اتهم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أعضاء في لجنة مراجعة الدستور، التي يترأسها الفقيه الدستوري، عبد اللطيف المنوني، بالسير بالمملكة نحو اتجاه «لائكي»، من خلال المساس بالهوية الإسلامية للمغاربة في نص الوثيقة الدستورية القادمة، واصفا ذلك السير ب«السرقة». بنكيران اتهم كذلك أعضاء في اللجنة، لم يسمهم، بمحاولة «إثارة الفتنة في البلاد» و«فتح المجال لجماعات مشبوهة». وقال في اتصال مع «المساء»، صباح أمس الأحد، إن الأخبار التي تسربت عن مضامين الدستور تشير إلى أننا نسير في اتجاه لائكي، مضيفا: «هناك ناس ما عندهمش التكوين اللازم ولا يعرفون المغرب جيدا، ويريدون فتح المجال لجماعات مشبوهة باش تزيد ترون المغرب أكثر ما هو مرون، وهو ما لا نتفق معه. أخال أن المنوني الفقيه الدستوري غير قادر على استيعاب قضايا اجتماعية من قبيل الهوية، والتي تتطلب نقاشا بين السياسيين وعلماء الاجتماع والفلاسفة.. وعلى كل حال سندرس المسودة وسنعبر عن رأينا، ولجلالة الملك واسع النظر». الاتهامات الصادرة عن بنكيران في حق أعضاء في لجنة المراجعة تأتي عشية تصريحات نارية أطلقها خلال المهرجان الخطابي الذي نظمته الكتابة الإقليمية لشبيبة العدالة والتنمية بتمارة يوم الجمعة الماضي، حيث اعتبر أن «سراقا متسللين يريدون انتزاع انتصار الشعب المغربي بالدستور الجديد المرتقب»، وأن «فئة من العلمانيين يريدون إباحة الحرية الجنسية ببلادنا، والمجاهرة بالشذوذ الجنسي». وذهب بنكيران بعيدا في هجومه واصفا من سماهم بالساعين إلى التلاعب بمصير المغاربة من خلال مشروع نص دستوري ملغوم، ب»دعاة الإفساد وعملاء الاستعمار الحريصين على مصالحه»، مؤكدا أنهم يريدون ضرب العربية والاستقواء بالخارج». وتابع قائلا: «المملكة المغربية دولة إسلامية، لن نقبل أن يحاولوا إعادة النظر في علاقتنا بالعالم الإسلامي أو بالعالم العربي». وفي ما يبدو أنها رسالة تحذير من الأمين العام لحزب «المصباح» إلى لجنة مراجعة الدستور، هدد الأمين العام لحزب «المصباح» ب«التصويت ضد الدستور الجديد» في حال «استمر هذا التلاعب». إلى ذلك، ينتظر أن تكون مضامين الدستور الجديد موضوع نقاشات داخل الأمانة العامة للحزب، يوم غد الثلاثاء، وخلال اجتماع المجلس الوطني للحزب يومي 18 و19 يونيو الجاري، حيث ستتم بلورة رأي الحزب النهائي بخصوص دستور 2011. ويأتي ذلك في وقت تتحدث فيه مصادر من الأمانة العامة عن وجود شبه إجماع على «إيجابية» ما تم الكشف عنه إلى حد الآن بخصوص مضامين دستور المملكة المقبل. وفي هذا السياق، قال عبد العزيز رباح، عضو الأمانة العامة، ل«المساء»: «الاتجاه العام داخل الأمانة العامة يشير إلى أن هناك شبه إجماع على أن ما طرح من خطوط عريضة بخصوص الدستور المقبل ينسجم مع المطالب التي عبرت عنها أغلب الأحزاب والنقابات والجمعيات، وأنه فاق ما كان منتظرا في ما يخص صلاحيات الملك والحكومة والبرلمان». رباح شدد في تصريحاته للجريدة على أن العبرة في ما يخص المسار الذي سلكته الوثيقة الدستورية الجديدة هي بتفعيل مضامينها، وأن الامتحان الذي سيواجهه الدستور المقبل هو على مستوى الممارسة، معتبرا أن الممارسات والسلوكيات والمؤسسات القادمة هي التي ستحدد مدى استجابة كل القوى لمضامين الدستور، محذرا بالمقابل، من محاولات ما سماها ببعض القوى المحافظة سياسيا واقتصاديا وأمنيا، عرقلة مضامين الدستور والوقوف في وجه إصدار قوانين وإقامة مؤسسات تنسجم والدستور الجديد. وفيما اعتبر رباح أن التعجيل بالانتخابات التشريعية فيه نوع من الخطورة، يتمثل في إنتاج نفس النخب الموجودة حاليا في مجلس النواب، والتي توجه إليها انتقادات عدة، مؤكدا على ضرورة توفير ضمانات واضحة لتنزيل الدستور تنزيلا جيدا، شدد لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب «المصباح» على ضرورة الإطلاع على المسودة النهائية للدستور «فاصلة فاصلة»، قبل التعبير عن موقف الحزب بخصوصه.