في صورة مشهورة لقسم ولي العهد سيدي محمد، بالمدرسة المولوية، في نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات، يظهر التلميذ حسن أوريد (وأوريد بالأمازيغية هي الطائر الصغير)، المعروف عنه مجيؤه من عائلة فقيرة بالرشيدية، في الصف الأول. ولقد تنبأ بعض الملاحظين، أن ذلك الفتى سيكون له شأن في المغرب القادم ! مستندين إلى سند واه ألا وهو كونه كان يجلس في الطاولة الأولى مع ولي العهد ! إلا أن نبوءتهم خابت بعد أن راكم أوريد الفشل تلو الفشل. منذ تولي الملك محمد السادس الحكم وحسن أوريد يتراجع إلى الوراء، بينما الذين كانوا في الظل في نفس الفصل الدراسي بالمدرسة المولوية مع ولي العهد، يتقدمون في صمت وبلا جلبة إلى أضواء النجاح في المهام التي كلفوا بها. وبعملية إحصائية صغيرة، فإن حسن أوريد، بعد إعفائه من مهمة مؤرخ المملكة الأسبوع الماضي، يكون قد مر بأكثر من 4 مناصب رسمية سامية، تنتهي بإعفائه منها بشكل مفاجئ، في ظرف زمني لا يتجاوز 10 سنوات. طبيعي أن يتساءل الملاحظون عن السبب في أن أوريد لا « يسخن بلاصتو » كثيرا، هل لسبب يعود إلى تكوينه الشخصي أم إلى الظروف المحيطة به؟ أم أنه « رجل ما عندو زهر » مع دواليب صناعة القرار بدار المخزن؟ ما يتداول عنه أن السبب يعود إلى طبيعته الشخصية، فهو ضحية تضخم للأنا، تجعله لا يثق في من حوله، ولا في الكفاءات المحيطة به، وأنه يصر على أن ينجز كل شئ بمفرده. بل هناك من يؤكد، أن له مشكلا حقيقيا في التواصل مع أي محيط يعمل ضمنه، أي أنه لا يتقن العمل ضمن منظومة جماعية، تعتمد « روح الفريق ». لقد انتهى به ذلك إلى أن يراكم صورة سلبية، كلما تحمل مسؤولية في قطاع ما. لقد غادر مجال الديبلوماسية، بعد تجربة مواجهة حامية مع سفير المغرب الأسبق بواشنطن محمد بنعيسى، جعلته يغادر عالم الدبلوماسية بعد أن شغل منصب مستشار سياسي بالسفارة المغربية بين 1992 و1995. ليلتحق بمجال التدريس بكلية الحقوق بالرباط. ثم عين أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي، عام 1999 وهي مهمة رفيعة لم يراكم فيها الشئ الكثير، بل إنه بقي بدون مبادرات تعكس بصمته الخاصة في تلك المؤسسة التواصلية الجديدة التي تم التخلي عنه وعنها في نهاية المطاف (انظر العدد : ...). فهل طائر الرشيدية لا يجيد التحليق في سماء الدولة ومسؤولياتها أم أنه اسم دائم للتجريب فقط؟ بعد فترة من البقاء في « الثلاجة » عين واليا على مكناس في يونيو 2005، أي إنه التحق بالشأن المحلي الإداري. مرة أخرى، كانت ولايته مجالا لصراع مع فعاليات إقليم كبير، مثل إقليممكناس وجهة تافيلالت. وظل الاعتقاد لفترة أن الأمر يتعلق بمحاولات مواجهته لرؤوس الفساد في إقليم فلاحي غني، لكن الأمر أخد أبعادا أخرى حين اكتشف المحتكون به أن الرجل « منغلق على نفسه » ولا يسمع سوى رأيه الخاص. ونجح عمليا في مواجهة بلكورة عمدة مكناس التابع لحزب العدالة والتنمية، لكنه خسر في ربح علاقة دائمة وجيدة مع النسيج الجمعوي والاقتصادي والسياسي للإقليم، مما رسخ عند الكل تلك الصورة السلبية، أنه مدبر سيء. فتم تغييره وإخراجه من عالم الداخلية، ليعين بعد فترة « كمون » أخرى، مؤرخا للمملكة يوم 