بعد حوالي ثمانية أشهر من التحقيقات، قرر الوكيل العام للملك إحالة ملف الطفلة زبيدة أبو سيف، التي توفيت في «مستشفى ابن زهر» (المامونية) في مدينة مراكش على المحكمة الابتدائية. وقد أتى هذا التطور في الملف بعد شكاية تقدمت بها عائلة المرحومة «زبيدة»، ذات السبع سنوات، وفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تتهم فيها أحد الدكاترة بعدم تقديم مساعدة لفلذة كبدها، مما نتج عنها وفاتها في أحد أيام رمضان الماضي. وتعود فصول هذا الحادث الأليم، حسب ما روته «سلمى ق.»، خالة الضحية، عندما نقلت «زبيدة» (ابنة مسؤول عسكري كبير) إلى قسم المستعجلات في «مستشفى ابن طفيل» على الساعة التاسعة والنصف صباحا، بعد ارتفاع حرارتها وأدخلتها إلى المستعجلات، لتضطر إلى انتظار الطبيب «م. د.» إلى حدود الساعة ال11 و45 دقيقة للكشف على الصغيرة. وتضيف «سلمى» أن الطبيب الذي عاين المريضة وأوصى بإعطائها بعض الأدوية وقام بمراقبة نسبة السكّر التي وصلت إلى 3.3 غرامات، اختفى نهائيا ولم يسأل عنها ولم يحضر إلا بعد وفاتها مساء يوم السبت. كما أن المضاد الحيوي الذي أوصي به لم يُعْطَ للمريضة إلا في الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، والسبب في ذلك هو إغلاق صيدلية المستشفى. وفي الساعة السابعة و30 دقيقة من مساء اليوم نفسه، سارعت الأم والخالة إلى إخبار الممرضة بحالة التقيؤ الشديد التي انتابت الطفلة، وأكدتا أن الممرضة التي كانت في القسم تراقب 22 مريضا قامت بدورها بمهاتفة الطبيب المداوم ثلاث مرات، لكنه لم يحضر إلا في الساعة التاسعة، أي بعد ساعة من مفارقة «زبيدة» الحياة. من جهته، أبدى الدكتور «م. د.» المشتكى به، أسفه الشديد على وفاة الطفلة «زبيدة»، مؤكدا أنه تابع حالتها بشكل دقيق، وشرح المتحدث أن المداومة في قسم الأطفال (astreinte) ذات طابع خاص لا تعني المكوث في المستشفى طيلة 24 ساعة، ولكن الطبيب يتابع، من أي مكان، حالةَ مرضاه، إما بتعليمات أو بالحضور متى استدعى الأمر ذلك، وهو ما قام به الطبيب المعني، حسب قوله. ويحكي «م. د.» أنه فحص الطفلة بعد دخولها قسم المستعجلات في المستشفى، يوم السبت 4 شتنبر الماضي، حوالي الساعة العاشرة، ثم أمر بنقلها إلى قسم الأطفال، بعد أن لاحظ تراجعا في وضعها الصحي. أما الأسرة فتقول إن فَحصها لم يتمَّ إلا في الساعة الحادية عشرة والنصف. ثم عاد الطبيب، بعد أن قام بجولة على حوالي 50 مريضا في قسم المستعجلات للسؤال عن الطفلة وللاطّلاع على وضعها، من خلال الممرضة، في حدود الساعة الواحدة والنصف، قبل أن يغادر المستشفى. وقد اتصل الطبيب، في حدود الساعة الثالثة والنصف بالممرضة من منزله، لمواكبة أي تطورات. وفي حدود الساعة الخامسة والنصف من نفس اليوم، اتصلت الممرضة لإخباره بأن وضع الفتاة ما زال مستقرا. ويؤكد أن فحصه للمريضة مُدوََّن، بالتوقيت، في سجلات المستشفى وأن الممرضة شاهدة على كل الأمور التي قام بها، بينما تنفي خالة الطفلة هذه «المواكبة الطبية» وتقول إنه بعد الفحص الأول، اختفى الطبيب تماما.. ويضيف الطبيب «م. د.» أن الممرضة الثانية المناوِبة اتصلت به، في حدود الساعة الثامنة ليلا، لتخبره بتدهور حالة الطفلة، فأجابها بأنه في طريقه إلى المستشفى، تم عادت واتصلت به، بعد أن قطع نصف الطريق لتُعْلِمه بوفاتها. وفي اتصال ثالث مع الطبيب، استغاثت الممرضة به من عائلة المتوفاة وذكر أنه وجدها مختبئة في موقف السيارات. أما أسرة «زبيدة»، التي كانت، قيد حياتها، بطلة في السباحة، فتدّعي أن الطبيب رفض الحضور حتى إكمال فطوره الرمضاني في منزله وتضيف أن الممرضة المناوبة أخبرتهم بذلك، وهو ما ينفيه الدكتور جملة وتفصيلا.