رغم الشهرة التي تحظى بها مقهى «أركانة» على المستوى العالمي، فإن التفجيرات التي هزّت «أركانها» يوم 28 أبريل الماضي جعلتها تزداد شهرة وترتقي في مدارج المقاهي، إن لم نقل «المزارات» التي ذاع صيتها في العالم وجعلها تتربع على عرش الأماكن الأشهر في العالم. لن يمحى يوم 28 أبريل الماضي من ذاكرة مقهى «أركانة» وسيوشم على جدرانها، رغم الترميمات التي ستجرى عليها. بحكم موقعها قبالة ساحة «جامع الفنا»، الشهيرة، ظلت مقهى «أركانة» محط اهتمام كل زوار الساحة التراثية، فلا تكتمل زيارة لمدينة مراكش أو لساحة «جامع الفنا» إلا بجلسة شاي أو غذاء فيها، حتى يتسنى للزائر الاستمتاع أكثر بجمالية حلقات «جامع الفنا» وأخذ صور وأشرطة فيديو من على سطحها. لم تكن مقهى «أركانة» قِبلة الراغبين في الاستمتاع بوجباتها المغربية والعالمية فقط، بل كانت، أيضا، هدفا لعدد من التنظيمات الإرهابية منذ ضربات 16 ماي الإرهابية، التي هزّت مدينة الدارالبيضاء. «أركانة»...ممنوعة من الإغلاق طيلة السنة لمقهى «أركانة» نظام خاص بها، فهي تفتح أبوابها بشكل يومي على الساعة الخامسة صباحا، في كل المناسبات، وخلال الفصول الأربعة من السنة، بل حتى في المناسبات الدينية، التي تشهد فيها معظم محلات مراكش توقفا جماعيا عن العمل ولو ليوم واحد، حسب ما أفاد عمال في المقهى الشهير. رغم أن مدينة مراكش تشهد خلال فصل الشتاء موجة برد قارسة وتستقبل مقهى «أركانة» زبناء كثراً في الساعات المبكرة من اليوم، فإن صاحبها يحرص كثيرا على أن تكون أبواب مقهاه مفتوحة في الساعة الخامسة صباحا، حتى وإن لم تستقبل أي زائر، على أن تغلق أبوابها في حدود الساعة ال11 ليلا. «الشريف» يمر أمام مقهاه عند الفجر يحرص مالك «أركانة»، مصطفى الإدريسي، على التواجد في مقهاه في ساعة مبكرة من كل يوم، وغالبا ما يؤدي صلاة الصبح في المسجد المحاذي للمقهى. وقد أوضح العديد من المستخدمين الذين اشتغلوا في مقهى «أركانة» ويعرفون صاحبها عن قرب، في حديثهم إلى «المساء»، أنه دائم الحرص على التواجد في مكتبه، الذي يبعد عن المقهى بعشرات الأمتار، في ساعات مبكرة من اليوم، وغالبا ما يُنهي عمله في المكتب في حوالي الساعة العاشرة صباحا. لكنْ، عكس ما يعتقد الكثيرون، فإنه رغم استقطاب مقهى «أركانة» العديدَ من الزبناء، الذين يأتونها من مختلف بقاع العالم، فإن مالكها، مصطفى الإدريسي، المعروف ب»الشريف» لا يتواجد بها كثيرا، بل إن من يعرفونه جيدا يؤكدون أنه يزورها مرة في الشهر تقريبا، وقد تتجاوز فترة غيابه عنها مدة شهر، أحيانا، رغم كونه يمر من أمام بابها يوميا، لأداء صلاة الصبح في المسجد المجاور.ورغم أطباقها المتنوعة، بين ما هو مغربي أصيل وما هو دولي مشهور، فالذين يعرفون مصطفى الإدريسي يعرفون أنه يقتصر في وجبة فطوره، التي يطلبها عبر الهاتف من مقهاه، على كأس قهوة بالحليب وخبزة شعير وقطعة جبن واحدة، وقد يضيف عصير ليمون إلى الوجبة، خاصة في فصل الصيف. مالك أركانة «سُنّي» المظهر كان مالك المقهى، الإدريسي، «السُنّي»، كما وصفه العديد ممن التقتهم «المساء»، يقدم المساعدات للمحتاجين ويعطف على الأرامل والمطلّقات والطلبة، سواء بتشغيلهم أو بتقديم مساعدات مادية لهم، حسب ما أكده أكثر من مصدر تحدثت إليه «المساء». يوحي مظهر ولباس صاحب المقهى بأنه «سلفي»، ف»الشريف»، كما يناديه البعض، ذو لحية كثة ويرتدي جلبابا قصيرا نسبيا، «إذا قابلته، يوحي إليك مظهره أنه سلفي أو سني»، يقول مصدر ل«المساء»، مؤكدا أن صاحب المقهى متدين ولا تربطه أي علاقة بالتنظيمات أو الحركات الإسلامية، إلا علاقات بأشخاص ينتمون إلى بعض الجماعات. ممنوع تقديم خدمات للتلميذات من يشاهد «أركانة» عن بعد، يلاحظ أنها تتكون من طابقين، إضافة إلى الطابق الأرضي، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الطابق الأرضي مخصص للمشروبات والمثلجات فقط، وهو الطابق الذي يبتدئ العمل فيه في الساعة الخامسة صباحا، بينما يبدأ العمل في الطابقين الأول والثاني على الساعة السابعة صباحا. ينقسم الطابق الأول، الذي كان مسرحا للجريمة الإرهابية، في ال28 من شهر أبريل الماضي، بدوره، إلى قسمين: القسم الأيمن مخصص للمشروبات والمثلجات، بينما يخصص الجزء الأيسر من الطابق للأكل، إلى حدود الساعة ال12 زوالا، حيث تعرف المقهى إقبال من الزبناء، المغاربة منهم والأجانب، ممن يرغبون في تناول وجبة الغداء، حيث يصبح الطابق الأول كله مخصصا للأكل فقط. وقد يضطر مسيرو المقهى إلى اعتماد الطابق الثاني، أيضا، للأكل في مواسم الذروة، خاصة في أيام عطلة رأس السنة. إلى جانب المشروبات التي توفرها جل المقاهي المغربية، تُعرَف مقهى «أركانة» في ساحة «جامع الفنا»، بمثلجاتها عالية الجودة، حسب شهادة العديد من زوارها، الذين يقصدونها لهذا الغرض كلما حل فصل الصيف. كما توفر المقهى ذاتها أطباقا متنوعة من الحلويات المغربية والعالمية، يتم صنعها في محل آخر في ملكية مالك المقهى، يوجد في شارع الأمير مولاي رشيد، المعروف ب»البْرانسْ». أورغم استقطابها عددا من الزوار الأجانب، فإن مقهى «أركانة» لا تقدم مشروبات كحولية لزبنائها، بل تكتفي بمشروبات غازية فقط، كما أن مسيريها يرفضون تقديم خدماتهم للتلميذات اللواتي يأتين بالبذلة البيضاء رفقة غرباء وينصحونهن بالعودة إلى مدارسهن أو بتغيير الوجهة نحو مقهى أخرى... كما توفر «أركانة» خدماتها بشكل عادي خلال شهر رمضان، لزوارها الأجانب، مع توفير وجبة الفطور للمسلمين في ساعة الإفطار.