كشف صندوق النقد الدولي أنه تسلّم من مديره العام، دومينيك ستراوس- كان، رسالة استقالة رسمية، قال فيها إنه يرغب في مغادرة منصبه كي يتمكن من «التركيز على تبرئة اسمه» من تهم الاعتداء الجنسي ومحاولة الاغتصاب الموجهة إليه في نيويورك، ونفى بشكل قاطع أن يكون قد أقدم على تلك الجرائم. وجاء في الرسالة المقتضبة التي أعلن الصندوق عنها قولُ ستراوس-كان: «أرغب في الاستقالة لحماية المؤسسة التي خدمتها بشرف وأمانة، خاصة وأنني أريد التفرغ وتكريس كل وقتي وقوتي وطاقتي لإثبات أني بريء.» وتابع ستراوس-كان في الرسالة قائلا: «أقول لكم جميعا (في إدارة صندوق النقد الدولي) إنني أنفي، بأشد العبارات الممكنة، جميع المزاعم الموجهة ضدي.» وفي وقت سابق، تعهد ستراوس-كان بعدم مغادرة الولاياتالمتحدة في محاولة جديدة لإقناع القضاء الأمريكي بالإفراج عنه بكفالة، وذلك في طلب قدم إلى المحكمة ونشرته، أول أمس الأربعاء، صحيفة «نيويورك تايمز». وأعرب ستراوس-كان عن استعداده لوضعه تحت مراقبة دائمة، ليلا ونهارا، في حال سمح له بمغادرة سجن «ريكيرز آيلاند» في نيويورك الذي نقل إليه منذ الاثنين الماضي بتهمة اعتداء جنسي ومحاولة اغتصاب. وقال ستراوس-كان، في تصريح تحت القسم: «أتخلى طوعا عن أي إجراء كان لمغادرة الولاياتالمتحدة». وسوف يحاول وكلاء الدفاع عن المدير العام لصندوق النقد الدولي الحصول على الإفراج عنه من خلال اقتراح إجراءات مراقبة صارمة، مثل وضع سوار إلكتروني في معصمه، حسبما ذكرته محطة CNN الإخبارية. وقال الخبير القانوني جيف توبن لCNN إن وكلاء الدفاع «يعتقدون أن لديهم عرضا سوف تقبله المحكمة». وأضاف أن هذا الاقتراح يتضمن «شروطا صارمة جدا» تجعل أي فرار من الولاياتالمتحدة «أمرا مستحيلا». وأشار توبن إلى أن المحامين سوف يثيرون صحة ستراوس-كان لطلب الإفراج عنه. من جهتها، نفت العاملة في فندق «سوفيتال» أية علاقة جنسية بالتوافق مع دومينيك ستراوس-كان، فيما أشار محاميها جيف شابيرو، على قناة «إن بي سي»، إلى أن مدير صندوق النقد الدولي اعتدى جنسيا على موكلته وأن هذه الأخيرة ستنفي أي ممارسة جنسية برضاها مع ستراوس-كان. ردود فعل على الاستقالة رحب الحزب الاشتراكي باستقالة دومينيك ستراوس-كان، حيث إن معظم أعضائه يودون التركيز على من سيكون خلفا له في هذا المنصب الاستراتيجي. ووصف هارلم ديزير، عضو مسير في الحزب الاشتراكي وعضو في البرلمان الأوربي، هذه الاستقالة بالخطوة الشجاعة، ذلك أن ستراوس-كان يود التفرغ لإثبات براءته. واستغرب هارلم ديزير اعتقال ستراوس-كان في الوقت الذي لديه فيه كل الضمانات ليتابع في حالة سراح. ودعا بدوره الجميع إلى عدم استغلال هذه القضية سياسيا لأنها مسألة شخصية. ومن جهته، قال هارمون بونوا، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي، إن هذه الاستقالة «ليست بالمفاجئة». في حين عبرت ماريسول تورين، النائبة الاشتراكية، عن أسفها إزاء ما يجري، واعتبرت أن «استقالته ستسبب له ألما لأنه كان شغوفا بعمله». وفي رسالته، قال ستراوس-كان: «أريد أن أقول للجميع إنني أنفي بشدة كل الادعاءات الموجهة ضدي، وإنني أشعر بحزن كبير لأنني مضطر اليوم إلى تقديم استقالتي إلى مجلس الإدارة من منصبي كمدير عام لصندوق النقد الدولي». كفالة من المقرر أن يستأنف محامو الدفاع عن ستراوس-كان قرار رفض الكفالة، وسيطلبون الإفراج عنه بكفالة قيمتها مليون دولار، في خطوة قد تكون رئيسية في