أكد النقيب عبد السلام البقيوي، رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب، أن واقع الحريات العامة في المغرب في الراهن بدأ يتراجع إلى الوراء، بعدما كان قد حقق طفرة نوعية. وعزا البقيوي، في كلمته بمناسبة المؤتمر ال27 للجمعية، هذا التراجع إلى ما يتعرض له الصحافيون من محاكمات خارج نطاق القانون ومن ملاحقات واعتداءات من طرف قوات الأمن، في مخالفة صريحة للقانون الذي يعطي الحق للصحافي المهني في تغطية الأحداث والتظاهرات وحتى الحروب. كما سجل رئيس الجمعية تنامي التضييق على ممارسة الحقوق والحريات العامة من قبيل منع بعض الجمعيات من ممارسة نشاطها ومنع التعبير السلمي عن الرأي واستعمال القوة والعنف ضد المسيرات والوقفات الاحتجاجية. وفي سياق حديثه عن شعار المؤتمر الذي اختار له المشاركون شعار «إصلاح جهاز العدالة إرادة سياسية وتغيير دستوري»، شدد عبد السلام البقيوي على أن إصلاح القضاء واستتبابه في محيطه رهين بإرادة وقرار سياسيين وأن القضاء المستقل هو الذي يدير أهله شؤونه في استقلال وتجرد ونزاهة، دون أوامرَ من أحد، لِما يشكله من مكانة هامة في المجتمع كآلية لحماية الحقوق والحريات. من جهته، أكد النقيب حسن وهبي، رئيس هيأة المحامين لدى محكمتي الاستئناف في كل من أكادير والعيون، أن انعقاد هذا المؤتمر صادف ما أسماه «الهبّة المباركة بحول الله للشعوب العربية، ومن بينها المغرب، مطالبة بالديمقراطية الحقيقية وبالكرامة والعدالة الاجتماعية وبالعيش الكريم وبملاحقة المفسدين وناهبي المال العام». وأضاف حسن وهبي أن الشعب المغربي قد أبان في ذلك عن الكثير من النضج والمسؤولية، مبرهنا على أنه جدير بالاستجابة لمطالبه. أما في ما يخص قضية إصلاح القضاء، فقد أكد وهبي أنه لا يجد أي مبرر للحرج الذي يبديه بعض القضاة عندما يرفع المحامون شعار إصلاح القضاء ومحاربة الفساد فيه، والمحامون جزء منه، فهم، يضيف النقيب وهبي، جزء من أسرة القضاء ومعنيون بإصلاح ذواتهم أولا قبل المطالبة بإصلاح غيرهم، وشدد على أن مُطالَب الإصلاح لم تكن تستثني مهنة المحاماة. وفي كلمته بالمناسبة، أشار وزير العدل، النقيب محمد الطيب الناصري، إلى أن شعار «إصلاح القضاء» يأتي في خضم الأوراش التي فتحها المغرب، والتي يتصدر فيها القضاء الصدارة، وأكد أن التعديلات الدستورية التي يتم الإعداد لها تهدف إلى الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة من خلال مراجعة النظام الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للقضاء وبقية مكونات جهاز العدالة. وقد حضر الجلسةَ الافتتاحية ما يقارب 1200 مشارك، من بينهم وفود أجنبية ورئيس هيأة المحامين الموريتانيين، إضافة إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار. وقد شهد المؤتمر، صباح أمس الجمعة، أشغال الورشات التي انكبّت عليها ست لجن موضوعاتية، توزعت على كل من لجنة الشؤون المهنية ولجنة إصلاح القضاء ولجنة الشؤون القضائية والقانونية ولجنة القضايا الوطنية والقومية والدولية ولجنة الحقوق والحريات ولجنة الشؤون الاجتماعية، على أن تعلن نتائج أشغال المؤتمر ومقرراته وتوصياته في جلسته الختامية، المقرر انعقادها مساء يوم السبت، 28 ماي 2011. من جهة أخرى، شهد اليوم الأول للمؤتمر الوطني لهيأة المحامين بالمغرب، في دورته ال27، ميلاد حركة أطلق عليها أصحابها «حركة 25 ماي للمحامين الشباب»، حيث عمد مجموعة من أعضاء هذه الحركة، في بهو القاعة التي شهدت افتتاح أشغال المؤتمر، إلى رفع شعارات مطالبة بالتغيير ونصبوا لافتة تحمل شعار الحركة، كما رددوا شعارا من قبيل «يا وزير.. الشباب.. يريد التغيير»، و«بغينا قضاء القناعات.. لا قضاء التعليمات».. «يا محامي يا محاميّة.. الإصلاحات عليك وعليّ مسرحيّة». وقد تزامن رفع هذه الشعارات مع الجولة التي كان يقوم بها وزير العدل في البهو ذاته، الذي يحتضن معرضا للصور والوثائق التاريخية لهيأة المحامين في أكادير والعيون. ونص البيان التأسيسي لهذه الحركة على أنها ليست بديلا عن الأجهزة المهنية التي تمثل المحامين، سواء منها المحلية أو الوطنية، وشددت الحركة الجديدة على حرصها الشديد على احترام وتوقير تقاليد مهنة المحاماة. كما ذكر البيان أن «الحركة جاءت في سياق اللحظة التاريخية التي يعيشها العالم العربي من هبّة ويقظة ضد الظلم والاستبداد اللذين تمثلهما أنظمة مهترئة». كما ورد في بعض فقرات البيان «إننا، كمحامين شباب طامحين إلى التغيير وإسقاط الفساد السياسي والاقتصادي والقضائي في المغرب، نعلن عن تأسيس حركة 25 ماي للمحامين الشباب».. وأعلنت الحركة، من خلال بيانها بالمناسبة، تضامنها اللا مشروط مع حركة 20 فبراير، كما دعوا كافة المحامين في المغرب إلى الانضمام إلى الحركة التي وصفوها بالمبادرة التاريخية، كما جددوا مساندتهم لكافة حركات التحرر ودعمهم اللا مشروط لجميع الثورات التي اندلعت في العالم العربي.