في ليلة من ليالي شهر فبراير الباردة، وبينما كانت مدينة تستعد لتوديع يوم روتيني، هو نواح أم مكلومة هدوء حي سيدي عبد الكريم بمدينة سطات، تعالى صوتها المجروح ليملأ أرجاء المكان طالبة نجدة ابنها الذي كان لحظتها يصارع الموت. تجمهر الجيران لمعرفة ما يقع، وكانت المفاجأة حينما علموا بأن جريمة قتل كان بيت جارتهم مسرحا لها، اجتمعت النسوة حول الأم المكلومة لمواساتها في مصابها الجلل، وطمأنتها حول صحة ولدها الذي كان لازال نبض الحياة يسري في جسده مع أنه كان مضرجا في دمائه. وتم الاتصال بشرطة المداومة ورجال الوقاية المدنية الذين انتقلوا إلى مكان الحادث حيث تم نقل الابن المصاب على وجه السرعة على متن سيارة إسعاف الوقاية المدنية نحو قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بسطات، لكن الابن الضحية سرعان ما لفظ أنفاسه الأخيرة وهو في الطريق إلى المستشفى متأثرا بجروحه البليغة، فيتم إيداعه بمستودع الأموات من أجل التشريح الطبي بالمستشفى نفسه، فيما باشرت عناصر الضابطة القضائية بحثها في الموضوع. كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حينما كان (ب) عائدا إلى منزل العائلة بحي سيدي عبد الكريم بسطات، كانت خطواته تتثاقل بين الفينة والأخرى، ويمضي الوقت عليه بطيئا، ومسافة تفصله البيت زادت بعدا بفعل الثمالة، وكانت جرعة الكحول الزائدة التي تناولها (ب) ترفع نبض قلبه وتسرع من ضغطه الدموي. وصل المعني بالأمر إلى منزل العائلة بمشقة وعناء، دخل المنزل وعلامات السكر البين ظاهرة على ملامحه، التي رسم عليها الشقاء ومفعول الخمر معالم التعب، قابل والدته وأثار مشكل الإرث معها، ودخلا في نقاش حاد تطور إلى سب وشتم، رفعت حالة السكر الطافح من إيقاعه، فاستشاط غضبا ثم دخل في حالة هستيريا جعلته يسب ويشتم جميع من بالمنزل ويهددهم بالقتل. كان هدف الأم، وقتها، هو تهدئة ابنها الذي حضر إلى المنزل على غير عادته، لكن غضب الابن كان أقوى من أن توقفه توسلات الوالدة، حيث وخزها ابنها بواسطة سكين كان بحوزته، فخرجت مذعورة طالبة نجدة الجيران، وتركت ابنها(ب) داخل المنزل، عندئذ أشعرت بأن المتهم طعن أخاه ولاذ بالفرار. الاستماع إلى المتهم عند الاستماع إلى (ب) أفاد بأنه احتسى كمية من الخمر ليلة الحادث قبل أن يشق طريقه نحو منزل العائلة لمناقشة مشكل الإرث، فدخل مع الجميع في مشادات كلامية، إلى أن حاول الضحية، وهو أخ له إخراجه من المنزل بعد أن أحكم عليه قبضته بكلتا يديه، ثم أشهر الضحية سكينا في وجهه للاعتداء عليه فركله هو برجله فسقط على السكين التي اخترقت قفصه الصدري من الجهة اليسرى. وأكد أنه كان قد دخل في نزاع سابق مع أخ له يدعى (ح) فتدخل الضحية للفصل بينهما إلا أنه سقط وأصيب في صدره بواسطة سكينه. الاستماع إلى والدة الضحية
أفادت الأم المكلومة بأن ابنها المتهم حضر إلى المنزل وهو مسلح بسكين وملامح الغضب الشديد بادية عليه، فأخذ يسب ويشتم الجميع ويهددهم بالقتل، ولما تدخلت لثنيه عن فعله وتهدئة الوضع، دخل معها في نقاش تطور لاعتداء أصيبت على إثره بواسطة السكين في يدها اليسرى، فخرجت من المنزل تطلب نجدة الجيران، لكن ما خفي كان أعظم عندما تناهى إلى مسامعها خبر إصابة ابنها (س) على يد أخيه، الذي شاهدته والدته وهو يخفي السكين أداة الجريمة أسفل باب مدرسة التدريب على السياقة. وعند استفساره عن الحادث، أجاب أخ الضحية والمتهم بأن أخاه المتهم التحق بالمنزل حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا في حالة سكر جد متقدمة وهو مسلح بسكين، فشرع يسب ويشتم وهدده هو بواسطة السكين، كما أصاب والدته بنفس الأداة، وكان الضحية وقتها نائما في غرفته غير مبال بما يقع، ولما هم بالخروج (أخ الضحية) تعقبه المتهم وأغلق الباب، فخرج الضحية من غرفته والتحق بالباب المذكور ليفك نزاع أخويه ويفصل بينهما، فطعنه المتهم بالسكين ثم التحق بسلم المنزل وهو يحمل في يده السكين أداة الجريمة ولاذ بالفرار، وثبت من خلال التشريح الطبي أن الضحية مات بواسطة طعنة تلقاها في صدره بواسطة أداة حادة قاطعة. أحيل المتهم من طرف عناصر الشرطة القضائية التابعة للأمن الولائي بسطات على أنظار الوكيل العام للملك، حيث وبعد مناقشة القضية وملابساتها قضت غرفة الجنايات الابتدائية بالحكم على المتهم بعشر سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح العمدين المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه.