حل مساء أول أمس بإفني شكيب بنموسى، وزير الداخلية في حكومة عباس الفاسي، على رأس وفد رسمي هام مشكل من عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري ورئيس جهة سوس ماسة درعة، إضافة إلى الجنرال حميدو العنيكري والشرقي أضريس، المدير العام للأمن الوطني، ورشيد الفيلالي، والي جهة سوس ماسة درعة، وبوشعاب سويلم، عامل إقليمتيزنيت، إضافة إلى عدد من الضباط السامين من الدرك الملكي وبعض مسؤولي الاستخبارات والاستعلامات العامة. وقد حرص الوفد الرسمي الذي جاء على عجل إلى المدينة التي شهدت مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وعدد من المتظاهرين، الذين حاصروا الميناء للمرة الثانية على التوالي في غضون أقل من ثلاثة أشهر، على تنظيم زيارة خاطفة لأماكن حدوث المواجهات، قبل الانتقال إلى الميناء الذي أشعل فتيل الأزمة الجديدة بالمنطقة، حيث عاين المسؤولون الحكوميون والعسكريون عودة الهدوء إلى الميناء، وتحدثوا مباشرة إلى بعض المهنيين، كما وقفوا على مجموعة من المعطيات المرتبطة بمستوى جودة المنتوجات البحرية المستخرجة من البحر، والرواج الاقتصادي الذي يشهده القطاع البحري بسيدي إفني. وفي أعقاب زيارته للميناء، حاول بنموسى طمأنة المستثمرين والمهنيين، والتأكيد على أن «كل الأعمال التخريبية لا يمكن أن تقع بدون رد فعل المصالح الأمنية، والصرامة الضرورية»، مضيفا أن نجاح العمل التنموي رهين بتوفير شروط الاستقرار والمحافظة على الأمن داخل المدينة، وبخصوص التدخل الأمني للقوات العمومية، أوضح المسؤول الحكومي في اللقاء الذي نظم بعمالة تيزنيت، بعد انتهاء الزيارة الميدانية لإفني، أن «تدخل القوات العمومية تم بهدوء، دون استعمال أية وسائل ثقيلة، وأن الأشخاص المسؤولين عن الأحداث سوف يقدمون للقضاء ليقول كلمته فيهم، كما أن كل المصالح الأمنية والحكومية مستعدة لتجنيد جميع الوسائل للحفاظ على الأمن العام داخل المنطقة، ومواجهة كل التصرفات الخارجة عن إطار الحريات العامة والقانون... ولا يمكننا أن نترك مجموعة قليلة ليست لها أية علاقة بآيت باعمران تسعى إلى تحقيق أهداف غير تنموية». ووجه بنموسى في اللقاء الذي نظم بعمالة الإقليم وحضره رؤساء الجماعات بدائرة إفني وبعض الأعيان بمنطقة آيت باعمران وعدد قليل من رجال المقاومة والمنتخبين، نداء إلى الهيئات المنتخبة والفعاليات المحلية، لتمثيل الساكنة والتعبير عن حاجاتها التنموية، مشيرا إلى أن «الحكومة مستعدة لوضع برنامج تنموي يعده المنتخبون والفاعلون المحليون، على أساس إخراج عقدة مرقمة، تضم برنامجا زمنيا للإنجاز»، مضيفا أن «الوفد الوزاري سيأتي لزيارة المنطقة، بناء على أرضية معبرة عن الحاجات التنموية للساكنة». وفي موضوع ذي صلة باللقاء المنظم بقاعة الاجتماعات بعمالة تيزنيت، منع المراسلون الصحفيون بتيزنيت من حضور اللقاء المذكور، دون تقديم المصالح المعنية بالعمالة للتوضيحات اللازمة، في الوقت الذي تم السماح لبعض وسائل الإعلام الرسمية بالحضور لتغطية الأشغال. إلى ذلك، عاشت المدينة صباح أمس الأربعاء هدوءا نسبيا بعد مناوشات متفرقة حدثت ليلة الثلاثاء بحي بولعلام، وبحسب الإفادات الميدانية التي تصلنا تباعا من عين المكان، فإن الأنباء ما زالت متضاربة حول عدد المصابين في صفوف القوات العمومية والمتظاهرين، وعدد الموقوفين على ذمة الأحداث الجديدة، كما ما زالت أعداد من القوات العمومية مرابطة أمام مفوضية الشرطة، وبساحة المطار والثكنة العسكرية، فيما لوحظ أن بعض أرباب المحلات التجارية، وخاصة بعض نوادي الأنترنت، لم تتجرؤوا على فتح أبوابها كاملة، حيث عمد بعضها مرات عديدة إلى إخراج الزبناء كلما أحست بقرب حدوث منزلقات جديدة. وفي إطار ردها الرسمي على الأحداث الأخيرة بالمدينة، عبرت السكرتارية المحلية عن أسفها لعدم اتخاذ الدولة «لأية خطوات جادة ومسؤولة لإعادة الثقة للمواطن»، وأدانت في البيان، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، محاولة تشويه سمعتها في «نهجها السلمي المؤطر للحركة الاحتجاجية بالمنطقة»، وحملت الدولة مسؤولية الاحتقان الذي تعيشه المدينة، وهو نتيجة طبيعية –يقول البيان- لسياسة اللامبالاة وصم الآذان التي نهجها المسؤولون»، معلنة تشبثها ب»مبدإ الاحتجاج السلمي والحضاري إلى حين تحقيق المبادئ العامة والمشروعة بما فيها إطلاق سراح المعتقلين»، وطالبت بتفعيل توصيات اللجنة الحقوقية المشتركة لتقصي الحقائق، وفتح حوار جاد ومسؤول عوض اللجوء إلى المقاربة الأمنية في معالجة الأوضاع المتأججة دوما بالمنطقة. من جهته، أكد مصدر محلي من إحدى الجمعيات التي شارك أفرادها في الاحتجاج الأخير بسيدي إفني أن «الاحتجاج الشعبي لن يموت بالمدينة، إلا إذا قضي على مسبباته الاقتصادية والاجتماعية». كما ندد القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، باستمرار اعتقال الناشطة الحقوقية خديجة زيان، التي لعبت –حسب تعبير البيان- الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، «دورا مهما في إقناع لنساء ضحايا التحرش الجنسي بسيدي إفني للإدلاء بشهادتهم أمام لجان التقصي»، ووصف البيان الاعتقال بالتعسفي، كما استنكر «سياسة القمع» وطالب بالتوقيف الفوري للمحاكمات الماسة بالحقوق والحريات، وضرورة احترام السلطات للمواثيق الدولية لحقوق المرأة، التي وقعت عليها وتعهدت باحترامها». يشار إلى أن الحصار الأخير للميناء يعتبر الثاني من نوعه بعد حصار شهر يونيو المنصرم، الذي تكبد خلاله المهنيون خسائر مادية فاقت 500 مليون سنتيم، فيما بلغ عدد الشاحنات المحاصرة أول أمس قبل عودة الميناء إلى حالته الطبيعية 141 شاحنة محملة بأزيد من 1000 طن من المنتوجات البحرية، وهو ما استدعى حضور تعزيزات مكثفة لتأمين الطريق للشاحنات ذات الحاويات المجمدة، وتسهيل عملية دخول 56 شاحنة أخرى متوقفة ببلدة مير اللفت التي لا تبعد عن المدينة إلا بحوالي 30 كلم.