طالب عدد من مفتشي الشغل على الصعيد الوطني بتحسين ظروف اشتغالهم وبتمكينهم من الآليات المساعدة على العمل بعيدا عن تأثيرات المحيط وإغراءاته المختلفة، كما طالبوا بمراجعة النظام الأساسي لهيأة تفتيش الشغل المعمول به حاليا بشكل يستجيب لتطلعاتهم ويحقق ما نصت عليه اتفاقيتا منظمة الشغل الدولية رقم 81 و129، اللتين صادق عليهما المغرب، واصفين وضعية الجهاز الذي ينتمون إليه ب«المزرية» وبأنها «تحتاج إلى تأهيل» ومعتبرين أن إقرار نظام أساسي محفز ومحصن يدخل في إطار الخطوط الحمراء التي لا يمكن التنازل عنها. وفي هذا السياق، أوضح هؤلاء المفتشون أن قراءة متأنية لِما يسمى النظام الأساسي تكشف عن كونه مجرد تجميع للنصوص القانونية المعمول بها في الوقت الراهن، وخاصة تلك المتعلقة بتدبير شؤون المتصرفين والأطر المشتركة والمشابهة، كما أن النظام الحالي لم يأت، في نظرهم بأي جديد، سواء في الشق المعنوي أو المادي يترجم خصوصية مهنة تفتيش الشغل ويميز أعوانها، بالتالي، عن باقي أطر منظومة الوظيفة العمومية، باعتبار الخطورة التي تكتسيها المهام الموكولة إليهم. وأضاف المتحدثون أن «السلم الاجتماعي الذي يضطلعون بمسؤولية الحفاظ عليه داخل المقاولة يضاهي مسؤولية حماية النظام العام، حيث إن المجتمع يتأثر بمجرد حدوث خلل في التوازن داخل المقاولة وسيادة أجواء الاحتقان بين طرفي الإنتاج»، كما أن مجالات التدخل تظل واسعة بالنسبة إلى مفتشي الشغل ويصعب حصرها بالمقارنة مع وظائف التفتيش الأخرى. من جهته، أوضح عاصم عبد الصمد، كاتب عام النقابة الوطنية لمفتشي وموظفي وزارة التشغيل، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أن «الحوار القطاعي الذي يُفترَض فيه أن يهتم بالقضايا المرتبطة بمفتشي الشغل غائب تماما في أجندة «وزارة الحوار الاجتماعي»، أي وزارة التشغيل، علما أنه من المفروض أن يتمتع هؤلاء بوضعية اعتبارية متميزة نتيجة لجسامة الأدوار التي يلعبونها في عالم المقاولة وبين أطراف العلاقة الشُّغلية، تجعلهم في منأى عن أن يكونوا عرضة للإغراء وبعيدين عن أي ضغوط أو تأثيرات خارجية، علما أن هناك -يقول الكاتب العام- اتفاقيات لمنظمة الشغل الدولية تنصّ على ضرورة أن يتوفر المفتشون على نظام أساسي يضمن توفير كل الشروط القانونية والمهنية والتقنية والمادية والمعنوية لأجل القيام بوظيفة مراقبة تطبيق قانون الشغل، كمهمة أساسية لأي نظام خاص بتفتيش الشغل، عقلاني وفعال»، وأضاف المتحدث، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أنه «بعد سلسلة من النضالات، منحونا نظاما أساسيا فارغا بصفر درهم، لا يختلف في شيء عما هو معمول به لدى المتصرفين الذين كان مفتشو الشغل يُدمجون كمثيل لهم، وبالتالي فالاتفاقيات التي صادق عليها المغرب في هذا الصدد لا أثر لها في الواقع»، مشددا على أن مطالبهم تتلخص في التأهيل الحقيقي لجهاز تفتيش الشغل، عبر «إقرار نظام أساسي مُحفّز ومُحصِّن وتوفير الحماية القانونية لمفتش الشغل أثناء مزاولته مهامه وهيكلة المصالح الخارجية والمركزية للوزارة، وفق المفهوم الجديد لإدارة العمل، وضرورة معالجة مشكل المعهد الوطني للشغل والاحتياط الاجتماعي الذي ظلت بنايته الإدارية قائمة منذ سبعينيات القرن الماضي دون أن تكون له وضعية قانونية حتى يضطلع بمهام التكوين الموكولة إليه ضمن إستراتيجية متكاملة، مع الاهتمام بالموارد البشرية العاملة في الجهاز، والتي تتناقص سنة بعد أخرى».