بدأت الدروس الحسنية في عام 1963 بشكل مصغر ولم يكن لها الإشعاع العربي والإسلامي الذي أصبح لها فيما بعد، حيث كان يحضرها علماء المغرب فقط في السنوات الأولى، ثم أصبح يحضرها تدريجيا علماء من دول عربية أخرى. وفي السبعينيات أصبح لها إشعاع دولي واسع، وبدأ يحضرها العديد من علماء المشرق والمغرب، ومن مختلف الأصقاع. وقد حاول الحسن الثاني أن يجعل من تلك الدروس محفلا علميا كبيرا، لذلك فتح تلك الدروس أمام علماء من مذاهب مختلفة، شيعة وسنة، سلفيين وهابيين وإخوانيين، فكان السلفي والشيعي يتعايشان في مجلس واحد وطيلة الأيام التي تستغرقها الدروس الحسنية، وخارج مواعيد تلك الدروس في اللقاءات النقاشية التي تعقب تلك الدروس، وفي الاجتماعات الجانبية. ولم يكن هناك أي تخوف من أن يثار نقاش حاد أو خلافات مذهبية بين الحاضرين خلال الدروس، التي كانت تبث بشكل مباشر على أمواج الإذاعة والتلفزيون دون رقابة قبلية. وحسب أحد الذين دأبوا على حضور تلك الدروس في عهد الملك الراحل، فإن الدروس الحسنية أصبحت ملتقى ل«التقريب بين المذاهب». ومن الأحداث البارزة أن الإمام موسى الصدر، أحد علماء شيعة لبنان ومراجعهم الكبار ومؤسس حركة أمل الشيعية في جنوب لبنان، كان يحضر تلك الدروس خلال السبعينيات وألقى درسين، وذلك أمام الحاضرين الذين ينتمون إلى مذاهب مختلفة وضمنها السلفية الوهابية التي من بين أتباعها من يكفر الشيعة ويطلق عليهم تسمية الروافض. وقد اختفى موسى الصدر في ليبيا عام 1978 رفقة اثنين ممن كانوا معه، واتهم الشيعة اللبنانيون العقيد معمر القذافي بالوقوف وراء اختفائه، وقد قضت محكمة لبنانية يوم 27 غشت الجاري في حق القذافي ومساعديه بالإعدام في قضية الاختفاء تلك. وكان يحضر أحيانا بعض العلماء الصوفيين من المغرب ونيجيريا والسودان وغيرها، ويختلطون مع السلفيين في مجلس واحد. وحضر تلك الدروس تيجانيون وقادريون وبودشيشيون وأتباع زوايا مختلفة، سواء كمحاضرين أو كضيوف. ومن الذين كانوا يحضرون تلك الدروس محمد متولي الشعراوي، الذي كان وزيرا للأوقاف في الستينيات والسبعينيات في مصر، وأبو الأعلى المودودي من الهند، وشيخ الأزهر الأسبق جاد الحق علي جاد الحق، وعبد الفتاح أبو غذة، والطاهر بن عاشور.