها من مصراته الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شرقي طرابلس باتجاه الغرب لتصل إلى مشارف مدينة زليتن، وهي أول مدينة ضمن سلسلة مدن ساحلية تعوق تقدم المتمردين نحو طرابلس من هذه الجبهة.