نشب نزاع دامي بين أبناء دوار «الحواضرة» بمنطقة لحلاف المتواجدة في النفوذ الترابي لدائرة ابن أحمد، وذلك أواسط الأسبوع الماضي، أمام مقر المحكمة الابتدائية لعاصمة امزاب، مما أحدث حالة من الهلع في صفوف المارة، الذين اعتقدوا في أول وهلة أن للأمر علاقة بحمى الاحتجاجات التي تنتشر في أكثر من مدينة بالمغرب. بدأت أولى خيوط القصة عندما اختارت إحدى الشركات الكبرى، المختصة في العقار، منطقة ابن أحمد والنواحي، من أجل الاستثمار فيها خاصة أن البلدة ظلت بكرا إلى أمد قريب، وحيث إن أراضي الجموع تنتشر في أكثر من مكان، فقد جرى الاتفاق بين أهالي دوار «الحواضرة» على تكليف نائب عنهم لتمثيلهم في مواجهة الشركة التي رغبت في اقتناء الأرض.
رغم أن تعداد أبناء هذا الدوار بلغ حوالي 104 أفراد، حسب تأكيدات أكثر من واحد من أبناء المنطقة، إلا أن الاستفادة من عملية بيع أرض الجموع السلالية، لم تنسحب إلا على حوالي 54 شخصا، بدعوى أن الباقي، البالغ تعدادهم 50 فردا لا يقيمون في الدوار المذكور، وهي حجة لم تكن لتقنع أحدا، لا سيما أن الظهير الشريف المؤرخ في 19 أبريل 1919 وما يرتبط به من قوانين يؤكد على أن عملية تفويت الأراضي الجماعية أو كرائها يتم بإشراك ممثلي ذوي الحقوق، دون إكراهات وتحت إشراف مصالح الوصاية، كما أنه يتم توظيف مداخيل التفويت كليا لفائدة ذوي الحقوق أنفسهم باتصال مباشر مع ممثليهم.
ضرب المتضررون موعدا للقاء في مدينة ابن أحمد، حيث توجد معظم الإدارات التي تغطي إداريا منطقة امزاب ككل، إلا أن اللقاء بين الغاضبين من جهة والشخص الذي أوكلوه للدفاع عنهم من جهة أخرى، ما كان ليمر بسلام، ويزداد الأمر لبسا، حسب قول أحدهم عندما تجد أن من الإخوة، أبناء الأسرة الواحدة، من استفاد، وهناك من أقصي بدعوى عدم الإقامة، ويضيف متسائلا:«متى كانت الإقامة شرطا للاستفادة من إرث الآباء والأجداد».
نتج عن الاحتكاك بين الطرفين، تعرض المسمى محمد البهمة، وهو أحد المقصيين من الاستفادة، لكسر في ذراعه نتيجة إحدى الضربات الطائشة لابن وكيل القبيلة المتهم من طرف أبناء عشيرته بالتفريط في حقوقهم، وهو ما دعا وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية في ابن أحمد إلى الأمر بإلقاء القبض على المتهم بالضرب وفتح تحقيق في الموضوع.
يشار إلى أنها كثيرة هي القضايا التي ترفع بين الفينة والأخرى للجهات المسؤولة، حول نزاعات أراضي الجموع السلالية ، علما بأن مساحة هذه الأراضي تبلغ حوالي 12 مليون هكتار، وهكذا لم تنفع كثيرا تدخلات وزارة الداخلية في شخص مديرية الشؤون القروية، في الحد من هذه المنازعات وذلك بسبب كثرة الأطراف وتضارب المصالح لهذا يرى البعض أن وكالة خاصة بالأراضي السلالية هي الحل الأنجع لملف أرض الجموع.