سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العدالة والتنمية يطالب بملكية ديمقراطية قائمة على إمارة المؤمنين السليمي: التجاذب بين المطالبين بملكية برلمانية وخصومهم أفقد تصورات الحزب «الحرفية» الدستورية
احتل النقاش حول الملكية البرلمانية حيزا كبيرا من اجتماعات قيادة حزب العدالة والتنمية لصياغة تصوراته للإصلاحات الدستورية، التي تضمنتها المذكرة لعبد اللطيف المنوني، رئيس لجنة مراجعة الدستور، مساء الثلاثاء الماضي. وكان لافتا خلال نقاشات الحزب الإسلامي حول الملكية البرلمانية، أن طبيعة الملكية التي يدفع الحزب في اتجاه تضمينها في الدستور المغربي القادم، كانت مثار جدل بين مكونات اللجنة المكلفة بإعداد تصور الحزب حول الإصلاحات، إذ أبدى قياديون يتقدمهم المحامي مصطفى الرميد، تشبثهم بمطلب الملكية البرلمانية، فيما رفع عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب وقياديون آخرون مطلب ملكية ديمقراطية. نقاشات «إخوان» بنكيران حول طبيعة الملكية ستنتهي إلى تضمين مذكرة الحزب حول الإصلاح الدستوري، تصورا للنظام السياسي الدستوري يقوم على المطالبة بإرساء «ملكية ديمقراطية قائمة على إمارة المؤمنين»، وذلك من منطلق «واجب صيانة المكتسبات التاريخية التي أثبتت فعاليتها في صيانة هوية ووحدة واستقرار الدولة والمجتمع، وشكلت موضوع إجماع بين المكونات المعتبرة للشعب المغربي وقواه الحية، ومن جهة ثانية من التطلع الوازن لبناء ديمقراطي يحقق الانسجام بين هذه المقومات وبين المعايير الديمقراطية المتعارف عليها دوليا. وإذ يرى حزب العدالة والتنمية، في مذكرته، أن شكل النظام الملكي القائم على إمارة المؤمنين قوة توحيد وضامن للاستقرار وعنصر توازن وتحكيم بين مكونات المجتمع ومؤسساته، يؤكد على أن «التطلع الديمقراطي اليوم الذي يجمع بين المؤسسة الملكية والقوى الحية في المجتمع يفتح الطريق لصيانة المكتسبات ولتأهيل البلاد لمواجهة تحديات المستقبل، ويفرض العمل على بناء ملكية ديمقراطية ينظم عملها إطار دستوري واضح». وحسب مذكرة حزب العدالة والتنمية، التي كان لمؤسسه الراحل عبد الكريم الخطيب دور بارز في تضمين إمارة المؤمنين داخل الوثيقة الدستورية المغربية، فإن اعتبار إمارة المؤمنين صفة للملك لاضطلاعه بمسؤولية حماية الدين، تقتضي دسترة المؤسسات التي يشرف عليها الملك بصفته أميرا للمؤمنين كالمجلس العلمي الأعلى، مع التنصيص الدستوري على استقلالية العلماء. ولئن كان الأمين العام لحزب المصباح يؤكد على أن «الملكية ليست للعب»، إلا أن ذلك لم يمنعه من إدخال تعديلات وصفت بالجوهرية تمس أساسا جعل الملك ممثلا أسمى للدولة، والاتجاه نحو تدقيق صفته الدينية طارحا للخروج من الجدل المثار حول قداسة الملك، أن يتمتع هذا الأخير بحصانة كاملة في ممارسة مهامه. وتأسيسا على ذلك يقترح الحزب التنصيص في الفصل 19 على اعتبار الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز وحدتها، وضامن دوامها واستمرارها واستقلالها في دائرة حدودها الحقة، والساهر على احترام الدستور، والضامن عبر تحكيمه للسير العادي للمؤسسات وللخيار الديمقراطي، والضامن عبر تحكيمه للسير العادي للمؤسسات وللخيار