انتقل «مسلسل» الانهيارات في فاس من المدينة العتيقة والأحياء الشعبية، التي تحيط بمركز المدينة، إلى الأحياء «الراقية» التي يُسوّقها المنعشون العقاريون «المحظوظون» في المدينة على أنها «نموذجية». فقد انهارت عمارتان في طور البناء، يومي الجمعة والسبت الأخيريْن، في حي «زواغة بنسودة»، دون أن تتجاوز المدة الزمنية الفاصلة بين الانهيارين 24 ساعة. ولم يخلّف الحادثان أي خسائر في الأرواح، لكنهما أعادا إلى الواجهة مسألة المعايير التي تعتمد في أوراش البناء في المدينة وغياب المراقبة. ففي «حي فدوى»، انهارت عمارة من طابقين، مساء يوم الجمعة، بينما كان العمال يُنهون عملية صباغتها، قبل أن يعرضها صاحبها ل«الاستهلاك». وتحدثت المصادر عن كون الانهيار مرتبطا بالغش في البناء وبعدم احترام المعايير و«تراخي» المسؤولين والمنتخَبين ومهندسي وتقنيي الجماعة الحضرية في المراقبة. وفي مساء يوم السبت الموالي، في حي «المرجة» -واد فاس، انهارت بناية أخرى كان العمال قد انتهوا للتو من «ضالَتها». وربطت المصادر بين الانهيار وبين غياب المراقبة. وقال محمد بلهادي، مستشار في مقاطعة «زواغة بنسودة»، عن حزب العدالة والتنمية، في تصريحات ل«المساء»، إن منتخَبي فريق العدالة والتنمية يطرحون في جل دورات المقاطعة اختلالات البناء والتعمير في المنطقة، لكنْ دون جدوى. وتحدث هذا المستشار عن «فوضى عارمة» يعرفها مجال التعمير في هذه الأحياء، التي تُقدَّم على أنها من «قلاع» العمدة، الاستقلالي حميد شباط. وفي السياق ذاته، دقت مصادر ناقوس الخطر بخصوص الترخيص للبناء في حي «المرجة» وقالت إن هذا الحي، الذي يزخر بمياه جوفية لا يتعدى عمقها بضعة أمتار لا يصلح أصلا للبناء، ومع ذلك، فإن السلطات ترخص للمئات من المواطنين للبناء فيه، كما ترخص لعدد من المنعشين العقاريين لتشييد تجزئتهم فيه وذكرت بأنه حتى في حالة ما إذا رغبت السلطات في الترخيص للبناء في هذه المنطقة، فإن عليها أن تفرض نفس المعايير التي تُعتمَد في بناء السدود والقناطر. وطالبت المصادر السلطات بالتدخل ل«تصحيح» الوضع، الذي يهدد بوقوع كارثة إنسانية في هذا الحي، خصوصا في ظل عدم احترام جل البنايات معايير البناء والتعمير.