سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقارير «تدين» السلطات في عهد «أوريد» بتهمة «غض الطرف» عن «البناء العشوائي» في مدينة مكناس «تجزئات سرية» جلها شيدت فوق أراض تابعة للأحباس وأسماء و«تقنيات» التجزيء تتكرر في التقارير
حصلت «المساء» على معطيات رسمية تستعرض ملفات وصفت ب»الضخمة» ل«غض» السلطات الإدارية في مدينة مكناس، في عهد الوالي السابق حسن أوريد، الطرف عن «تجزئات سكنية سرية» ل«أباطرة» البناء العشوائي في أحياء في المدينة. وقدرت المصادر الحد الأدنى لأحزمة البؤس التي يقطن بها ما يقرب من 60 ألف نسمة، في ظرف سنتين فقط (ما بين 2006 و2008) بأكثر من 10 ملايير سنتيم وقالت إن «عائدات» التجزئة «السرية» المعروفة في حي «الإنارة»، والتي «اكتُشِفت» شهرين فقط بعد رحيل والي الجهة أوريد وتعيين محمد فوزي خلفا له، تقدر، لوحدها، ب4 ملايير سنتيم. وتظهر التقارير التي رسمت صورا عن «مسارات» هذه «المدن السرية» في العاصمة الإسماعيلية أن جل الأراضي التي شيدت عليها تعود إلى الأحباس وأن الأشخاص الذين يقفون وراءها تتكرر أسماؤهم من «تجزئة» إلى أخرى، كما أن عمليات «التجزيء» تعتمد «التقنيات» نفسها، والتي تبدأ بالحصول على رخص للتسوير من الجماعة، قبل أن يتم تقسيم الأرض داخل السور إلى قطع يتم بيعها بناء على وثائق مشكوك في مصداقيتها وقانونيتها، وفي بعض الحالات، فإن المستفيدين يحصلون على رخص موقعة من طرف مستشارين جماعيين تسمح لهم بالبناء. وتم ربط بعض المنازل فيها لاحقا بالكهرباء والماء وقنوات التطهير. وقد دفعت التقارير التي توصلت بها وزارة الداخلية، مباشرة بعد «رحيل» أوريد عن الجهة، إلى إيفاد لجن للتفتيش وقفت على واقع «أحزمة البؤس» في العاصمة الإسماعيلية، واستمعت إلى عدد من الأطراف وأنجزت تقاريرها، وآخرها تقرير أنجز في نهاية شهر يونيو من سنة 2010. وقد تمخض عن هذه التقارير إيقاف تفويضات أربعة مستشارين جماعيين في بلدية مكناس ومنعهم من التوقيع، بعدما «اتهموا» ب«التورط» في «تنامي» هذه التجزئات السرية التي تحاط بأسوار وتشتغل لوبياتها ب«تقنيات» وصفت ب»العالية» في «النصب» على ضحاياها من المواطنين البسطاء الذين يرغبون في الحصول على «قبر الحياة». لكن هذه التقارير وقفت عند هذا الحد، دون أن يتم الكشف عن «الأيادي الخفية» التي يرجح أن تكون متورطة في هذه الملفات في أوساط مسؤولين إداريين محليين، في وقت يتحدث فيه «الضحايا» عن أن «البيوعات» تتم بحضور رجال سلطة في مراتب عليا. وكشفت المصادر ذاتها على بعض رجال سلطة «صغار» أجبروا في تلك المرحلة على «التزام الصمت»، بعدما تعرضت تقاريرهم حول هذه «الأحزمة» ل»الإتلاف». ورغم أن الوالي الجديد، محمد فوزي، قرر إيقاف «زحف» البناء العشوائي وأباطرته على المدينة، فإن خطر الانهيارات تلاحق عددا من البنايات التي أصبحت جاهزة وتؤوي العائلات قبل انطلاق الحملة، وأصبح هذا هاجسا إضافيا يشغل بال المسؤولين، بسبب الغش في البناء وعدم إتباع أي إجراءات للمراقبة ومعاينة وضعية التربة وأماكن البناء في منطقة هشة معروفة بانجرافات تربتها. كما أن هذه «الأحزمة» تؤرق، أمنيا، بال هؤلاء المسؤولين نتيجة «تفريخها» مظاهر الانحراف والجريمة والتطرف، إلى جانب النظر في الوضعية القانونية المعلقة للعقار والذي كان في الأصل تابعا للأحباس قبل أن يترامى عليه أباطرة البناء العشوائي ويتاجروا فيه، في ظل «تواطؤات» يتحدث عنها المستفيدون بالأسماء والصفات. وقائع صادمة قبل سنة 2006، كان حي «الإنارة» في منطقة «مكناسة الزيتون» عبارة عن أرض فلاحية مساحتها تقارب 3 هكتارات، لكن «لوبي» البناء العشوائي في المدينة، وبتواطؤ مع بعض المنتخبين ورجال