الديمقراطي. ويضطلع الملك بحسب تصور العدالة والتنمية بممارسة الاختصاصات التي يسندها له الدستور صراحة بمقتضى ظهائر توقع بالعطف من قبل رئيس الحكومة، ما عدا تلك المتعلقة بتعيين رئيس الحكومة وإعفائه وإعلان حالة الاستثناء وتعيين القضاة وأعضاء المجلس الدستوري، ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، وأعضاء المجلس العلمي الأعلى، والتعيين في المناصب العسكرية وتعديل الدستور. وتبقى من أهم المقترحات التي جاءت بها مذكرة الحزب فيما يخص الملكية هو اقتراحه أن يباشر الملك عبر هيئة جديدة تحمل اسم «المجلس الأعلى للدولة»، يضم في عضويته رئيس الحكومة ورئيسي البرلمان ورئيس السلطة القضائية، ورئيس المجلس الدستوري، صلاحيات منها: إشهار الحرب على أساس إطلاع البرلمان على حيثيات ذلك في أجل ثلاثة أيام، وإعلان حالة الحصار، وإعلان حالة الاستثناء، وتوقيع معاهدات السلام، وطلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، وحل البرلمان، وإعفاء الحكومة، وتعيين السفراء وممثلي المغرب في المنظمات الدولية باقتراح من مجلس الحكومة، فضلا عن تعيين الولاة والعمال والمدير العام للأمن الوطني ومدير الدراسات والمستندات، ومدير مراقبة التراب الوطني باقتراح من مجلس الحكومة. وبرأي عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن الصيغة التي تقدم بها الحزب الإسلامي بخصوص الملكية والفصل 19 من الدستور، شبيهة بالصيغة الموجودة في الوثيقة الدستورية الحالية المعمول بها منذ 1996، معتبرا في تصريحات ل«المساء» أن ما تضمنته مذكرة حزب العدالة والتنمية من إصلاحات دستورية تظهر افتقاد الحزب لما سماها الحرفية الدستورية أثناء عملية صياغته لمقترحاته. ويرجع أستاذ العلوم السياسية افتقاد تصورات الحزب للحرفية الدستورية إلى عدم انسجام الحزب في ما يخص مطلب الملكية، إذ تتجاذب الحزب اتجاهات متعددة يبرز منها توجه يطالب بملكية برلمانية ويعبر عنه بشكل واضح الرميد، عضو الأمانة العامة للحزب، وتوجه مناهض للملكية البرلمانية يتزعمه بنكيران، الأمين العام للحزب. وحسب التحليل الذي يقدمه السليمي، فإن الأحزاب السياسية، ومن ضمنها حزب العدالة والتنمية، أظهرت من خلال المذكرات التي قدمت إلى لجنة المراجعة الدستورية إلى حد الآن، أنها فوجئت بالتعديل الدستوري، ولم تستطع تحديد نقطة الانطلاق في عملية اقتراح الإصلاحات، بين المطالبة بملكية برلمانية أو بازدواجية السلطة التنفيذية من اقتسام السلطات بين الملك والوزير الأول. ووفق المصدر ذاته، فإن ما كشف عنه إلى حد الساعة من تصورات للإصلاح الدستوري، تشير من جهة أخرى إلى استمرار حضور مرجعية سنوات الرصاص والصراع حول التوازنات لدى الأحزاب المغربية، وعدم قدرتها على فرز جيل جديد من السياسيين قادر على قراءة المرحلة الحالية والتعاطي معها بما يلزم من اقتراحات وتصورات حول الإصلاحات، لافتا إلى أنه في مقابل السقف العالي والمفتوح الذي جاء به الخطاب الملكي ل 9 مارس الماضي، فيما يخص الإصلاحات المنتظرة، بدا جليا أن سقف المذكرات المقدمة من قبل الأحزاب السياسية إلى لجنة المراجعة، كان محدودا كما بدت أنها مفتقدة للرؤية، يقول أستاذ العلوم السياسية.