في خطوة مفاجئة وغير متوقَّعة، دعا مجلس التعاون الخليجي، الذي يعد أقدم تجمع إقليمي عربي يضم دول الخليج الستة وأنشئ عام 1981، المغرب إلى الانضمام إليه، في ختام قمته التشاورية أول أمس في الرياض، وأعلن الأمين العام للمجلس أن قادة دول مجلس التعاون كلفوا وزراء الخارجية بدعوة وزيري خارجية الأردن والمغرب للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة للانضمام. وقد جاءت مبادرة المجلس في سياق الرغبة في توسيعه والانفتاح على أعضاء جدد، حيث تمت دعوة الأردن، الذي عبّر، في وقت سابق، عن هذه الرغبة، إلى جانب المغرب للانضمام إلى المجلس. وقالت الحكومة الأردنية، في بيان رسمي بهذا الشأن، إن قرار قادة مجلس التعاون الخليجي سيظل موضع التقدير وإنه يأتي نتيجة الجهود المكثفة التي يبذلها، منذ فترة طويلة، الملك عبد الله الثاني مع قادة مجلس التعاون من أجل توثيق أواصر العلاقات الوطيدة مع دول وأبناء الخليج وتعزيز القواسم المشتركة، مضيفة أن الأردن يتطلع إلى مواصلة الحوار بين وزراء خارجية دول المجلس ووزير الخارجية الأردني لاستكمال متطلبات انضمام الأردن إلى المجلس. وقد رحّبت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية بهذه المبادرة، وقال بلاغ صادر عنها إن «المملكة المغربية تلقّت باهتمام كبير الدعوة التي وجهها مجلس التعاون الخليجي، المنعقد اليوم (أول أمس) الثلاثاء في الرياض، على مستوى رؤساء الدول، بهدف انضمامها إلى هذه المنظمة وطلب مجلس التعاون الخليجي فتح مشاورات مع المغرب حول هذا الموضوع»، وأضاف البلاغ أن «المغرب، يود بهذه المناسبة، أن يذكّر بأهمية وخصوصية العلاقات الأخوية التي تربطه ببلدان الخليج العربي، منوها بالمشاورات العميقة والتضامن الفعال الذي يجمعه مع هذه البلدان»، وأعرب البلاغ عن استعداد المغرب «لإجراء مشاورات معمقة مع مجلس التعاون الخليجي من أجل وضع إطار للتعاون الأمثل مع هذه المنطقة الهامة من العالم العربي الإسلامي». وقد طرح اقتراح مجلس التعاون الخليجي بانضمام المغرب إليه تساؤلات حول ما إن كان ذلك يتعارض مع التزاماته تجاه اتحاد المغرب العربي، الذي أنشئ عام 1989 بين مجموعة بلدان المنطقة، ووضعه المتقدم مع بلدان الاتحاد الأوربي ومساعيه إلى استعادة موقعه داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، التي كان قد انسحب منها عام 1981، في السنة التي أنشئ فيها مجلس التعاون الخليجي، احتجاجا على منحه العضوية لجبهة البوليساريو. وقال عبد الوهاب معلمي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الحسن الثاني -عين الشق في الدارالبيضاء وسفير المغرب سابقا لدى الفاتيكان، في تصريحات ل«المساء»، إن «دعوة المغرب والأردن معا إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي ربما قد يكون الهدف منه هو إنشاء «حلف ملكي» يجمع الملكيات في العالم العربي، بعد الثورات التي شهدتها بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة»... وقال معلمي إن ثورات الشارع العربي مسّت الجمهوريات على الخصوص، مما يعني أن هذه الجمهوريات تفتقر إلى الشرعية، بينما تتمتع الملكيات العربية بشرعية تاريخية وسياسية راسخة، مضيفا أن توجه الخليجيين يسير في هذا الاتجاه. وبخصوص عضوية المغرب في الاتحاد المغاربي واستحقاقاته تجاه الاتحاد الأوربي، قال معلمي إن انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، رغم عدم وجود تواصل ترابي بين المغرب ومنطقة الخليج لا يتناقض مع رغبته في الاقتراب من أوربا أو تواجده داخل اتحاد المغرب العربي، وقال إن هناك تجارب لتكتلات إقليمية لا تتوافر لها شروط التواصل الجغرافي بين مكوناتها، مثل الوحدة المصرية -السورية في بداية الستينيات، وأكد معلمي أن المغرب سيستفيد كثيرا من هذا الانضمام، لكون بلدان الخليج بلدانا غنية، مما سينعكس على الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أن للمغرب علاقات جيدة مع بعض بلدان الخليج.