أول أمس، يقصد الأحد 15 مايو يوم النكبة، بتعبير العرب، بشرتنا وسائل الإعلام بأن مواطنين سوريين اجتازوا حدود إسرائيل في هضبة الجولان، بل إن رئيس الوزراء أعلن عن ذلك بدراماتيكية. وأضاف إلى إعلانه وعدا احتفاليا بأن إسرائيل تحافظ على حدودها. الحدث يطرح السؤال: هل توجد لإسرائيل حدود مع سورية في هضبة الجولان؟ ظاهرا، الجواب واضح وبسيط، أما عمليا فليس الحال هكذا. الحدود الدولية هي حدود تتحقق بالتوافق بين الكيانين السياسيين اللذين يوجدان على جانبيها. في بعض الحالات هذا الخط ينشأ في أعقاب مفاوضات مباشرة، ولكن توجد حالات أخرى. حدود أوربا بعد الحرب العالمية الثانية قررتها الدول المنتصرة، وإفريقيا قسمت بين القوى العظمى الأوربية في القرن التاسع عشر. بعض الدول التي تقررت حدودها بهذا الشكل شككت في مكان الترسيم، ولكنها في النهاية قبلت خط الحدود التي أصبحت حدودا دولية. هنا وهناك لا تزال توجد نزاعات محلية بين الدول على المكان الدقيق لخط الحدود. ومؤخرا فقط اندلعت نزاعات كهذه في وسط أمريكا بين نيكاراغوا وكوستريكا، وفي شرق آسيا بين كمبوديا وتايلاند. في هذه الحالات، مجرد وجود خط الحدود مقبول من الطرفين وفقط مكانه الدقيق ليس متفقا عليه نهائيا. إسرائيل هي دولة استثنائية، لأنه لا توجد لها حدود دولية متفق عليها مع كل جيرانها، ولاسيما مع لبنان وسورية. بين إسرائيل ولبنان يفصل اليوم خط يُسمى «خط انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي»، والذي تحقق توافق عليه في مايو 2000 بين إسرائيل والأممالمتحدة. ويتخذ هذا الخط اللون الأزرق. وهو يتطابق، في جزء منه، مع خط الحدود الدولية التي تقررت بين حكومتي بريطانيا وفرنسا في 1923. أما اليوم، عمليا، فلا يوجد خط حدود بين إسرائيل ولبنان. الوضع على الحدود مع سورية أكثر تعقيدا. في 1923، تقرر خط حدود دولي بين بلاد إسرائيل الانتدابية وبين سورية، والتي كانت بسيطرة فرنسا، وبقي هذا الخط حتى حرب الانبعاث. في اتفاق الهدنة، نشأ على الأرض خط، اتخذ اللون الأخضر على الخريطة. بعضه يوجد غربي خط الحدود الدولية. كان هذا خط الهدنة والأراضي التي بيد إسرائيل بينه وبين خط الحدود الدولية كانت مجردة من السلاح. حرب الأيام الستة ألغت هذه الخطوط ونشأ على الأرض «خط وقف النار». هذا الخط تغير بعد حرب يوم الغفران. في 1974، بمساعدة الأممالمتحدة، نشأ «خط فصل القوات». عمليا يدور الحديث عن خطين، يحددان مناطق السيطرة العسكرية لكل طرف. بعد سنوات على ذلك، تقرر هذا الخط الذي يتخذ في الخرائط اللون الليلكي، اتخذت حكومة إسرائيل قرارا من جانب واحد يقضي بأن الأرض التي احتفظ بها الجيش الإسرائيلي ضُمت إلى إسرائيل. في أعقاب ذاك القرار، تقرر أن الخط في هضبة الجولان هو خط حدود إسرائيل. هذا هو الخط الذي اجتازه السوريون هذا الأسبوع. وحسب كل معيار دولي، فليس هذا خط الحدود بين إسرائيل وسورية. لا يزال مطلوبا اتفاق رسمي بين إسرائيل وسورية ينشأ عنه خط الحدود الدولية، مثلما هي خطوط الحدود بين إسرائيل ومصر وبينها وبين الأردن نشأت كجزء من اتفاقات السلام بين الدولتين. وعليه، فقد تسلل السوريون أول أمس (يوم الأحد الماضي) إلى أرض تحتجزها دولة إسرائيل ولكنهم لم يجتازوا حدود إسرائيل. الفلسطينيون من غزة كذلك لم يحاولوا اجتياز حدود إسرائيل في الجنوب، بل مروا عبر خط الهدنة الذي أُعيدت المصادقة عليه في اتفاقات أوسلو، ولكنه لم يتقرر أبدا كخط حدود بين إسرائيل وأي جار في جنوبي البلاد.