قال مسؤولون أمنيون باكستانيون رفيعو المستوى، أول أمس السبت، إن أسامة بن لادن ربما عاش في باكستان لما يزيد على سبع سنوات قبل أن تتمكن قوات أمريكية من قتله. ومن شأن إعلان كهذا أن يزيد من غضب واشنطن، الحليف الرئيسي، على باكستان التي عاش عدو الولاياتالمتحدة الأول على أرضها كل هذه الفترة. وقالت واحدة من أرامل ابن لادن لمحققين باكستانيين إن زوجها عاش في قرية باكستانية لفترة تقارب عامين ونصف العام قبل أن ينتقل إلى بلدة أبوت أباد العسكرية حيث قتل يوم الاثنين. وكانت أمل أحمد عبد الفتاح، زوجة بن لادن، قد أخبرت المحققين، في وقت سابق، بأن بن لادن وأسرته قضوا خمس سنوات في أبوت أباد، حيث انتهت أدق وأغلى عملية بحث عن مطلوب في التاريخ. خمسة أشرطة لابن لادن نشرت وزارة الدفاع الأمريكية خمسة مقاطع فيديو لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عثر عليها في المجمع الذي قتل فيه ببلدة أبوت آباد قرب إسلام آباد، في حين قال مسؤول مخابراتي إن المجمع كان مركزا للقيادة أشرف من خلاله بن لادن على استراتيجية التنظيم وعملياته. فقد أعلن مسؤول كبير في المخابرات الأمريكية، أول أمس السبت، أن مجمع بن لادن كان «مركزا نشطا للقيادة والسيطرة ظل فيه زعيم القاعدة مسيطرا على استراتيجية وعمليات التنظيم». وأضاف المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أن المعلومات التي عثرت عليها القوات الأمريكية في المجمع، الواقع ببلدة أبوت آباد، تمثل أكبر كشف لمعلومات المخابرات عن فرد واحد مشتبه به في الإرهاب. وقال إن «هذا المجمع كان مركزا نشطا للقيادة والسيطرة للقائد الأعلى للقاعدة، ومن الواضح أنه لم يكن مجرد مفكر استراتيجي للجماعة.. لقد كان نشطا في التخطيط للعمليات وفي توجيه القرارات التكتيكية». ونشر المسؤول خمسة مقاطع فيديو لبن لادن عثر عليها في المجمع، وأغلبها يظهر زعيم القاعدة وهو يتدرب على بعض من رسائل الفيديو التي كان ينشرها أحيانا على أتباعه. وظهر بن لادن في أحد تلك المقاطع بلحية غزاها الشيب وقد التف ببطانية وهو يشاهد صورا بالفيديو لنفسه في مواقف مختلفة. وقال المسؤول إن الطبيعة الشخصية لمقاطع الفيديو هي مزيد من التأكيد على أن الشخص الذي قتل في الغارة هو أسامة بن لادن. وأوضح أنه جرى التأكد من أن الجثة لبن لادن بأكثر من طريقة، بينها تعرف إحدى النساء في المجمع عليه، وطرق التعرف على الوجه ومقارنة الحمض النووي للجثة بملف الحمض النووي لزعيم القاعدة مع احتمال خطأ يصل إلى واحد في 11.8 كوادرليون (مليون مليار). وبشأن رد الفعل على نشر هذه المقاطع في باكستان، قال مدير مكتب «الجزيرة» في إسلام آباد أحمد زيدان إن المهم بالنسبة إلى الشارع الباكستاني ليس عرض مثل هذه المقاطع، وإنما الأسئلة التي تهمهم هي كيف قتل بن لادن؟ وهل كان مسلحا؟ وهل رميت جثته في البحر حسبما قاله الأمريكيون؟ تنظيم القاعدة يؤكد مقتل بن لادن وكان تنظيم القاعدة قد أعلن، يوم الجمعة الماضي، مقتل بن لادن. وقال المسؤول الأمريكي إن «الجدير بالملاحظة أن الجماعة لم تعلن لنفسها قائدا جديدا، مما يرجح أنها ما زالت تحاول التعامل مع موت بن لادن». وأضاف أن «المخابرات الأمريكية تعتقد أن الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري من المرجح أن يتولى زعامة التنظيم، لكنها ترى أنه شخص يبغضه بعض الأعضاء». وقال المسؤول الأمريكي: «هو بالنسبة إلى بعض أعضاء القاعدة شخصية شديدة السيطرة ومدير صغير ولا يتمتع بخصائص الشخصية القيادية». وأظهر تقييم أولي للمعلومات التي أخذت من المجمع أن بن لادن كان لا يزال راغبا في مهاجمة الولاياتالمتحدة، «وبدا أنه يظهر اهتماما مستمرا بأهداف في وسائل المواصلات والبنية التحتية». وأضاف المسؤول أن «المواد التي روجعت على مدار الأيام الماضية تظهر بوضوح أن بن لادن ظل قائدا نشطا في القاعدة يصدر التعليمات بشأن العمليات والاستراتيجية والتكتيكات إلى الجماعة.. لقد كان بعيدا عن أن يكون رئيسا صوريا، كان لاعبا نشطا بما يجعل العملية الأخيرة أكثر أهمية لأمن أمتنا». وفاة حماة بن لادن حزنا توفيت حماة زعيم تنظيم «القاعدة» المغتال مؤخرا أسامة بن لادن، بعد إصابتها بسكتة دماغية في الرأس، حزنا على زوج ابنتها نجوى إبراهيم الغانم. وقال مقربون من العائلة لجريدة «الشرق الأوسط» اللندنية، يوم أمس الأحد، إن حماة بن لادن السبعينية لم تتحمل صدمة إعلان الرئيس الأمريكي عن مقتل زعيم «القاعدة» في أبوت آباد، ففقدت الوعي ونُقلت إلى مستشفى اللاذقية في سوريا حيث فارقت الحياة. لكن العائلة رفضت الحديث عن تلقي العزاء في بن لادن ونجله الذي قُتل معه في العملية. والمتوفاة هي والدة الزوجة الأولى لبن لادن، نجوى غانم، وهي ابنة خالته تزوجها عندما كان في سن ال17 عاما، بينما كانت هي في سن ال15. وقد أنجب منها 11 طفلا، قبل أن تتركه لتعود للعيش في سوريا قبل أيام قليلة من هجمات 11 شتنبر على الولاياتالمتحدة. أما الزوجة الثانية لبن لادن فهي خديجة شريف، وهي تكبره ب9 سنوات، وهي متعلمة، وتزوجها عام 1983، وأنجبت له 3 أبناء، غير أنهما انفصلا في نهاية المطاف بينما كانا يعيشان في السودان في عقد التسعينيات من القرن العشرين. بعدها، ساعدت الزوجة الأولى في اختيار الزوجة الثالثة لبن لادن، فوقع اختيارها على خيرية صابر، التي تحمل شهادة دكتوراه في الشريعة الإسلامية، وتم زواج بن لادن منها عام 1985، وأنجبت له طفلا واحدا ذكرا.