استطاع نجيب السالمي، وليس في الواقع سوى سعيد حجاج، أن ينحت لنفسه اسما بين الصحافيين المغاربة انطلاقا من جريدة «لوبينيون» التي دخل إليها مصححا قبل أن يصبح مسؤولا عن صفحاتها الرياضية لحوالي 40 سنة كانت كافية لتجعل منه شاهدا على مختلف مراحل تطور الرياضة المغربية منذ الاستقلال، بالإضافة إلى تغطيته لعدد من التظاهرات العالمية بما فيها الألعاب الأولمبية منذ دورة ميونيخ 1972. - كان الحسن الثاني كذلك رياضيا كبيرا، وكثيرا ما كان يخلط بين الرياضة والسياسة. هل يمكن أن يقال إنه كان يحكم بواسطة كرة القدم مثلا؟ < كان الحسن الثاني كثير التدخل في الرياضة من خلال استقباله للرياضيين، على سبيل المثال، لعلمه، بكل بساطة، بأن الرياضة كانت هي الحزب الأول في البلاد، وأنها ضرورية لربح رهانات سياسية واجتماعية كبيرة. يجب أن نعترف بأن الملك الراحل منح هامش حرية كبيرا للصحافيين الرياضيين. فقد نشرنا في لوبينيون تصريحات لأشبال الأطلس ينتقدون فيها فريق المهدي فاريا. خمسة عشر يوما بعد ذلك، سيستقبل الحسن الثاني المنتخب الوطني ومدربه بالصخيرات بحضور وزير الرياضة، وطلب من المصور التلفزيوني أن يأخذ له لقطة مقربة وهو بصدد قراءة المقال الذكور. التمس منه وزير الرياضة أن يوقفني، لكنه أمره بأن يدعني وشأني لكوني لم أقم سوى بنشر أقوال اللاعبين، وذَكَّره بأنه ليس وزيرا للإعلام. الكأس الإفريقية الوحيدة التي فاز بها المغرب، كانت، نسبيا بمثابة مفاجأة بالنسبة إليه.. كان الظفر بها بالفعل مفاجأة بعد أن انتزعنا نقطة ثمينة في مباراة حاسمة، رغم أن هدف النصر سجل بقذفة من على بعد قرابة أربعين مترا ومن لاعب لم يسجل أي هدف طيلة حياته. غير أن تاريخ الكرة المغربية يحفل بأفضل من الظفر بهذا اللقب القاري. في إقصائيات كأس العالم 1970 تنافسنا على ورقة التأهيل مع تونس، وبعد أن تعادلنا في كل من تونس والمغرب اضطررنا إلى خوض مباراة سد بمارسيليا في فرنسا، انتهت بدورها بالتعادل بهدفين لمثليهما، مما فرض على الحكم أن يجري قرعة لتحديد المتأهل لأن ضربات الجزاء لم يكن معمولا بها في ذلك الوقت، فالتجأ إلى المكان المخصص للتحكيم قبل أن يخرج منه ويعلن عن تأهل المغرب، وهو ما لم يستسغه التونسيون أبدا. ويبين هذا الأمر بجلاء ما يلعبه الحظ من دور في مختلف الإنجازات التي يتم تحقيقها. اعتقدنا، بعد فوزنا بالكأس القارية، بأننا لن نهزم وأوهمنا أنفسنا بأننا برازيل إفريقيا، لكن هذا الوضع لم يستمر لأكثر من عامين، إذ أقصتنا أنغولا سنة في 1978 قبل أن تسحقنا الجزائر سنة بعد ذلك بخمسة أهداف لواحد. - ما هو الشيء الذي لا يسير، من وجهة نظرك، كما يجب في كرة القدم المغربية؟ < إننا لا نعمل. وعندما ينادينا مدرب طالبا منا بذل مزيد من الجهد فإننا لا نتقبل كلامه مثل عبد الحق اللوزاني المستغنى عن خدماته بسبب تجرئه على قول كلام من ذاك القبيل، والأكيد أن الاستغناء عن خدمات أناس لمجرد جديتهم، أمر مثير للخوف. - كنت تدافع دائما عن رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. أليس المسؤول الأول عن هذا التراجع؟ < أكيد أنه هو المسؤول الأول عن ذلك، لكن هو أيضا المسؤول الأول عن الإنجازات المحققة، ويجب أن نتساءل عما نريده من كرة القدم المغربية. من البديهي أن عسكريا على رأس الجامعة سيهتم أولا بالمنتخب الأول بصفته واجهة البلاد، ولن يهتم بباقي الأمور مثل التحكيم، وستبقى الأحوال كما هي حتى لو عوض بنسليمان بشخص آخر. يجب وضع تصور واضح المعالم لإعادة هيكلة مجال الكرة، وهو ما لا يمكن الوصول إليه من خلال التعرض للمسؤولين في الصحافة، لماذا لم يبق بادو الزاكي؟ لماذا عجز منتخب الشبان عن التأهل؟ لماذا فشلنا في التوفر على بطولة مثيرة؟ لماذا لا تستطيع أكبر الفرق الوطنية، الرجاء والوداد، الحفاظ على لاعبيها؟ لماذا يبقى حضور اللاعبين الممارسين في البطولة المحلية في منتخب الكبار دون مستوى الطموحات؟ ورغم الانتقادات التي توجه إلى الجامعة، فإنني على يقين بأن مسؤوليها يعملون ويتحركون وفق دراسات دقيقة، مثلما أعي جيدا بأن المشكل يكمن أساسا في كيفية تحقيق الأهداف المسطرة، ومن غير المعقول لوم شخص واحد باعتبارذلك أسهل ما يمكن القيام به. - قرر الملك الراحل الحسن الثاني أن يضع كرة القدم بين يدي العسكر، ألا يكمن الحل في سلبها من أيديهم اليوم؟ < أنا مقتنع بأن الوضع سيتغير لأن هذه الأنماط من التسيير نجحت في فريق الجيش الملكي، وهو ما كان يرى فيه الحسن الثاني مبررا لتبنيها. وإذا كانت الفكرة تتمثل في وجود شخص قوي على رأس الجامعة، فإن انتقاد الأقوياء دليل على وجود الضعفاء كما قال إدريس بنهيمة، وأعتقد أن مجيء شخص قوي آخر مثل منير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك، ينبئ بالتغيير، وارتباط فريق الفتح الرباطي بالأكاديمية الملكية لكرة القدم هو أول إشارة للتغيير المنتظر، فمغرب اليوم مملكة سالمة يسير فيها كل شيء ببطء، ويمكن أن تتغير هذه الوتيرة غدا إذا أخذ الماجيدي بزمام كرة القدم الوطنية.