رغم الاحتجاجات المتكررة ومراسلة المسؤولين عن قطاع الصحة محليا وجهويا ووطنيا، فإن «دار لقمان ظلت على حالها» كما صرح بذلك أحد المرضى تعليقا على وضعية المركز الجهوي للأنكولوجيا بالحسيمة، الذي لم يعد يستقبل الحالات الجديدة من المرضى الوافدين عليه بعد امتناع الأطباء المتخصصين المغامرة بحياة المرضى، كما يصرحون بذلك، نظرا لعدم توفر الظروف المناسبة لأداء مهامهم على الوجه المطلوب، خاصة في ما يتعلق بالنقص المهول في عدد التقنيين الذين لا يتعدى عدد العاملين منهم بالمركز تقنيين اثنين، والأعطاب المتكررة في الأجهزة المستعملة في العلاج، وعدم التعامل الجدي للوزارة الوصية مع المشكل رغم تفاقمه وتهديده حياة العشرات من المواطنين، وهو ما جعل هؤلاء الأطباء يرسلون المرضى إلى مدن أخرى للبحث عن العلاج، مما يضاعف معاناتهم، خاصة وأن بعض هذه المراكز ترفض استقبالهم بمبرر وجود مركز جهوي للأنكولوجيا بالحسيمة وهو المعني باستقبالهم، مما جعل أحد الفاعلين الجمعويين يصف هذه الوضعية بالكارثية، ويضيف في تصريح خص به الجريدة أن «الأمر يحتاج إلى محاكمة كل المتواطئين في لعبة الصمت وعدم التدخل الاستعجالي لحل مثل هذه الحالات التي تهدد حق المرضى المغاربة في الاستمرار في الحياة». وجوابا على خلفيات هذا المشكل الذي يبدو أن الوزارة لا يهمها أن تحله لاعتبارات ما تزال مجهولة، أكد مصدر، فضل عدم ذكر اسمه، أن «المركز الجهوي للأنكولوجيا بالحسيمة قد جهز بأجهزة عملاقة وجد معقدة، باهظة الثمن وغاية في التطور كان الهدف منها علاج جميع أنواع أمراض السرطان وجميع الفئات العمرية، إلا أنه بعد الافتتاح صادفته مشاكل تقنية وبشرية عطلت حلم جميع سكان هذه الجهة، بحيث اقتصر المركز على علاج بعض الفئات العمرية دون الأخرى، وعلى نوع قليل من الأمراض السرطانية». وأضاف أنه «من الناحية التقنية يسجل عدم ملاءمة آلة العلاج مع الحاسوب، مما يؤدي إلى بعث نسبة كبيرة من المرضى إلى مراكز أخرى، كما أن آلة العلاج لا تتوفر على الآلة الملحقة التي تأخذ الصور مما يجعلها «آلة معوقة»، كما تجدر الإشارة إلى وجود علاج آخر يكون غالبا مكملا للعلاج بالأشعة الخارجية، يطلق عليه اسم العلاج بالأشعة الداخلية عن طريق مادة مشعة ينفد إشعاعها مع الوقت، وبالتالي تذهب فعاليتها إذا لم تستعمل، وهذه الحالة هي الحالة الراهنة في المركز نظرا للنقص المهول الذي يعرفه المركز في العنصر البشري، خاصة ما يسجل من نقص في عدد التقنيين مما يعمق الأزمة ويؤثر أكثر على مردودية المركز، بالرغم من أن هذا الأخير يعرف تزايد عدد المرضى الوافدين عليه من مجموعة من المدن المغربية». هذا، ويحتاج المركز إلى ثمانية تقنيين مختصين في الأشعة على الأقل لتشغيل جميع الأجهزة المتوفرة بالمركز بشكل عادي حسب المعايير الدولية المعمول بها في هذا الإطار، مما يعني استحالة تكفل المركز ببعض الحالات التي تستوجب العلاج بالأشعة ثلاثية الأبعاد والأشعة الموضعية، وذلك راجع، وفق ما يوضحه مصدر طبي، لعدم تكافؤ برنامج برمجة العلاج بالأشعة المتوفر بالمركز وجهاز العلاج بالأشعة ونقص التقنيين في الأشعة، مما يضطر الأطباء العاملين بالمركز إلى توجيههم للمراكز الأخرى. هذا، فيما علق أحد المرضى متسائلا: «ماذا تنتظر وزارة الصحة للتدخل لحل مشاكل المركز الجهوي للأنكولوجيا بالحسيمة، أم إن حياتنا لا تعني الشيء الكثير لهؤلاء المسؤولين الجاثمين على صدورنا والمتقاضين لأجورهم من ضرائبنا وعرق جبيننا، ورغم ذلك يلقون بنا للتهلكة والموت البطيء دون أدنى حرج».