14 نونبر 2009، وهو المنصب البرتوكولي الكبير الذي لم يقض فيه سوى سنة واحدة وبضعة أيام، قبل أن يغيره الملك ويعين بدلا عنه الأستاذ عبد الحق المريني، مدير التشريفات السابق. وذلك يوم 22 دجنبر 2010. لقد تساءل الكل عن السبب، وهنا تعددت التأويلات، بين غضبة ملكية من تجاوزه لواجب التحفظ البرتوكولي، وبين تداعيات ما تضمنه آخر كتاب صدر له حول الحضارة الغربية. لكن النتيجة واحدة، وهي أن الطائر أوريد لا يحسن التحليق بين تيارات هواء السلطة. وهناك من يستعيد في هذه المناسبة فشله في عدد من المهام الموازية (السرية) التي تم تكليفه بها، ولم يفلح في فتح قنوات التواصل والتوجيه مع الجمعيات الأمازيغية. وهناك من أكد أنه كان السبب في إفشال قنوات الإتصال هذه، بسبب مزاجه الحاد، وعدم ثقته في الآخرين، وأنه كان يجمع كل الأوراق عنده. أليس خصم حسن أوريد هنا هو حسن أوريد نفسه؟ إنه السؤال الذي يفرض ذاته، أمام توالي إعفائه من العديد من المهام الرسمية الكبيرة. فهو لا يفلح دوما في نسج صداقات تدوم، ولا يحسن مبدأ خدمة الآخرين، بل تجمع الكثير من الشهادات على أنه يعتبر خدمة الآخرين له واجبا إلزاميا، ويربط ذلك « ابن المخزن » ! وأن هذا السلوك جعل الآخرين يرونه متعجرفا ومتعاليا، ولا يسوق عن نفسه أبدا صورة « رجل الدولة ». فهل هذا هو السبب في توالي إعفائه دوما من مهامه الرسمية الكبيرة التي تناط به؟ تناسلت الأخبار حول السبب الحقيقي لإعفاء أوريد مجددا من مهمته الرسمية كمؤرخ للمملكة، ومن أكبرها أن أحد المسؤولين الحكوميين غضب من معاملة تحقيرية تعرض لها، فأبلغ احتجاجه وامتعاضه للسلطة المعنية. الأمر هذا عزز أخبارا ظلت تكثر حول مؤسس مركز طارق بن زياد تؤكد أنه (أي أوريد) يعتقد بقوة أن النخب بالمغرب تافهة لأنها لا تقرأ، وأن الأمر عنده يشمل أهل اليسار والإسلاميين. وبخصوص قضية القراءة والكتابة، فإن أوريد ينشر عددا من المؤلفات، يغضبه دوما أنه لا يهتم بها كما يتمنى هو ذلك. ولو كان الأمر متعلقا فعلا بكتابه الأخير، الذي قالت بعض القراءات أنه جر عليه غضبة على مستوى عال، فإن النتيجة الطبيعية كانت هي أن يتم منع تداوله منذ صدوره منذ مدة. لكن هذا الأمر لم يتحقق مما يؤكد معطى آخر، أن أوريد ضحية أحكام تحقيرية للناس، وأنه متعال في تصرفاته، وهذا هو الذي يجلب له الكثير من المشاكل. بالعودة إلى مركز طارق بن زياد الذي أسسه بالرباط، وحظي من خلاله بدعم مادي خاص، ومتابعة إعلامية في التلفزيون والإذاعة ووكالة المغرب العربي للأنباء، وبأغلب الصحف مستغلا نفوذه، فهو لم يحقق المرجو منه، سواء على مستوى تأطير النخب المغربية، أو توجيه النقاش الديني أو الأمازيغي صوب استراتيجية الدولة في التعامل مع هذين الملفين الثقيلين. وكانت أكتاف المركز من الضعف ما جعلها لم تستطع حمل الرسالة، والنجاح في تلك المهمة. والنتيجة هي أن المركز اليوم تحول إلى مؤسسة عائلية باهتة يديرها عدد من أقاربه، مما يعزز تلك الصورة المتداولة عن أوريد أنه لا يثق في الآخرين، وأنه يفضل دوما الأشخاص الذين يمتثلون لتصوره الفردي. فكانت النتيجة الحتمية هي أنه دبلوماسي فاشل، وناطق رسمي فاشل، ووالي فاشل، ثم اليوم مؤرخ ضيع موعده مع التاريخ. لم يتجاوز البلاغ الصادر عن وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة يوم الأربعاء 22 دجنبر 2010، بشأن تعيين عبد الحق المريني مؤرخا للمملكة، خمسة أسطر كما أوردته وكالة « لاماب ». وأمام تنويه البلاغ ب« الخدمات الجليلة لعبد الحق المريني.. وولاءه للعرش العلوي.. »، لم يكن هناك أي ذكر لحسن أوريد الذي تولى مهمة مؤرخ المملكة. مما جعل سؤال « لماذا؟ » تطرحه « الوطن الآن » على عدد من المتتبعين. لم يخف عدد من المقربين من أوريد الذين استطلعت « الوطن الآن » آراءهم بخصوص حيثيات إعفاء حسن أوريد من مهامه كمؤرخ للمملكة أن يكون ذلك أمرا معتادا بالنسبة للمتتبع لمسار أوريد، كيف كان أول وآخر ناطق رسمي باسم القصر الملكي؟ وكيف قضى فترة بياض عقب إعفاءه من هذه المهمة؟ وكيف عين واليا على جهة مكناس؟ ليعفى بعد ذلك ويقضي أزيد من سنة في بياض أيضا، ويعين بعد ذلك مؤرخا للمملكة، وبعد مرور أقل من 14 شهرا يتم إعفاؤه من جديد، هي إذن انتصارات وانكسارات في مسار حسن أوريد. ويؤكد عدد من المقربين له اتصلت بهم « الوطن الآن » أن إعفاءه من مهمة مؤرخ المملكة كان متوقعا ومنتظرا منذ مدة، « لأن هذا المنصب في حد ذاته كان مجرد « كراج » فهو منصب بروتوكولي، لا فائدة منه حسب قولهم، وهو « منصب مخزني تقليدي، مرتبط بالبلاطات العتيقة كفرنسا، وهو يخدم الدعاية الملكية بالدرجة الأولى، واليوم هناك « لاماب » بموقعها الإلكتروني، وقنوات زنقة البريهي ومجموعة « ماروك سوار » بجرائدها تكتب وتغطي الأنشطة الملكية بمختلف مجالاتها، وبأدق التفاصيل وهي تقوم بدور مؤرخ المملكة، وموثقة بالصوت والصورة ». من هنا - يضيف هؤلاء - « فإن مؤرخ المملكة لا أهمية له ». ويضيف محدثنا أن حسن أوريد نفسه « لم يكن راضيا على هذا المنصب »، وفي غير مناسبة « كان يعبر عن ضيق مجال اشتغاله، وهو الذي اعتاد الطيران بحرية والتعبير عن أفكاره خارج أي حدود ». هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فإن آراء أخرى - وفق ما استقته « الوطن الآن » من من كانوا يخالطونه تقول إن للكتاب الذي أصدره أوريد « مرآة الغرب المنكسرة » أثره في هذا الإعفاء، من حيث ذكره لعدد من تجليات الأعطاب التي تعترض مجالات الصحافة المستقلة والتعليم وسيادة التكنوقراط على مجالات حيوية، « ورغم أنه قدم هذه الأفكار في إطار فكري عام، فإن القارئ لما بين السطور - يقول محدثنا -، يدرك أن هناك انتقادات لمجالات تسيير عدد من القطاعات، فهناك نقد واضح للتضييق على الصحافة المستقلة، ولازدياد نفوذ التكنوقراط في مجال إصدار القرار، ولاستعمال المال من أجل خنق الصحافة..وليس من العادة أن يقوم مؤرخ بهذه الإنتقادات ويحاضر في عدد من الفضاءات الفكرية بحرية وبدون تحفظ، وأوريد كان يدرك أنه يطرح أفكاره بنوع من الجرأة، وكان يريد تبليغ الجهات المعنية أنه غير راض على منصبه التقليدي، وتهميشه من المربع الضيق للقرار، ويمكن القول أنه كان يسعى لهذا الإعفاء من منصبه كمؤرخ للمملكة ». بالمقابل ترى وجهات نظر أخرى أن للوشاية والدسائس في محيط البلاط دورها في الدفع نحو إعفاء أوريد، وإبعاده ولو بشكل مؤقت نحو « الإنعزال »، ف« رفاق المدرسة المولوية » - حسب أصحاب هذا الطرح - « ليسوا ملائكة »، وتعتمل في نفوسهم الطموحات والرقي نحو المراتب العليا في البلاد، وقد يكون لوشاية كاذبة دورها في هذا القرار.. بالنسبة لنا داخل الحركة الثقافية الأمازيغية، فحسن أوريد بعيد عن الدفاع عن القضية الأمازيغية رغم أهمية بعض الأبحاث والدراسات التي قام بها، والتي تهم البعد الأمازيغي في الهوية الأمازيغية. علاقتنا بحسن أوريد هي علاقة تأثير وتأثر كأي باحث بهذا الخصوص، كما أن اسم حسن أوريد غير وارد لدينا داخل الحركة الثقافية الأمازيغية. فحسب علمي لم يسبق له أن أصدر أي بيان أو عبر عن موقف مساند للقضية الأمازيغية أو مدافع عن دسترة الأمازيغية. وأعتقد أن الأمر يعود إلى حساسية المناصب التي تقلدها، إذ أنه يريد الحفاظ على علاقته الجيدة مع الدولة المغربية، علما بأن أي تصريح يدافع عن القضية الأمازيغية يعتبر دليلا على انخراطه ضمن الحركة الثقافية الأمازيغية رغم مساهمته لما كان ناطقا بإسم القصر الملكي في إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والذي أدى إلى انقسام في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية إلى تيارين : تيار انخرط في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتيار واكب وانتقد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. أما بخصوص مركز طارق بن زياد الذي يقوده حسن أوريد فليس له حسب علمي أية علاقة تعاون مع الحركة الثقافية الأمازيغية أو مع الجمعيات الأمازيغية المنضوية لها. فلم يسبق لي أن عاينت إسمه ضمن أي ملصق للتظاهرات الثقافية والفنية التي تنظمها الجمعيات المنضوية للحركة الثقافية الأمازيغية. من جانب آخر، أعتقد أن أوريد يدعم تيارا داخل الحركة الأمازيغية، أي تيار مكناس والنواحي، وهو التيار الذي جر انعقاد الكونغرس العالمي الأمازيغي بمكناس. وواضح أن هناك اختراقات لهذه المنظمة، وحسن أوريد دخل في لعبة تشتيت هذه المنظمة إلى جانب حكومات شمال إفريقيا وجنيرالات الجزائر والحكم الديكتاتوري بليبيا. رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، عضو المجلس الوطني لمنظمة تاماينوت * في سنة 1991 كان سوق الجملة للخضر والفواكه بمكناس يحقق 800 مليون سنتيم سنويا وسوق السمك يحقق 100 مليون سنتيم، لكن بعد مرور أزيد من 14 سنة (ومجيء أوريد واليا على مكناس)، ظلت المداخيل مستقرة، في الوقت الذي كان من المفروض أن ترتفع مع ارتفاع النمو الديمغرافي والرواج بالعاصمة الاسماعيلية. * في عهد الوالي أوريد تم تجفيف معلمة صهريج السواني من المياه وتحولت إلى مستنقع آسن، وهي الكارثة التي وقف عليها الملك خلال زيارته لمكناس خاصة أن المعلمة تقع على بعد 500 متر فقط من القصر الملكي حيث أعطى الملك أوامره الصارمة للوالي أوريد ببدء أشغال التهيئة والإصلاح. * في عهد الوالي أوريد تم اعلان الوكالة المستقلة للنقل الحضري بمكناس وكالة مفلسة، وهو ما نتج عنه تشريد 471 عامل. كما عرفت نفس الفترة إقبار حافلات الزيتونة التي تكفلت بربط مكناس بضواحيها، وكذا بإقليمالحاجب، حيث أن العقد الموقع مع هذه الشركة انتهت صلاحيته سنة 2002 