رغم أننا لا نعرف حتى الآن لماذا يصيب السرطان شخصا دون الآخر، فإن الوراثة تلعب دورا في أنواع معينة من السرطان، ولذلك فإن التاريخ المرضي للأسرة يعتبر مهما جدا في تشخيص الحالات. وقد يعطى التاريخ المرضي للأسرة الفرصة للتنبؤ بحالات من السرطان، وهي في طورها المبكر.
1 - الوراثة وسرطان الثدي هو أكثر السرطانات شيوعا بين السيدات.. وقد اكتشفت العلاقة بين هذا السرطان والوراثة حوالي سنة 100 بعد الميلاد.. وتدل الإحصاءات الحديثة على أن 20 % تقريبا من مرضى سرطان الثدي لهم أعضاء في عائلاتهم مصابون بنفس المرض، وخصوصا الأقرباء من الدرجة الأولى، كالبنات والأخوات.. ولكن الموضوع ليس بهذه البساطة، فقد وُجِد أن سرطان الثدي الوراثي يكون مرتبطا بأنواع أخرى من السرطانات في نفس العائلة، مثل سرطان المبيض. وفى سرطان الثدي الوراثي، فإن احتمال الإصابة يبلغ 50 % في الأقارب من الدرجة الأولى. ويظهر سرطان الثدي الوراثي في سن مبكرة وفيه نسبة عالية من إصابة الثدي الآخر بعد علاج الثدي الأول، ووجود سرطان الثدي الوراثي في العائلة يعطى بقية أفرادها الفرصة لاكتشاف وجود أي سرطان مبكرا، وبالتالي فرصة الشفاء الكبيرة إذا اكتشف مبكرا.. وعلى السيدات من أفراد العائلات التي تصاب بسرطان الثدي الوراثي أن تقمن بالكشف على أنفسهن، بتحسس الثدي، لاكتشاف أي أورام، مهما كانت صغيرة. وما بين سن ال35 وال40، يستحسن الخضوع لتشخيص «الماموغرام»، وهي أشعة مخصوصة للثدي.. والماموغرام يجب أن يكرر ما بين سنة أو سنتين حتى سن الأربعين.. والسيدات المصابات بسرطان الثدي الوراثى بعد إزالة الورم يجب عليهن إعطاء أهمية كبرى للثدي الآخر، حيث احتمال ظهور سرطان آخر في الثدي الثاني احتمال كبير.. وقد ينصح بعض الأطباء بإزالة الثدي الآخر، كطريقة وقائية، ولكن هذا يحتاج إلى مؤشرات قوية، سواء كانت إكلينيكية أو باثولوجية. 2 - الوراثة وسرطان القولون هناك تغيرات كثيرة في القولون تُمهّد لظهور السرطان.. وهذه التغيرات مرتبطة جدا بالوراثة، وخصوصا المرض المعروف بزوائد القولون، وهو يتحول إلى سرطان في معظم الحالات. وزوائد القولون مرض وراثي.. ومرضى زوائد القولون معرضون، أيضا، لأنواع أخرى من السرطانات، مثل سرطان الأمعاء الدقيقة، سرطان المعدة، سرطان الغدة الدرقية والغدة فوق الكلية.. لذا فإن الأطباء ينصحون أفراد هذه العائلات بالكشف مبكرا وفى سن صغيرة، بفحص البراز دوريا، للتعرف على أي كمية دماء موجودة، مهما كانت صغيرة.. فإذا اكتشف الدم في البراز، فيجب أن يفحص المريض فحصا شاملا.. ومنذ سن ال15، يُشرَع في عمل منظار شرجي مرتين كل عام. 3 - سرطان المبيض أثبتت الدراسات وجود اضطرابات وراثية تصاحب ظهور سرطان المبيض لدى السيدات اللواتي لهن أخوات مصابات بسرطان المبيض (خصوصا التوأم) أو أمهات، إذ يجب أن يتقدمن للفحص الشامل دوريا.. وينصح الأطباء بإزالة المبيض، كأسلوب وقائي بعد انتهاء الخصوبة لديهن. 4 - الوراثة وسرطان الطفولة أولاً، يجب أن نقول إن السرطان نادر نسبياً قبل سن العشرين، ومثل السرطان الذي يصيب البالغين، فإن العلماء لا يستطيعون أن يجزموا بنسبة السرطان ذي الأساس الوراثي لدى الأطفال.. ولكن العلاقة بين الوراثة وسرطان سن الطفولة ظاهرة في بعض أنواع السرطان، كما أنه من المعقول أن قصر المدة في الطفولة لظهور السرطان يجعلنا نتشكك في عوامل وراثية، حيث دلّت الأبحاث على زيادة احتمال ظهور سرطان لدى الأطفال الذين لهم إخوة مصابون بالسرطان. وأكثر سرطانات سن الطفولة المرتبطة بالعائلة هو أحد سرطانات العين الذي يصيب الشبكية.. أما الثاني فهو سرطان الدم (اللوكيميا) وتأتى بعد ذلك أورام المخ. 5 - الوراثة وسرطان الجلد ينتج سرطان الجلد، غالبا، عن التعرض لأشعة الشمس، وكلما كان لون الإنسان داكنا، فإن جلده يقاوم تأثير الأشعة. وهناك سرطان للجلد يعرف باسم «ميلانوما»، وهو فتّاك ومرتبط بالوراثة، حيث إنه يظهر لدى أكثر من فرد من نفس العائلة، لذلك فإن أفراد العائلة المصاب أفرادها بهذا المرض يجب أن يكونوا حذرين من وجود أي تغيرات مختلفة اللون على جلدهم ويجب أن يتقدموا للفحص دوريا.. وهناك مرض وراثي معروف يسمى «نيوروفيبروما» إذا أصيب به أحد الأفراد، فإن 50% من إخوته وأولاده يصابون بنفس المرض.. وهذا المرض مرتبط جدا بظهور سرطانات، مثل سرطان المخ وأعصاب العين والأذن في المرضى بهذا المرض لدى ما بين 10% إلى 25% من هؤلاء المرضى.. وهناك مرض وارثي آخر يؤدى إلى تلف الأعصاب، كما يؤثر على اتزان وعلى خطوات المريض، وتظهر في هذا المريض أوعية دموية صغيرة في ملتحمة العين وفى الغشاء المخاطي للأنف وعلى جلد الأذن.. والمصاب بهذه الحالة يكون معرضا لسرطان الدم ومرض «هودجكنز» (سرطان العقد الليمفاوية) وسرطان المخ وسرطان المعدة.