هذا الشاب البالغ من العمر 25 سنة تعرض لحادث مفجع تسبب له في فقدان وجهه، وهو أول شخص يخضع لعملية زرع وجه كامل في الولاياتالمتحدةالأمريكية. دالاس ڤينس يحكي لنا محنته ونجاته من موت محقق. يعتبر دالاس ڤينس الذي يبلغ من العمر 25 سنة الملقب في الولاياتالمتحدة ب«رجل بدون وجه» معجزة حقيقية. في الحديقة يلاعب دالاس الرجل العازب ابنته الصغيرة التي أعطته القوة لكي يواجه مصيره المفجع، اسمها سكارليت وتبلغ من العمر 3 سنوات، تقول بكل براءة «أحبك أبي» وهي تعانقه قبل أن تقبله على وجنته. وإذا كان هذا الرجل متأكدا من أنه لن يستطيع يوما رؤية محيا ابنته فهو متأكد بالمقابل من النظرة التي ستحملها عنه ابنته مدى العمر، فبالنسبة إليها سيبقى مجرد «أب». قبل عامين، كان دالاس ڤينس رجلا شابا ووسيما يهتم بابنته ويستمتع بقضاء وقته مع أصدقائه، كان يقضي مهام مختلفة في بلدية فورورد تكساس. انفصل دالاس عن أم سكارليت بعد عامين على الزواج منها ورحل مع ابنته ليسكنا مع جده وجدته سي وسيلتون بيتيرسون، إلا أن الأقدار شاءت في نونبر 2008 أن تنقلب حياته رأسا على عقب. «كنت في كنيسة بابتيست ريد ڭليا على بعد 5 دقائق من منزلي وكنت معتادا على زيارة هذه الكنيسة في طفولتي. كان يتوجب علي آنذاك طلاء نوافذ الكنيسة، كنت وراء المبنى أعيد صباغة جزء سبق أن قمت بطلائه قبل ثلاثة أيام غير أنه تعرض للتلف بسبب هطول أمطار عاصفية، وفي لحظة فقدت توازني فوق الرافعة التي بدأت في التمايل لتصطدم مع أسلاك كهربائية ذات ضغط عالي، وما زلت أتذكر بشكل غير واضح سماع صوت انفجار وكسر ولا أتذكر شيئا سوى ما حكاه لي أخي دانييل وعمي طوني اللذين كانا يعملان معي». «كان وجهي ملتصقا مع الأسلاك الكهربائية ومن حسن حظي أن سيارة الإسعاف وصلت بعد سبع دقائق، إلا أن المسعفين وللوهلة الأولى اعتقدوا بأني فارقت الحياة لكن بعد برهة استأنف قلبي دقاته ليقوم المسعفون بإزالة الأسلاك الكهربائية عن وجهي ويباشروا عملية التدليك لإنعاش القلب قبل أن تحملني طائرة هيليكوبتر إلى مستشفى بارك لوند ميموريال دي دالاس». أمضى دالاس ثلاثة أشهر في الغيبوبة قبل أن يستفيق «فتحت أولا عينا واحدة، كنت بالكاد أرى ما حولي، فهمت آنذاك أنني كنت في المستشفي وأنني مصاب بشكل خطير، وكان أول من سألت عنه هو ابنتي، احترقت عضلات وجهي ولم يبق سوى العظم، لم يصدق الأطباء أنني على قيد الحياة فبالنسبة إليهم كان أمامي مصيران لا ثالث لهما، إما الموت أو العيش بإعاقة ذهنية. وبينما كان دالاس في الغيبوبة، كان الأطباء يسابقون عقارب الساعة لإنقاذ حياته، اضطروا إلى الاستعانة بعضلات وجلد فخذه وظهره ومؤخرته ليزرعوها في وجهه، وفاق عدد التدخلات الجراحية 22 عملية في المجموع. وفي آخر المطاف، نجحت عملية زرع العضلات، إلا أن جفنيه التصقا ببعضهما. «كان الأمر مروعا، اختفى وجهي بالكامل ولم يكن بإمكاني حتى البكاء! لم يعد لي وجه أو شفتان كل ما بقي هو ضرس أو ضرسين». السرعة التي تقبل بها دالاس وضعه الجديد كانت مذهلة، «كل من حولي يجدون صعوبة في فهم سلوكي الإيجابي إلا أن عقلي الباطني تقبل هذا الأمر عندما استفقت من الغيبوبة وشعرت بامتنان كبير لأني كنت على قيد