ولم تتوصل بإشعار التوقيف إلا في 23 يونيو 2004 وتركت تشتغل لفترة طويلة في غياب عقد موقع مع الجماعة، بعد أن تم تحويلها إلى كرسي احتياط لمواجهة تداعيات إفلاس الوكالة، لكنها سرعان ما أقبرت بعد التوقيع مع « سيتي باس »، وهو ما نتج عنه تشريد 160 عاملا. * في عهد الوالي أوريد عرفت مكناس بعاصمة الإجرام، حيث تناسلت الكثير من الجرائم المروعة. ولم تستعد المدينة هدوءها حتى حل وال آخر. * في عهد الوالي أوريد سجل فشل مشروع دور الضيافة بزرهون (103 غرفة)، والذي رصد له غلاف مالي يقدر بمليونين و300 ألف درهم بسبب غياب استراتيجية بعيدة المدى للمشروع ووجود خروقات مالية وتهميش دور المجلس البلدي لزرهون. * في عهد الوالي أوريد شهد حي براميلا حالة احتقان بعد تغيير برمجة مشروع مركب اجتماعي وثقافي كان من المقرر أن يحتضنه هذا الحي الذي يصنف ضمن 360 من الأحياء الهامشية والفقيرة بالمغرب إلى حي سيدي بوزكري، وهو المشروع الذي كان من المقرر أن يدشنه الملك، رغم أن الإعداد القبلي كان يسير في اتجاه تدشين المشروع بهذا الحي (الزيارات المتكررة للوالي أوريد لمكان المشروع). * في عهد الوالي أوريد استفاد مستشفى محمد الخامس بمكناس من دعم قدره 14 مليار سنتيم لإصلاح وترميم العديد من المصالح بالمستشفى في إطار برنامج تمويل وتسيير قطاع الصحة بالمغرب. لكن المشروع حمل إهدار للمال العام -حسب مصادر طبية- علما بأن المستشفى عرف إصلاحات متكررة، وعلى الخصوص بقسم المستعجلات وقسم الولادات مع نهاية التسعينات من القرن الماضي كلفت مليار و200 مليون سنتيم ولم يتم استغلالها إلا مدة 5 سنوات، ليتم تحويل قسم الولادات إلى مستشفى بانيو، بينما حل قسم المستعجلات مكان قسم الولادات. * في عهد الوالي أوريد عرف مشروع إسكان قدماء المحاربين الحي الصفيحي بسيدي بابا خروقات كبيرة، حيث تم تسجيل 1027 حالة سنة 2004، مع إضافة لائحة تعود الى سنة 1997، في حين تم تسجيل 3126 مستفيدا سنة 2006، وهو ما نتج عنه إقصاء العشرات من أبناء قدماء المحاربين اضطروا إلى تنفيذ وقفات ومسيرات احتجاجية. * في عهد الوالي أوريد تم تحويل أراضي فلاحية إلى مشاريع بناء. كما تم تحويل تصميم لفيلات إلى عمارات، وهو ما جعل الوالي الحالي يجمد جميع المشاريع غير المطابقة للقانون. * في عهد الوالي أوريد تم تغيير اسم موسم املشيل إلى « موسيقى الأهالي »، وهو المشروع الذي سجلت فيه خروقات مالية. * سجل أيضا استحواذ مركز طارق بن زياد على إقامات وفيلات تابعة للدولة. كما تم أيضا تقويت بقعتين أرضيتين بالراشدية لصالح مركز طارق بن زياد، وهو ما قد يحمله الأمر من استغلال للنفوذ. يعود آخر نشاط معلن لمديرية الوثائق الملكية الخاضعة لوصاية مؤرخ المملكة، لسنة 2009، وذلك بمناسبة توشيح عدد من الأشخاص بأوسمة ملكية لمساهمتهم في تزويد المديرية، إغناء للأرشيف الملكي، وهي مؤسسة تديرها بهيجة سيمو منذ وفاة المؤرخ السابق عبد الوهاب بنمنصور. ويرى البعض أن تكليف بهيجة سيمو بهذه المهمة، مرتبط بأبحاثها العسكرية واشتغالها إلى جانب عدد من الشخصيات العسكرية في مجال التأريخ العسكري، وهي تعرف تمام المعرفة قيمة السر المهني وعواقب إفشاءه، وهو ما