السلطة، حولها إلى أرض محاطة بسور علوه ثلاثة أمتار. وفي نهاية سنة 2006، بدأ بيعها بالتقسيط. وقد تمت هذه العمليات على أيدي أشخاص قالت التقارير إنهم كانوا معروفين لدى السلطات المحلية. وفي سنة 2007، بلغ البيع ذروته وتم بناء عدد من المنازل المتفرقة أمام أعين الجميع، مما شجع عددا من الفقراء على اقتناء قطع أرضية. وفي كل مرة، كانت الأطراف البائعة تشهر نماذج من الرخص المصادَق عليها من طرف الجهات المكلفة بالتعمير لتأكيد «سلامة» العملية وتشجيع المواطنين على اقتناء هذه البقع الأرضية. وفي سنة 2008، وصل عدد المنازل المبنية في هذه «التجزئة» إلى حوالي 20 منزلا وتجاوز عدد القطع المقتناة 300، قبل أن تفاجئ السلطات، شهرين تقريبا بعد تولي محمد فوزي شؤون ولاية الجهة، أصحاب هذه «التجزئة» و»المستفيدين» من قطعها بحملة، دون سابق إنذار، استعانت فيها بالجرافات وبعدد من أعوان السلطة وأفراد من القوات المساعدة، وتم هدم جميع الأسوار. واكتشف هؤلاء المستفيدون، إبان هذه الحملة التي تمت صبيحة يوم الاثنين 29 مارس الأخير، أن ملكية الأرض تعود إلى الأحباس. وأصيب عدد منهم بالصدمة وفرض عليهم تجرع مرارة الهدم وما خلفه من خسائر. وطالبوا في تقرير لهم من السلطات إيجاد حلول لوضعيتهم. «مدن سرية» تحدثت المصادر عن أن أولى هذه الحملات قادت إلى اكتشاف تجزئة سرية في المنطقة الحضرية ذاتها منطقة مكناسة الزيتون تمتد على مساحة 5 هكتارات مؤهلة لأن تؤوي 480 بقعة مقسمة بطريقة سرية. وقامت السلطات، بتاريخ 6 أبريل 2010، بهدم عدد من جدران سياجها بواسطة جرافات. وقد تبين أن أصحابها حصلوا على رخص تسويرها من المصالح البلدية وعمدوا بعد ذلك إلى تشييد «صناديق» على شكل إسطبلات، ليقوموا بتشييد المنازل لاحقا بطريقة سرية، «بعيدا» عن أنظار «الفضوليين». كما تبين أن هذه الأرض كذلك تعود في ملكيتها للأحباس. وأظهرت التحريات أن «التجزئة السرية» المتواجدة في حي الأمل كانت في الأصل عبارة عن ضيعة فلاحية فيها أشجار مثمرة تبلغ مساحتها حوالي 5 هكتارات، ويستغلها شخص منذ أزيد من أربعين سنة، وخلال سنة 1991 أصبحت الضيعة والأراضي المجاورة لها في ملك نظارة أوقاف مكناس، والتي تركت الحالة على ما هي عليه، حيث كانت الضيعة مسيجة بالأشواك والتي كانت غالبا ما تتعرض للحرائق. وفي سنة 2007، سلمت الجماعة رخصة تسوير الضيعة لمكتريها، ووقعها آنذاك بوبكر بلكورة، رئيس الجماعة. وفي 15 أبريل 2008، تنازل المكتري عن جزء من الضيعة لفائدة شخصين قاما بإقامة أسوار داخل المساحة المقتناة بموجب رخصة أخرى من الجماعة ذاتها، وفي السنة نفسها (2008) شيد فوق هذه المساحة حوالي 22 منزلا، واستطاع السكان الحصول على الربط بشبكة الإنارة والماء والتطهير. وفي نفس المنطقة حي الأمل في منطقة مكناسة الزيتون وبالقرب من مسجد بدر، «اكتشفت» السلطات الإدارية «تجزئة سرية» أخرى في طور البناء على مساحة تقدر ب5600 متر. والغريب في أمر هذه الأرض أنها، بدورها، توجد في ملكية الأحباس، وهي عبارة عن مستودع. واستطاع مكتريها بدوره أن يحصل على رخصة من البلدية للتسوير. لكنه تنازل عن المستودع بعد تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء لفائدة أشخاص آخرين بموجب تنازل مصحح الإمضاء، رغم أن الأرض ليست في ملكيته. وتبين أن هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم الذين قاموا بتقسيمات القطعة الأولى في حي الأمل. وقامت السلطات بهدم الأسوار المسيجة للأجزاء الثلاثة لهذا المستودع عن آخرها، باستثناء ثلاث محلات مشيدة غير مسقفة تستغل كمخزن للحطب والرماد لحمام تقليدي، وكذا محلين آخرين. وقد تمت هذه العملية بحضور صحافيين محليين.