لفظت طفلة في السابعة من عمرها أنفاسها الأخيرة في مستشفى ابن زهر «المامونية» في مدينة مراكش، يوم السبت الماضي، بعد تقاعس الطبيب المداوم وتفضيله إتمام إفطاره الرمضاني على القيام بواجبه المهني الإنساني وتحصيل الثواب والأجر، بتقديمه المساعدة للطفلة «زبيدة». هذا الحدث الأليم، إضافة إلى استنفاره عناصر الشرطة القضائية، الذين شرعوا في التحقيق في ملابسات الوفاة وتصريح ممرضة بأنها استدعت الطبيب غير ما مرة، لكنه رفض الحضور إلى الغرفة التي كانت ترقد فيها «زبيدة» إلا بعد إتمام فطوره، فقد صدم والدة الطفلة ووالدها الذي يعمل مسؤولا عسكريا، كما صدم جميع أفراد الأسرة. لم تتمالك «أسماء ق.»، أم الطفلة الضحية، نفسَها لتجهش بالبكاء وهي تحكي كيف فقدت ابنتها» «زبيدة» بين ذراعيها، ولم تنفع استغاثتها وأختها «سلمى» داخل مستشفى ابن زهر دون فقدان فلذة كبدها، ذات السبع سنوات. الأم، عندما تحكي بكلمات متقطعة تؤكد أنها فقدت صغيرتها ليس بسبب مرضها بداء السكري، الذي تعاني منه منذ كان عمرها تسعة أشهر، ولكن بسبب الإهمال الطبي للطبيب المداوم. وتضيف الأم المكلومة، في لقاء مع «المساء»، أن ابنتها كانت تتمتع بصحة جيدة، بفضل المراقبة الطبية المستمرة والفضاء الجيد الذي كانت توفره لها الأسرة، الأمر الذي جعلها مرحة، محبوبة بين أفراد الأسرة ومن لدن الجيران، وفي «نادي الجهة» لرياضة السباحة في مدينة «النخيل»، الذي تُوجت معه بطلة للدوري، الذي شاركت فيه جل أندية السباحة من المغرب. أما «سلمى ق.» خالة الضحية، والتي بدت أكثر تماسكا، فتخبر «المساء» بأنها عندما نقلت «زبيدة أ.»، ابنة المسؤول العسكري رفيع المستوى، إلى قسم المستعجلات بالمستشفى على الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم السبت الماضي، بعد ارتفاع حرارتها وأدخلتها إلى المستعجلات، فإنها اضطرت إلى انتظار الطبيب (د.) إلى حدود الساعة ال11 و45 دقيقة للكشف على الصغيرة. وتضيف سلمى أن الطبيب الذي عاين المريضة وأوصى بإعطائها بعض الأدوية وقام بمراقبة نسبة السكر التي وصلت إلى 3.3 غرام، اختفى نهائيا ولم يسأل عنها ولم يحضر إلا بعد وفاتها مساء يوم السبت. كما أن المضاد الحيوي الذي أوصي به لم يُعطَ للمريضة إلا في الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، والسبب في ذلك هو إغلاق صيدلية المستشفى. وفي الساعة ال7 و30 دقيقة من مساء اليوم نفسه، سارعت الأم والخالة إلى إخبار الممرضة بحالة التقيؤ الشديد الذي انتاب الطفلة ويصران على أن الممرضة التي كانت في القسم تراقب 22 مريضا قامت بدورها وهاتفت الطبيب المداوم ثلاث مرات، لكن جواب الطبيب كان غير منتظَر، إذ أخبرها بأنه سيحضر بعد الانتهاء من تناول وجبة الفطور الرمضاني، أما الأم وأختها فأفطرتا بجوار «زبيدة»، التي لفظت أنفاسها الأخيرة بعد إفطار الصائمين، وهي تنتظر حضور الطبيب، لكن «المنقذ» المنتظَر لم يحضر إلا في الساعة التاسعة، أي بعد ساعة من تسليم «زبيدة» الروح لباريها، تحكي الأم بحرقة شديدة. بعد احتساب الأسرة والصبر على البلاء الجلل الذي ألمَّ بها قامت بالتوجّه لدى المصالح القضائية للمطالبة بتشريح الجثة، للوقوف على ما أسموه إهمالا طال حياة الراحلة، وهو ما تحقق لهم. كما قامت الأسرة بالتقدم بشكاية إلى المصالح الأمنية، التي زار أفراد منها تابعون للضابطة القضائية مستشفى «ابن زهر» وسجلوا أقوال الأم والخالة والممرضة المداومة، في معاينة أولية. وتتذكر الأم اللحظات الأخيرة التي عاشتها رفقة فلذة كبدها قبل أن يفرق بينهما القدر، تقول الأم: «بقيت أتحدث إلى ابنتي حتى آخر اللحظات، قبل أن تبدأ في إخراج رغاء من فمها وتتوقف عن التجاوب معي». ويكتشف خالها، الذي يعمل صيدليا أن الأنبوب المعلق بجسدها لا يحتوي على أي أوكسجين، مما يؤكد الإهمال الذي طال الراحلة الصغيرة.