قضيته. وتتيح له الكفالة حرية أكبر في الاتصال بمحاميه والإقامة مع زوجته آن سنكلير، وهي شخصية شهيرة في التلفزيون الفرنسي بنيويورك، إلى حين محاكمته. وكان مدير السجن، الذي يحتجز فيه ستراوس، قال إن المدير المستقيل ليس مؤهلا للاحتفاظ بحصانته بما يحول دون توجيه اتهامات إليه بارتكاب اعتداءات جنسية. وتأتي استقالة ستراوس-كان مع بروز عدة أسماء مرشحة لخلافة الرجل، إلا أن الجهود الأوربية لاحتفاظ القارة بالمنصب لا تشير إلى دلائل تنم عن التوصل إلى إجماع بعد. وأحد المرشحين المحتملين هو رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون الذي يرجح أن يواجه معارضة من خليفته في الحكومة. أما المرشحة وزيرة المالية الفرنسية، كريستين لاغارد، فيشكك كثيرون في قدرتها على التغلب على شعور الاستياء من اختيار فرنسي آخر للمنصب. فيروس نقص المناعة المكتسبة
إن أخطر ما يواجهه دومينيك ستراوس-كان ليس إمكانية إدانته والحكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين 15 و74 سنة في حالة ما إذا ثبتت ضده 7 تهم وجهوها إليه، بعد اعتقاله السبت الماضي حين حاول اغتصاب عاملة تنظيف للغرف داخل جناحه في فندق نيويوركي شهير، بل ما أكدته صحيفة أمريكية من أن المرأة التي تحرش بها تقيم في مجمّع خاص بالمصابين بفيروس HIV المسبب لمرض الإيدز، وقد تكون مصابة بالجرثوم أو بالمرض نفسه. وقصة إقامة عاملة التنظيف في مجمّع للبالغين المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة هي انفراد خبري مفصل اختصت به أول أمس الأربعاء صحيفة «نيويورك بوست» وعززته بمعلومات موثقة، دلت على أنها أقامت 3 سنوات بدءا من 2008 بالمجمّع الذي يشرف عليه مركز «هارلم» للعناية بالمصابين بفيروس «إتش.آي.في»، مؤكدة أن المركز لا يقبل بإقامة أحدهم في المجمّع إلا إذا كان مصابا بالجرثوم أو كان من ذوي المريض، كابنتها البالغ عمرها 15 سنة. وقبل الإقامة هناك، سكنت في شقة بمنطقة «هاي بريدج» في نيويورك، وفي عمارة مخصصة أيضا لسكن المصابين بالفيروس «وقام المركز نفسه بتأمينها لها ولابنتها»، وفق ما ذكرته الصحيفة التي أشارت إلى أن قوانين حماية أسرار المرضى «تمنع التحقق مما إذا كانت المرأة، أو هي الآن، مصابة بالفيروس المسبب للإيدز»، وفق تعبيرها. وقالت «نيويورك بوست» إن الشقة التي تقيم فيها حاليا منذ يناير الماضي في منطقة برونكس بشمال نيويورك مع ابنتها «هي أيضا مستأجرة بواسطة مركز «هارلم» للعناية بالمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة». ورد محاميها، جيفري شابيرو، على ما كتبته الصحيفة، وقال إنها البالغة الوحيدة المسجلة كمقيمة في ذلك المجمّع الذي لم تعد إليه منذ حاول ستراوس اغتصابها بعد ظهر السبت الماضي، فيما رفض متحدث باسم مركز «هارلم» أن ينفي أو يؤكد إصابتها بالفيروس، وقال: «نحن لا نعلق على هذا الموضوع»، رافضا في الوقت نفسه شرح سبب إقامتها في مركز مخصص فقط للبالغين من المصابين بالجرثوم شبه القاتل. أما الشركة المديرة لشؤون المجمّع السكني، فقال متحدث باسمها إن أحدا «لا يمكنه الإقامة هناك ما لم يكن مصابا»، ثم أقفل الخط مع الصحيفة. اشتراكيو فرنسا يتعاطفون مع ستراوس أكد زعماء الحزب الاشتراكي الفرنسي دعمهم لمدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس-كان، المعتقل في الولاياتالمتحدة بتهمة محاولة اغتصاب عاملة نظافة، لكنهم أوضحوا أنهم يتطلعون إلى مستقبل الحزب.