جعلها في نفس المهمة رغم تكليف أوريد بمهمة التأريخ الملكي. ولايخفى أن هذه المديرية تعد « صندوقا ذهبيا » حسب الباحثين في التاريخ المغربي لما تتوفر عليه من وثائق ومستندات نادرة. وإلى جانب هذه المؤسسة الملكية، هناك مؤسسات رسمية أخرى تهتم بمجال التاريخ، ومنها المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، والمعلن عنه في 22 نونبر 2006، التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومهمته تلخصت في ظهير التأسيس على : « تفعيل عملية البحث في تاريخ المغرب والإرتقاء بالمعرفة المتصلة بالماضي القريب للمغرب، بهدف ترسيخ الهوية المغربية وتأصيل الذاكرة الجماعية ». ويرى عبد اللطيف خرباش، رئيس شعبة التاريخ بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن مهمة مؤرخ المملكة خطيرة من حيث المهام الملقاة على عاتقه، من حيث محاولة استرجاع أحداث الماضي، وهي ضمن العلوم الإنسانية، مما يجعل هناك شبه تلازم بين الأحداث وذاتية المؤرخ، ومع ذلك تظل الحقيقة وإن كانت بشكل نسبي هي مبتغى أي دارس للتاريخ وباحث فيه، محددا مهمة مؤرخ المملكة في التأريخ الرسمي للملك أو السلطان دون فصل ذلك عن الدولة. وحول ارتباط مؤرخ المملكة بالمناهج الدراسية يؤكد عبد اللطيف خرباش أنه يكون له « حق الإطلاع »، فأي مادة تاريخية من حق المؤرخ أن يطلع عليها قبل أن تنشر كمادة دارسية من الأقسام التحضيرية إلى المعاهد العليا، « فهو الحافظ للذاكرة الجماعية، والمؤتمن عليها » بتعبير خرباش. إذا كان مهمة مؤرخ المملكة جاءت بصيغة الفرد، فإن تطورات العصر الحالي أخذت تفرض تطورا في هذه المهمة، من حيث إنشاء عدد من المعاهد الموازية التي تهتم بهوية المغرب في أبعادها المتعددة، من هنا رأى عدد من المؤرخين أن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، والمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، إلى جانب عدد من الهيئات التي تؤرخ لأنشطتها من قبيل مندوبية المقاومة وجيش التحرير والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يصب في اتجاه توثيق المرحلة، والتأريخ للمستقبل، كما أن اشتغال عدد من شعب التاريخ بمختلف المؤسسات الجامعية من شأنه إثراء الأرشيف المغربي. « لاقيمة لأمة بدون تاريخ »، قاعدة يتلقاها الطلبة في مدرجات الكليات والمعاهد، وهي الفكرة التي يحاول أساتذة التاريخ بمختلف الأسلاك التعليمية تلقينها للتلاميذ والطلبة على حد سواء، فمن يكتب تاريخ المغرب؟ وكيف يكتب؟ ولمن يكتب؟ وأي دور لهذه الكتابات في اتخاذ القرارات؟ يرى عدد من أساتذة التاريخ أن المغرب هو من بين الدول القلائل التي تشتغل بمنصب مؤرخ المملكة، وهو منصب تقليدي مرتبط بالدولة المغربية على مر القرون. ضرورة تاريخية يشدد عبد الوهاب الدبيش، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بالدار البيضاء، على أن مؤرخ المملكة مؤسسة قائمة الذات في المغرب منذ القدم إلى الآن، وهو يعطي الدليل الملموس على عمق وبنية الدولة المغربية، ولاتوجد فترة غاب فيها مؤرخ المملكة، وكانت مهمتهم بالتحديد توثيق الأحداث المرتبطة بالسلطان وبالدولة وبالأجهزة والإدارة المدنية