رصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2009، إثر زيارات التفتيش والمراقبة للشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة بالعاصمة الاقتصادية، عن اختلالات كبرى، أبرزها عدم احترام الشركات للمخطط التوقعي للاستثمار، والتلاعب في الآليات والعتاد، حيث تبين من خلال التقرير أن فحص وثائق التأمين وتحليل بعض العينات من منظومات المعطيات المحصل عليها من المطرح العمومي ومن الشركات، مكنا من العثور على بعض العربات الجماعية المستعملة من طرف المفوض لهم، والتي لا تتضمنها اللوائح المحددة لقائمة العتاد الجماعي الموضوع رهن إشارة المفوض لهم. وكشف التقرير أن شركة «سيطا البيضاء»، التابعة لشركة «ليدك»، أرسلت إلى الجماعة الحضرية للدار البيضاء مخططا معدلا للاستثمار تقترح فيه تعديلا للمخطط الأول لكون كمية النفايات التي تجمعها لا ترقى إلى مستوى التقديرات. وبما أن الجماعة الحضرية للدار البيضاء لم ترد على مراسلة «سيطا البيضاء في هذا الشأن، فقد قامت هذه الأخيرة بتنفيذ مخطط استثمار مخالف للمخطط الأول المحدد في الاتفاقية، ومخالف كذلك للمخطط التعديلي المقترح من طرفها. نفس الأمر لجأت إليه شركة «تيكميد»، التي رغم أن الاتفاقية المبرمة معها لم تربط في أي بند من بنودها حجم الاستثمار بكمية النفايات التي يتم جمعها، فإن الشركة قامت بشكل انفرادي بتعديل مخططها الاستثماري على أساس كمية النفايات التي يتم جمعها، والتي لا ترقى إلى الكمية المقدرة في الاتفاقية. كما أن شركة «سيجيديما» لم تحترم كذلك التزاماتها فيما يتعلق بالاستثمار، فإذا أخذنا السعة المخصصة لجمع النفايات كمقياس لحجم الاستثمار، يلاحظ أن الفرق بين الاستثمار المتوقع والاستثمار المحقق حتى سنة 2007 يقدر ب 50 مترا مكعبا. ومن بين الاختلالات التي وقف عليها قضاة المجلس أن عملية القضاء على أماكن الطرح العشوائية لم تتم طبقا للمقتضيات التعاقدية. فمن جهة، لم يقدم أي من المفوض لهم للجماعة الحضرية للدار البيضاء المخطط المنصوص عليه في الاتفاقية للتأشير عليه، ومن جهة أخرى، فإن المبالغ المؤداة من طرف الجماعة الحضرية للدار البيضاء مقابل هذه العملية لفائدة «سيجيديما» و«سيطا البيضاء» برسم السنة المالية 2004 والبالغة 30 مليون درهم شاملة لكل الرسوم، التي تم أداؤها دون مراعاة مقتضيات المادتين 18 و37 من دفتر التحملات الخاص بالاتفاقية التي تربط كلا منهما بالجماعة. وكانت أبرز ملاحظة سجلها تقرير المجلس الجهوي للحسابات تلك المتعلقة بأداء الجماعات مبالغ غير قانونية لفائدة شركات النظافة مقابل عمليات جمع أنقاض ومخلفات البناء. وذكر التقرير أن عمليات جمع أنقاض ومخلفات البناء عبر عمليات محددة في الزمن يتم الأداء عنها بطرق وصيغ غير قانونية، حيث يتم تحويل الأطنان التي تم جمعها إلى وحدات يؤدى عنها بثمن الطن الواحد من النفايات المنزلية.الثمن المتفق عليه في بداية العملية هو 100 درهم للطن، ففيما يخص «تيكميد» على سبيل المثال هناك2.3 طن من الأنقاض ومخلفات البناء مقابل طن واحد من النفايات المنزلية. وبرر مسؤولو الجماعة الحضرية للدار البيضاء أسباب اللجوء إلى هذه الطريقة في الأداء إلى عدم توفر سند في الميزانية يمكن من الأداء عن هذه العمليات، التي يعتبرونها ضرورية ولا محيد عنها. ومن بين الاختلالات التي وقف عليها قضاة المجلس أن عملية الكنس يتم الأداء عنها بشكل مزدوج، حيث يتم الأداء بواسطة الثمن ومن الجزافي اليومي وأداء ثان حسب الثمن المعمول به فيما يخص النفايات المنزلية وما شابهها. وبلغت قيمة المبالغ التي تلقتها شركة «سيطا البيضاء» بشكل مزدوج من طرف الجماعة الحضرية للدارالبيضاء 3.5 ملايير سنتيم. وذكر تقرير المجلس أنه بالرغم من أن عقود التدبير المفوض تنص على آليات المراقبة والتتبع، فإن الجماعة الحضرية للدارالبيضاء، بصفتها السلطة المفوضة، لم تول هذه المهمة العناية اللازمة، بسبب عدم إحداث لجنة التتبع المنصوص عليها في عقد التدبير المفوض، وكذا عدم تطابق السجلات ووثائق التتبع الموجودة في عين المكان مع مقتضيات دفتر التحملات، إضافة إلى عدم توفر المحطة المعلوماتية Terminal المنصوص عليها في الاتفاقية، والتي من شأنها أن تمكن أجهزة المراقبة من الولوج الدائم إلى كل معطيات التتبع الميداني للتدبير المفوض. وسجل التقرير أن الجماعة الحضرية للدار البيضاء، ونظرا لعدم كفاية الاعتمادات، فإنها تؤجل أداء ما تبقى من التزاماتها إزاء المفوض لهم إلى السنة الموالية، فخلال سنتي 2005 و 2006 ، كانت الجماعة تنجز محضرا لتحديد طريقة تسوية المتأخرات المؤجلة إلى السنة الموالية مع كل مفوض له. وعمدت الجماعة منذ سنة 2005، يضيف التقرير، إلى إعداد بيانات حسابية لا تتلاءم مع جداول المنجزات الخاصة بالسنة المعنية من أجل تصفية ما تبقى في ذمتها من دين مقابل الخدمات المنجزة في السنة الفارطة، وفي سنة 2007 اضطرت الجماعة الحضرية للدارالبيضاء إلى طلب اعتماد تكميلي بمبلغ قدره 30.000.000,00 درهم لتسديد ديونها المتراكمة.