توسعت دائرة الاحتجاج التي يقودها منذ أسابيع أعوان السلطة في مناطق متفرقة من المغرب، بدخول التنسيقية المحلية لأعوان السلطة في عمالة سلا على الخط من خلال تنظيمها وقفة احتجاجية أمام مقر العمالة صباح أول أمس الأربعاء، ستتبعها تحركات احتجاجية أخرى في القادم من الأيام. «ليهومْ زادو مرة ومرتينْ، وحنا ديما محكورينْ، ديما منسيّينْ»، «حقوقي حقوقي في دمي وعروقي لن أنساها ولو عْزلوني»، «سْوا اليوم، سوا غدا، القانون ولا بْدّا»... مجموعة من الشعارات التي رفعها نحو 60 عونا من أعوان السلطة في سلا، تحدوا تهديدات رؤسائهم وشاركوا في الوقفة الاحتجاجية الأولى من نوعها التي تعرفها عمالة سلا، لإيصال صوتهم إلى مسؤولي وزارة الداخلية ولرفع ما أسموه «الحكرة» والاحتقار وللاحتجاج على تردي أوضاعهم الاجتماعية. وحسب علي عبد الدائم، رئيس التنسيقية المحلية لأعوان السلطة في سلا والمقدم الحضري في الملحقة الإدارية «السهلي»، فإن الوقفة الاحتجاجية لأعوان السلطة، التي تم تنظيمها أول أمس، ستتبعها أشكال احتجاجية كمنحى آخر في مواجهة ما سماه سياسة «الآذان الصماء» التي تمارسها وزارة الداخلية تجاه مطالب فئة أعوان السلطة، والمتمثلة أساسا في إخراج القانون الأساسي إلى حيز الوجود والزيادة في الأجور. وقال رئيس التنسيقية، في تصريح ل «المساء»: «لا نطالب بأكثر من العيش الكريم، لأننا مللنا من إكراميات وإحسان المواطنين ومن ضغوطات القياد والتعسفات.. نريد أن نعرف ما لنا وما علينا وبعد ذلك، فمرحبا بالمحاسبة»، مبديا استغرابه من استفادة العديد من القطاعات والفئات في الآونة الأخيرة من الزيادة في الأجور وتحسين وضعياتها دون أن يشمل ذلك أعوان السلطة. ويرفع أعوان السلطة مطلب تحقيق الإدماج في الوظيفة العمومية، خاصة في ظل «خطر العزل الذي يتهددهم في كل ساعة»، وتحديد المهام وإقرار التعويضات عن الساعات الإضافية خارج أوقات العمل الإداري والتعجيل بتسليم القرار للأعوان الجدد وصرف التعويضات المالية. وكانت دائرة الاحتجاج قد توسعت بدخول أعوان السلطة على الخط في عدد من المدن، ما اضطر الوزارة الوصية إلى رفع مستحقاتهم المالية مباشرة وتقديم وعود بتحسين ظروف العمل التي يعيشونها، والتي تفرض عليهم العمل مع كافة المصالح الخارجية للدولة، رغم أنهم محسوبون على قطاع وزارة الداخلية. غير أنه بالنسبة إلى رئيس تنسيقية أعوان السلطة في سلا، فإن الزيادة الأخيرة تدخل في بند التعويضات لا الراتب الأساسي الذي لا يتعدى 850 درهما، بل إن ما يزيد الطين بلة، يقول المصدر ذاته، هو أن الزيادة في الأجور المعلن عنها من قِبَل الحكومة والنقابات ستشمل جميع الموظفين باستثناء أعوان السلطة «لأسباب نجهلها ولا يعرفها إلا المشاركون في جولات الحوار الاجتماعي». وفي الوقت الذي تقول مصادر من المحتجين إن العديد من زملائهم تخلفوا عن المشاركة في الوقفة الاحتجاجية، بسبب التهديدات التي تلقوها واحتجاز بعضهم في مكاتب القياد وتخوف بعضهم من الإقدام على خطوة الاحتجاج، كشفت مصادر أخرى وجود توجه لدى أعوان السلطة في العديد من الأقاليم والعمالات إلى تكوين تنسيقية واحدة على الصعيد الوطني، كخطوة لتوحيد جهود التنسيقيات المحلية للدفاع عن مطالب آلاف «المقدمين» و«الشيوخ». وفي هذا السياق، كشف رئيس تنسيقية أعوان السلطة في سلا عن تنظيم لقاء قريب في المدينة سيحضره ممثلون عن تنسيقيات الدارالبيضاء والقنيطرة ووزانوسلا لتدارس الخطوات النضالية المقبلة، متوقعا أن تلتحق بالتنسيقيات الأربع في الأيام القادمة تنسيقيات أخرى، ما يؤشر على تحول في حركة الاحتجاجات، التي انطلقت عبر صفحة الموقع الاجتماعي «فيسبوك». من جهة أخرى، قال بلمعلم التهامي، الناشط الحقوقي، إن مجموعة من الهيآت الحقوقية المتضامنة مع أعوان السلطة ستنظم وقفة احتجاجية وطنية أمام البرلمان وأخرى أمام مقر وزارة الداخلية، لم يحدد موعدهما إلى حد الساعة. وكان أعوان سلطة في ولاية الدارالبيضاء الكبرى قد نظموا، مؤخرا، وقفة أمام مقر الولاية، احتجاجا على تردي أوضاعهم الاجتماعية، رفعوا خلالها شعارات تدعو إلى تحسين وضعيتهم الإدارية وإلى الرفع من الأجور وعبّروا عن تنديدهم ب«تقديمهم كأكباش فداء» في قضايا الفساد والرشوة. وفي السياق ذاته، وجه 16 عونَ سلطة في مدينة وزان رسالة لوزير الداخلية شددوا فيها على ضرورة إيجاد قاعدة قانونية ومهنية لتشغيل أعوان السلطة وتوفير الشروط الضرورية لولوجهم هذا القطاع، بما يضمن الانتقال من الطابع التقليدي إلى منهجية عصرية تتماشى والتطورات التي يشهدها المغرب. واعتبر الأعوان أن ردم الفجوة الإدارية بين أعوان السلطة ووزارة الداخلية مدخل من مداخل تجسيد المفهوم الجديد للسلطة وسياسة القرب، ومن شأنه أن يكون نموذجا يُطبَّق في علاقة الوزارة مع المواطنين. وطالب الموقعون على الرسالة بخلق إطار للدفاع عنهم والعناية بمشاكلهم الاجتماعية، كما دعوا إلى تحويل صرف رواتبهم الشهرية من العمالات إلى وزارة الداخلية، تفاديا لما أسموه «الوضعية الشاذة» التي يعانيها الأعوان في بداية كل سنة، بسبب التماطل في صرف الأجور، تحت ذريعة الميزانية والأخطاء التقنية.