لا تزال الهدنة بين قوات علي عبد الله صالح وجماعة قبيلة صادق الأحمر متماسكة بعد اقتتال شرس تواصل طيلة أسبوعين، في حين تحتفل المعارضة بمغادرة الرئيس اليمني إلى السعودية للعلاج بعد إصابته خلال قصف القصر الرئاسي يوم الجمعة الماضي. ورغم أنباء عن بداية تعافي صالح بعد العمليات الجراحية، فإن الغموض لا يزال يكتنف المرحلة القادمة في اليمن في حال قرر الرئيس اليمني العودة لمباشرة مهامه في البلاد. وفسر المحتجون غياب صالح بكونه علامة على ضعف قبضته على السلطة واحتفلوا في شوارع صنعاء، حيث ينظمون مظاهرات ضد الحكومة منذ يناير. وكتب على لافتة رفعها أحد المحتجين في بحر من الرايات اليمنية البيضاء والحمراء والسوداء: «اللي بعده»، في إشارة إلى موجة من الانتفاضات في العالم العربي والتي شهدت إسقاط رئيسي تونس ومصر. وأصيب صالح يوم الجمعة الماضي عندما أطلق صاروخ على قصر الرئاسة في صنعاء، مما أدى إلى قتل سبعة آخرين وإصابة أوثق مستشاريه. ويعالج صالح في مستشفى بالرياض. وترك خلفه كقائم بأعمال الرئيس عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس، والذي ينظر إليه كثيرون على أن ليست لديه سلطة تذكر. وترك صالح اليمنَ في وقت يشهد فيه عدم استقرار، وإن من أجل الرعاية الطبية، قد يجعل من الصعب عليه الاحتفاظ بالسلطة. وبدت هدنة بين القوات الموالية لصالح وجماعة الأحمر، زعيم قبائل حاشد، متماسكة في ساعة مبكرة من صباح يوم أمس الاثنين، مما يوفر بعض الراحة بعد أسبوعين من القتال في العاصمة سقط خلاله أكثر من 200 قتيل. ومن الأمور الأساسية خلال الأيام المقبلة انتظار أي أنباء عن حالة صالح وأي إشارات من السعودية بشأن ما إذا كان قادرا على العودة إلى اليمن أو ما إذا كانت الرياض ستمارس ضغوطا على صالح كي يترك السلطة. وحتى الآن، تمكن صالح، الذي يحكم اليمن منذ نحو 33 عاما، من البقاء في السلطة على الرغم من انشقاق كبار ضباطه وسفرائه. وأغضب صالح حلفاءَه الأمريكيين والسعوديين السابقين الذين كانوا ينظرون إليه كشريك رئيسي في الجهود المبذولة لمكافحة جناح تنظيم «القاعدة» في اليمن، المعروف باسم «القاعدة في جزيرة العرب»، بتراجعه مرارا عن اتفاق توسطت فيه دول الخليج لترك السلطة مقابل عدم محاكمته. وقال المحلل السعودي عبد العزيز قاسم إن السعودية ستقنع صالح بالموافقة على الخروج الذي توسطت فيه دول الخليج حتى يمكن حل الموقف سلميا ودون إراقة دماء. وقد يعطي سقوط صالح أيضا حافزا جديدا لحركات الاحتجاج في المنطقة. وقال زكي بني ارشيد، وهو شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، إن رحيل صالح نقطة تحول بالنسبة إلى الثورة اليمنية، وهو أيضا دفعة كبيرة للتغييرات الحالية في المنطقة العربية وبداية للنصر الحقيقي. واتفق حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية المصري، مع هذا الرأي وقال إن الربيع العربي سيستمر وإن الشعوب العربية في حالة رفض كامل لأنظمتها الحاكمة الحالية.