الحياة. أكثر ما كنت أخشاه هو ردة فعل ابنتي، فقد كنت أحلم بها عندما كنت في الغيبوبة وكانت هي سبب تشبثي بالحياة». غير أن الأطباء قاموا بتحذيره من ردة فعل سكارليت إزاء هذا الوضع الجديد وأصروا على ضرورة زيارتها لطبيب نفساني ليهيئها لتقبل وضع أبيها. «كانوا يخشون من أن تنتابها حالة ذعر عند رؤية وجهه». وبالفعل، خضعت سكارليت لجلسات مع طبيب نفسي عدة مرات قبل أن تذهب لرؤية أبيها. «كنت جالسا في كرسي متحرك ولقد حرصنا على ألا تظهر تفاصيل وجهي. وضعوني في غرفة مخصصة للناس المحروقين وفجأة سمعت صوتها، كنت في غاية السعادة عندما سمعت ابنتي تتكلم وكأن شيئا لم يكن، استغرقت دقيقتين لتعرف أن ذاك الرجل صاحب الوجه الغريب الذي يرتدي سترة زرقاء كان أبوها. كانت تلعب بسيارة سباق صغيرة، وقالت وهي تضعها فوق ركبتي انظر أبي! كان علي مجددا أن أقاوم ذلك الشعور القوي بالبكاء لكني تمالكت نفسي وسألتها عن لون السيارة، لتجيبني إنها حمراء. لم يسمحوا لها بالجلوس على ركبتي بسبب الأنابيب إلا أنني تمكنت من معانقتها، وبمجرد ما ذهبت، بقيت في مكاني مذهولا فقد كان شعورا مروعا إلا أنني أحسست بالطمأنينة لأنها كانت معي. كنت مصرا على أن أمشي مرة ثانية». بعد شهر واحد، كان دالاس واقفا على قدميه ويحمل عكازه بيده، كان عليه أن يتعود على نمط حياته الجديد والقيام بقضاء حاجياته بنفسه، كالطبخ وتنظيف المنزل واستعمال الحاسوب، بل أكثر من ذلك، أصر دالاس على تحدي وضعه والتحق بالجامعة ليدرس بها القانون. وفي 11 يناير 2010 عندما اقترح عليه الأطباء إمكانية إجراء عملية زرع الوجه، كانت تبدو له الفكرة ضربا من الخيال إلا أنه تقبلها على الفور. «كنت أود أن أبدو شخصا عاديا من جديد من أجل سكارليت، أردت أيضا أن أقبلها من جديد» وبفضل المعجزات العلمية سوف يتحقق حلم دالاس.
حسب الأطباء عندما ستتم إزالة الضمادات من وجه دالاس سوف تتراوح ملامحه بين وجهه القديم ووجه الشخص المتبرع لكنه لن يستعيد النظر يوما، هذه العملية هي الأولى من نوعها في الولاياتالمتحدة وتم تمويلها من طرف الجيش الأمريكي.
الريادة الفرنسية في عمليات زرع الوجه خضع دالاس ڤينس لعملية زرع وجه في 21 مارس بمستشفى بوسطن، إلا أن أول عملية من هذا النوع رأت النور في يونيو 2010 بمدينة كريتيل الفرنسية، حيث قضى طاقم من جراحي «بوهدان بوماهاك»، والذي يتكون من 15 طبيبا، أكثر من 15 ساعة في عملية زرع وجه بأعضاء شخص متبرع في حالة موت دماغي يملك نفس فصيلة الدم، وتمت زراعة الفم والأنف والشفتين والعضلات والجلد والأعصاب التي تسمح باستعادة الحواس، ولقد خضع لهذه العملية رجل يبلغ من العمر 35 سنة في26 يونيو 2010 كما خضعت لها إيزابيل دينوار، التي سبق لها أن استفادت من عملية زرع جزئية في 2005 من طرف طاقم جراحي «بيرنارد دڤوشيل» التابع للمركز الاستشفائي الجامعي «أميين» وبعد مرور عام على هذه العملية استعاد الفم والأنف الحركة والحاسة. أما في الولاياتالمتحدة فعملية دالاس هي الأولى من نوعها حسب المستشفى الجامعي لبوسطن، ومع ذلك، تبقى مخاطر هذه العملية كبيرة إذا ما رفض الجسم هذه الأعضاء وإلى حدود الساعة، استفاد 11 شخصا في العالم من عملية زرع وجه كامل.