استطاع نجيب السالمي، وليس في الواقع سوى سعيد حجاج، أن ينحت لنفسه اسما بين الصحافيين المغاربة انطلاقا من جريدة «لوبينيون» التي دخل إليها مصححا قبل أن يصبح مسؤولا عن صفحاتها الرياضية لحوالي 40 سنة كانت كافية لتجعل منه شاهدا على مختلف مراحل تطور الرياضة المغربية منذ الاستقلال، بالإضافة إلى تغطيته لعدد من التظاهرات العالمية بما فيها الألعاب الأولمبية منذ دورة ميونيخ 1972. - ألا ترى أن نوال المتوكل، مقارنة بعويطة، عرفت كيف تستغل إنجازاتها الرياضية لتصل في النهاية إلى وزارة الشبيبة والرياضة؟ < بالتأكيد، بل إنها أكثر من وزيرة لكونها عضوا باللجنة الأولمبية الدولية. فوزراء الرياضة في كل الدول، بما فيها المنظِّمة، كالصين بالنسبة إلى أولمبياد بكين، يكونون في المقاعد الخلفية وراء أعضاء اللجنة الأولمبية. وقد استفادت نوال المتوكل من دخولها إلى المنافسة بلوس أنجلس 1984 تحت مظلة بطل يتحمل كل الضغط في الألعاب الأولمبية لأن السباق الذي ظفرت بذهبيته برمج قبل ذاك الذي شارك فيه عويطة، مما دفع هذا الأخير إلى التساؤل حول ما يمكنه أن يفوز به في لوس أنجلس، ولعل هذا ما دفع الملك الراحل الحسن الثاني إلى مهاتفة عويطة ليقول له: «اسمع، أنا لا أعلم بأن المغرب حصل على ذهبية. أريد أن تأتي بميدالية». - توجه هشام الكروج إلى عالم الأعمال، ما الذي ساعده على ذلك، من وجهة نظرك؟ < استفاد هشام الكروج كثيرا من تجربة سعيد عويطة، فجانب جيمس دين ترك ذكرى لا تنمحي رغم أنه لا يحتفظ اليوم بأي رقم قياسي لأن جميع أرقامه تم تحطيمها. - طيلة أربعين سنة من مزاولتك للصحافة الرياضية،لم يحصل المغرب سوى على ثماني ميداليات أولمبية وكأس إفريقية وحيدة. هل هذا كل ما يستحقه المغرب؟ < إنها حصيلة هزيلة بالمقارنة مع عدد الميداليات التي كان ممكنا الظفر بها، كما أنها منطقية إذا أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي تدبر بها رياضتنا. إجمالا، حصلنا على 19 ميدالية ذهبية مع أربعة عدائين عالميين (الكروج، عويطة، المتوكل وبيدوان)، لكن الأكيد أنها تأتت بمنة من الطبيعة، فلماذا لم نقتنع بحاجتنا الماسة إلى الذهاب إلى المدرسة؟ كان الراحل الخميري، وهو من خيرة المدربين الذين أنجبتهم بلادنا، يقول: خذوا أحد عشر لاعبا مغربيا وعددا مماثلا من الألمان، واعطوهم كرة. بعد عشر سنوات، سيحظى الألمان ب»بيكنباور»، في حين نخرج بخفي حنين لأن لاعبينا يستمرون في اللعب بعقلية الطفل». العقلية عندنا في تدهور مستمر لغياب الوعي بضرورة العمل، فكل شيء يجب أن يبدأ في المدرسة ويتنهي فيها. كنا الأوائل في كل الرياضات الجماعية، أما اليوم فقد أصبحت مشاركاتنا في التظاهرات الرياضية مقرونة بذيل الترتيب. بنينا مدارس ومعاهد أغلقت أبوابها بعد ستة أشهر على افتتاحها، وتعتبر كرة السلة نموذجا واضحا في هذا الإطار، لأننا عجزنا عن المشاركة بهذا الصنف الرياضي في الألعاب الأولمبية منذ أربعين سنة، رغم أننا كنا في ستينيات القرن الماضي نقف ندا للند أمام أعتى الفرق الأوربية وأقواها على الإطلاق. - ظل المغرب راغبا في تنظيم كأس العالم لكرة القدم. من وجهة نظرك، أي المرات الأربع التي ترشح فيها المغرب لتنظيم المونديال كانت أكثر جدية؟ < إنها المرة الأولى التي تخص مونديال 1994 وتم التصويت فيها سنة 1987، لأن المغرب كان قبل سنة أول بلد إفريقي وعربي إسلامي يبلغ الدور الثاني في منافسات كأس العالم التي جرت أطوارها في المكسيك، مما أعطى المغاربة آمالا كبيرة في نيل شرف تنظيم أكبر تظاهرة خاصة بكرة القدم في العالم، معتمدين في ذلك على أصوات الأفارقة والآسيويين وبعض الأصدقاء الأوربيين. لم تكن فرنسا تنظر بعين الرضى إلى ترشح الولاياتالمتحدةالأمريكية لأن هذه الأخيرة تعتبر أقل غنى على المستوى الكروي مقارنة بالمغرب رغم أن ريادتها الصناعية لا تناقش. من أصل 19 صوتا، كان المغرب ضمن ثلاثة من إفريقيا ومثلها من آسيا، لأن رئيس الاتحاد الآسيوي كان حينئذ سعوديا، بالإضافة إلى صوتين أوربيين، روسيا لعوامل إيديولوجية وتركيا أيضا، بينما دفع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم صوتي أمريكا اللاتينية إلى التزام الحياد بإثارته لإمكانية ترشح البرازيل، وفي الوقت الذي وجدنا فيه أنفسنا أمام 8 أصوات مضمونة وثلاثة يتوجب إقناعها، أقصي المغرب بدعوى أن ملفه ليس في المستوى. لكن حلفاء المغرب، بمن فيهم الروس، رفضوا هذا القرار، ليتم الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لمعرفة ما إذا كان المغرب أهلا لاستضافة المونديال، وهو الاقتراع الذي زكت نتيجته بقاء المغرب في المنافسة. لكن حلفاءنا خذلونا في اللحظة الحاسمة، والنتيجة 17 صوتا للولايات المتحدةالأمريكية. لماذا؟ قلتها مرارا، ولي من الحجج ما يثبت أقوالي؛ كان ممثل تركيا يحمل الجنسية الأمريكية ، وليس هذا فحسب، بل إن مبعوثا من رئيس الفيفا اقترح علينا أن ننسحب لفائدة بلاد العم سام على أن ننظم دورة 2002 لأنه كان من شبه المؤكد أن فرنسا هي التي ستنال المونديال في 1998. - لماذا لم يقبل المغرب ذلك الاقتراح؟ < ظن بعض المسؤولين أنه ليس إلا حركة تمويهية، خاصة وأن العلاقات المغربية الفرنسية لم تكن في أحسن أحوالها بسبب نشر كتاب «صديقنا الملك» وإثارة قضية سجن تازمامارت لأول مرة. - هل تعتقد أن المغرب قد يستضيف نهائيات كأس العالم 2010 في حالة عدم جاهزية جنوب إفريقيا في الوقت المحدد؟ < لا، فالاتحاد الدولي يساند جنوب إفريقيا، كما أن الفيفا تضع دائما مخططا ثانيا تستنجد به في حالة تعذر تطبيق الأول. ولذلك أعتقد أنه إذا لم يُنظَّم في جنوب إفريقيا، فسيمنح للبرازيل لأن أمريكا اللاتينية لم تستضف نهائيات كأس العالم منذ دورة المكسيك في 1986 لأن المغرب لم يفشل قَط في هذه القارة منذ الوهلة الأولى التي ترشح فيها لتنظيم أكبر عرس كروي في العالم.