والعسكرية. ويؤكد الدبيش في لقاء أجرته « الوطن الآن » معه أن هذه المهمة كان لها بعد تراثي تاريخي مؤسساتي متجذر في البنية الرسمية للمغرب، ولأن من حق كل ملك أو سلطان أن يخلف تاريخا مجيدا يشهد على إنجازاته، كانت الوسيلة هي اللجوء إلى خدمات المؤرخين. مشددا على أنه لايمكن التفريق في التأريخ بين حياة الملك وأنشطة الدولة، فكلاهما جزء واحد يسعى المؤرخ لإبرازه في قالب أدبي أخاذ، كما كان عليه الحال بالنسبة لعبد الرحمان ابن زيدان، الذي كان قمة في الأدب والتأريخ على حد سواء. وبالنسبة لبروفيل مؤرخ المملكة يرى الدبيش أنه عادة ما يكون شخصا تربى وترعرع في المحيط العام للمؤسسة الملكية ويعرف تقاليدها وعاداتها وتشريفاتها ومراسيم استقبالاتها، « وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل عبد الحق المريني مؤرخ المملكة ينجح في مهمته، من حيث أنه عايش ثلاثة ملوك هم الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني وحاليا محمد السادس »، مضيفا أن المعرفة والخبرة صفات تستوجب توفرهما في مؤرخ المملكة، وهو ما كان متوفرا في المؤرخ السابق حسن أوريد. أشهر المؤرخين المغاربة على مر العصور كان المؤرخون المغاربة إلى جانب السلاطين يؤرخون لحركاتهم وسكناتهم، وهو تقليد مأخوذ منذ عهد النبوة، حيث كان الصحابة يتابعون عن كثب أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام، وأفعاله، وهو ما يصطلح عليه بالسنة النبوية. وهو المنهل الذي أخذ منه سلاطين المغرب. وأبرز المؤرخين نجد إبن أبي زرع مؤرخ الدولة المرينية، وعبد العزيز الفشتالي مؤرخ الدولة السعدية، إضافة إلى الناصري الذي عاش في عهد الحسن الأول، وترك كتاب « الاستقصاء » بأجزاءه الثلاثة. أما في العصر الحديث فنجد عبد الرحمان بن زيدان (1946-1872)، وكان مؤرخا للدولة العلوية وأبرز مؤلفاته « « العز والصولة في معالم نظم الدولة ». ويدور موضوع الكتاب حول تنظيم الحكم والإدارة في عهد الدولة العلوية. وقد عرف عن ابن زيدان ذكاؤه وحفظه للأخبار وجمعه بين الفقه والأدب والشعر والتاريخ. بعد ذلك تولى هذه المهمة عبد الوهاب بنمنصور، حيث كان مديرا لديوان الملك الراحل محمد الخامس، وبعده في نفس المنصب في عهد الملك المرحوم الحسن الثاني، هذا الأخير عينه مؤرخا للمملكة بشكل رسمي سنة 1961، قبل أن يصبح مديرا للأرشيف الملكي أو ما عرف فيما بعد بمديرية الوثائق الملكية سنة 1975 ثم عضوا مؤسسا لأكاديمية المملكة. سلسلة من الأحداث عاشها الراحل بنمنصور، وثقها في سلسلة كتب بعنوان « انبعاث أمة » وهي تؤرخ ليوميات وأنشطة الملك الراحل الحسن الثاني. وهو ما واصله خلال الثمان سنوات التي عاشها إلى جانب الملك محمد السادس قبل أن يوارى الثرى في 12 نونبر 2008. لم يكن خلف بمنصور في مهمة التاريخ الملكي سوى حسن أوريد، لكنه، لم يعمر طويلا في هذه المهمة، لتخلفه شخصية تربت طوال 50 سنة في البلاط الملكي، واستطاع النجاح في مهمته السابقة كمدير للتشريفات والأوسمة، ألا وهو عبد الحق المريني (76 سنة)، تاركا مهمته السابقة لنائبه جواد بلحاج (مواليد 1955). لتستمر حركية التأريخ الملكي.عن الوطن الآن : هشام ناصر - منير الكتاوي